أعلنت الحكومة مؤخرا عن إعادة هيكلة الأجور بما يناسب مستويات المعيشة ووضع هيكل جديد للأجور سيتم الإعلان عنه قريبا, ويثار تساؤلا حول تأثير وضع جدين أدني وأعلي للأجور علي تكلفة التشغيل خاصة في القطاع الخاص مما يطرح تحدي حول وجود حلول لمشكلة التكلفة.
قال عبدالفتاح الجبالي نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام إنه رغم أن المنظومة التشريعية والدستورية أعطت أولوية لحق المواطن في الحصول علي أجر عادل مقابل أداء العمل وضرورة وضع حد أدني للأجور علي مستوي المجتمع وربطه بالإنتاج والإنتاجية.
وأشار الجبالي إلي وجود عوامل تؤثر علي منظومة الأجور منها ارتفاع نسبة الإعالة وعدم استقرار سوق العمل حيث يعمل بشكل دائم 79.6 من إجمالي المواطنين في سن العمل بينما يعمل 14.1% بشكل متقطع و8% بشكل مؤقت 5.5% بشكل موسمي.
وأكد الجبالي علي أن هيكل الأجور يعاني من اختلالات في التوزيع حيث يستحوذ القطاع الحكومي علي النسبة الكثيرة بقيمة 87 مليار جنيه خلال عام 2010 ويليها قطاع الصناعات التمويلية وتجارة الحملة والتجارة ثم قطاع التشييد وأروضح أن القطاع الخاص رغم استيعابه 70% من العمالة إلا أن نصيبه من الأجور علي المستوي القومي وصل إلي 55% من الإجمالي بما يعكس انخفاض متوسط الأجور في القطاع الخاص مقارنة بالقطاع الحكومي حيث وصل متوسط الأجر الشهري إلي 684 جنيها مقابل 576 جنيها لدي القطاع الخاص.
ومن جانبها قالت الدكتورة منال متولي أستاذة الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إن الأجور تعد في مصر الدخل الأساسي لقطاع عريض من المجتمع وقد تزايدت في الآونة الأخيرة مظاهرات العمال لزيادة الأجور والمرتبات لمواكبة ارتفاع الأسعار خاصة السلع الغذائية, وهو ما يدعو لإعادة النظر في هيكل الأجور المالي ودراسة سبل تحديد الأجور هل تكون وفقا للإنتاجية أم وفقا للتغيرات في مستويات الأسعار؟ وماذا عن الحد الأدني والحد الأعلي للأجور؟
وأوضحت منال أن إنتاجية الشغل في القطاع الصناعي منخفضة, فهي لا تزيد علي سدس نظيرتها في كوريا الجنوبية والأرجنتين ولا تزيد علي ثمن أو عشر إنتاجية العامل الأوربي في بعض الصناعات وتترك ضعف الإنتاجية تأثرها علي الأجر بطريقتين الأولي مباشرة وترتبط بتحسن إنتاجية العامل مما يعتبر مبررا مقبولا للمطالبة برفع معدلات الأجور وبطريقة غير مباشرة بتحمل الدولة للتكلفة الإضافية من أرباب العمل.
وأكدت متولي علي ضرورة وضع سياسة جديدة للأجور خاصة في الفترة المقبلة من خلال تحديد سياسة واضحة للحد الأدني للأجور.
وقال الدكتور حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي ورئيس أكاديمية السادات الأسبق إن الأجور تحتاج إلي سياسات مكملة للحد من الفقر بين المشتغلين وتتمثل هذه السياسات في دعم الطلب علي العمل في القطاع الصناعي من خلال تخفيض تكلفة عنصر العمل غير الأجرية حيث يتخوف البعض من أن رفع الحد الأدني للأجور في القطاع الصناعي يؤدي إلي ارتفاع أعباء الأجور ومن ثم تخفيض مستوي التشغيل ولذا يجب استخدام لاسياسات التي تحفز الطلب علي العمل خاصة بالنسبة لتشغيل الشباب والعمالة منخفضة الأجور ويمكن أن تقدم الحكومة البرامج التدريبية اللازمة لرفع إنتاجية العمال.
وطالب الدكتور محمد عبدالحي مستشار معهد التخطيط القومي بتفعيل دور المجلس الأعلي للأجور الذي يتطلب تعديل المادة 34 من قانون العمل لسنة 2003 لتعطي المجلس الصلاحية الكاملة في إقرار العلاوة السنوية وفقا لما يراه من تغيرات اقتصادية وتحديد نسبة الأجر العادل وفقا لمستوي المعيشة والتغيرات المتلاحقة وربطها بالتضخم ومستوي الأسعار.
كما تحتاج إلي آليات أخري مكملة لدور المجلس وأن يتم تشكيل لجان من الحكومة, وممثلي القطاعات المختلفة من المجتمع المدني والصناعي ومنظمات الأعمال وتفعيل دور النقاد حتي الجماعية لإرساء قواعد المشاركة من جانب أصحاب الأعمال.