طالت العقوبات التي فرضتها إدارة أوباما الأسبوع الماضي القائد الكبير في ##قوة القدس## التابعة لـ ##فيلق الحرس الثوري الإيراني##, محسن جيزاري. وبالنظر إلي جنسيته, يمكن للمرء أن يفترض أنه تعرض لعقوبات فيما يتعلق بالمساعي النووية للنظام الإيراني أو حملة هذا النظام علي المنشقين. والواقع أن جيزاري ورئيس ##قوة القدس## قاسم سليماني, والمنظمة نفسها, قد تم استهدافهم بسبب التحريض علي الاضطهاد في مكان آخر, ألا وهو: سوريا.
ووفقا للحكومة الأمريكية, إن الإيرانيين متواطئون في ##انتهاكات حقوق الإنسان وقمع الشعب السوري## التي يرتكبها نظام الأسد.
وإذا كان اسم جيزاري يبدو مألوفا, فقد يكون ذلك بسبب اعتقاله علي يد القوات الأمريكية في بغداد في ديسمبر .2006 ووفقا لما أوردته التقارير الإعلامية, احتجز جيزاري أثناء تواجده داخل مجمع الزعيم الشيعي العراقي عبد العزيز الحكيم جنبا إلي جنب مع قائد آخر لـ ##قوة القدس##. وقد ذكرت التقرير أنه تم اعتقال الرجلين وبحوزتهما تقارير مفصلة عن شحنات أسلحة إلي العراق, تشمل قذائف خارقة مليئة بالمتفجرات, من النوع التي كانت مسئولة عن وفاة عشرات الجنود الأمريكيين. وقد قامت الحكومة العراقية بعد ذلك بطرد جيزاري إلي إيران.
ولا يعد من باب المفاجأة أن يشاهد جيزاري في كل من البؤرتين الساخنتين. فحيثما وقع اضطراب, كان هناك جيزاري لمساعدة مثيري الشغب أو إشعال الأمور بنفسه.
وتجدر الإشارة هنا إلي أن ##قوة القدس## مسئولة مباشرة أمام المرشد الإيراني, آية الله علي خامنئي, وتعمل بمثابة الركيزة الأساسية في استراتيجية إيران الإقليمية. وتتولي إيران تمويل وتسليح الجماعات من أمثال حزب الله لتهديد إسرائيل ولإحباط بناء الديمقراطية في لبنان. كما أنها تسلح الإرهابيين في العراق وأفغانستان لإعاقة الجهود الأمريكية الرامية إلي إحلال السلام والأمن في هاتين الدولتين. وتعد ##قوة القدس## في جميع هذه الحالات الأداة المفضلة للنظام.
ابتهج زعماء إيران عندما أطاحت الانتفاضات الشعبية بخصميهما القديمين زين العابدين بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر. لكن من الواضح أن الصعوبات التي يواجهها الديكتاتور السوري بشار الأسد قد تسببت في قلق داخل طهران. فالأسد هو حليف قديم لإيران, وقد عملت سوريا في ظل قيادته كقناة باتجاه الشرق للمقاتلين الأجانب من أجل دخول العراق ومحاربة القوات الأمريكية, كما أتاحت تدفق الأسلحة الإيرانية باتجاه الغرب لتسليح حزب الله و حماس. إن دمشق هي بصفة أساسية عبارة عن ساحة من ##حرب النجوم## للإرهابيين في الشرق الأوسط, حيث توفر البيئة التي يستطيع فيها حلفاء إيران مثل حماس والجهاد الإسلامي التنسيق بينهما دون أي إزعاج أو مضايقة.
وإذا ما سقط الأسد, فسوف تنكسر حلقة وصل رئيسية في السلسلة الاستراتيجية لإيران عبر المنطقة. ورغم الاحتمالية بأن تجد إيران طرقا بديلة لتوفير الإمدادات لـ حزب الله, سواء عن طريق البحر أو الجو, إلا أنها ستفقد عمقا استراتيجيا وحليفا متحمسا. وعلاوة علي ذلك, إذا ألهم المتظاهرون في سورية نشطاء الديمقراطية في إيران علي مضاعفة جهودهم, فسوف يجد النظام الإيراني نفسه في خطر محدق. ومن ثم لا عجب في أنه أرسل ##قوة القدس## لمساعدة الأسد علي إيقاف ##الربيع العربي## عند عتبة بيته.
إن تورط إيران الأخير في سورية يجب أن يكون بمثابة نداء تحذيري. فالمساعدة المباشرة التي قدمتها إيران أثناء القمع الذي يمارسه النظام السوري قد جذبت انتقادات من جهات عديدة; بل إنها حتي وضعت طهران علي خلاف مع حلفائها السابقين مثل تركيا. لقد أسهمت أفعال إيران في حدوث تحول في منهج إدارة أوباما تجاه طهران. فبالإضافة إلي فرض عقوبات علي جيزاري وأمثاله, قال الرئيس أوباما في 22 نيسان/أبريل إن الأسد يقلد ##الأساليب الوحشية## لإيران.
وفي نهاية المطاف, لن تكون الكلمات والعقوبات القاسية كافية. فجيزاري ومغامراته في العراق وسورية تمثل جانبا واحدا من التهديد الذي تشكله إيران. وإذا ما تحققت آمال الولايات المتحدة بشأن الحرية والاستقرار في المنطقة, فسيتعين عليها التغلب علي جهود إيران الرامية إلي توسيع سلطاتها ونفوذها – وفوق كل ذلك منعها من امتلاك الأسلحة النووية التي ستزيد من مخططاتها لزعزعة الاستقرار.
وول ستريت جورنال