أثار قرار النائب العام المستشار الدكتور عبد المجيد محمود بالإفراج عن 70 م 154 متهما في أحداث شغب العمرانية، حالة من الارتياح المؤقت لدى أهالى المتهمين، مع قرب الوصول لصياغة وبوادر لتخفيف التوتر لدى الأقباط منذ أحداث الأربعاء 24 نوفمبر لإنهاء أزمة المتهمين بعد حبس دام 20 يوماً داخل سجن طره بعد أن نظر النائب العام للالتماسات المقدمة بشأن المحبوسين والإفراج عن الدفعة الأولى من المرضى والمصابين وطلبة المدارس الذين ينتظرون أداء الامتحانات فى الفترة القادمة، ومازال النائب العام يواصل فحص اللتماسات الأخرى بشأن جميع المحبوسين ومن المتوقع أن يتم الإفراج عن دفعة أخرى من 84 محبوسا خلال هذه الأيام حسب ما جاء على لسان هيئة الدفاع عن المتهمين .
“وطنى” انتقلت إلى العمرانية لرصد ردود الأفعال عقب الإفراج عن الدفعة الأولى من المحبوسين، حيث عبر أهالى المفرج عنهم عن فرحتهم بالإفراج عن أبنائهم والاطمئنان عليهم فى حين ظلت أسر المحبوسين الآخرين فى انتظار استكمال فرحتهم بالإفراج عن الباقيين، حيث تقف الأسر داخل كنيسة مارمينا تنتظر أى أنباء بالإفراج عن أسماء جديدة من خلال كهنة الكنيسة وهيئة الدفاع.
قال القمص مينا ظريف كاهن كنيسة العمرانية “إننا نشكر الله الذى أعطى نعمة للمسئولين، والسيد النائب العام الذى قدر الظروف الذى يمر بعض المرضى وبعض الطلبة وقام بالإفراج عنهم ولذا نحن نشكر السيد النائب العام وسوف نعبر عن شكرنا بما يليق من الأحاسيس الطيبة، و نحن مازالنا نقدم الالتماسات للنائب العام للإفراج عن الآخرين قبل الاحتفالات بعيد الميلاد المجيد حتى تكتمل فرحة أهالى العمرانية، ونحن نسعى من ذلك تقديم صورة مشرفة لبلادنا من خلال اكتمال الاحتفالية باستقبال الأبناء والمسئولين معا مثل كل عام ونستقبلهم لأن سعادتنا واحتفالنا لن يكتمل دون وجود أبنائنا معنا ونريد أن تصل لهم عبارات ورسائل تعزز قيم الوطنية والانتماء والعدل لديهم ويشعرون بوجود من يساند العدالة ويساندهم، وخروجهم جميعا سوف يمسح ذاكرة الآلام التى عشناها على مدار العشرين يوما الماضية، ويكون للكنيسة موقف قوى لشكر السيد رئيس الجمهورية والسيد النائب العام لترسيخ المواطنة بين جميع أبناء الوطن الواحد، والذى سوف يعكس بدورة صورة مصر بالخارج ويهدئ من ثورة غضب الأسر المصرية بالمهجر الذى تتألم لاستمرار حجز أبنائهم وذويهم حتى الآن ويغلق الباب أمام أى محاولات لتأجيج الأوضاع، ونحن فى وقت بلادنا تحتاج فيه للمساندة وتوحيد الصفوف، وتأكيد روح المواطنة لغلق الأبواب ضد المغرضين الذين يريدون تعكير سلام وصفو هذا الوطن”.
وأضاف القمص مينا:” نحن نتوجه بالشكر لمصلحة السجون والقائمين على سجن طرة لحسن المعاملة لأبنائنا خلال فترة الحبس الاحتياطى، وهذا ما أكده الأبناء بعد خروجهم بعد معاناتهم لمدة يومين بالكيلو عشر طريق اسكندرية والذين قضوا فترة اتحاد بالله داخل محبسهم، وهم يصلون دائما حتى استجاب الله لهم بخروجهم وننتظر استكمال عمل الله بخروج الآخرين، وأن لا تكون هناك أى مساومات من أى نوع بشأن الإفراج ومبنى الكنيسة الجديد”.
وحول وضع مبنى الكنيسة الجديد الذى مازال تحت الحراسة الأمنية قال القمص مينا إن المبنى حدثت به تلفيات كثيرة، ولكن نحن لن ننظر لهذه الخسائر أمام حب الوطن، وأننا مازالنا نتمسك بوعد المحافظ الذى قال لنا: ” مبروك عليكم الكنيسة “، ولقد أعجبنى مقال للكاتبة فاطمة ناعوت بالمصرى اليوم عندما قالت: ما الضرر فى وجود كنيسة وتسألت هل الكنيسة منشأة نووية تستدعى كل هذه العراقيل، وما الذى يضر المسئولين فى إنشاء كنيسة تعلم الناس المحبة وحب الوطن وحب الجار والبذل والعطاء والأخلاق الحسنة ونبذ العادات السيئة”، وهذا ما اتفق فيه مع الكاتبة، فنحن لا نقول “اشمعنى بناء المساجد بدون ترخيص”، ولكن يسرنا أن يكون جنب كل كنيسة مسجد، والاثنان يمجدان اسم الله، ونحن أمامنا أقيم مسجد وفى الايام الماضية تم افتتاح مسجد خلف المبنى الكنسى وبدون تصريح بعد تحويله من مبنى سكنى وتم ارتفاعه ثلاثة أدوار، ورغم ذلك نحن نرحب ولكن نطلب المساواة فى عبادة الله ونحن لا يغضبنا افتتاح مسجد بدون تصريح أو بدون أى معوقات، فنحن نسعد وكما نفرح لإخواننا المسلمين نريد إخواننا المسلمين أن يفرحوا لنا ..
وأكمل “ونتمنى من الله أن يحنن قلب المسئولين لإنهاء الأزمات المتكررة بشأن بناء الكنائس، ويكفى أن نقول إن الأقباط بمنطقة العمرانية والطالبية يبلغون 90 ألف نسمة لا تخدمهم سوى أربع كنائس لا تكفى لسعة هذه الأعداد الضخمة ونحتاج إلى ست كنائس أخرى، ولكن نحن لم نطلب سوى النظر برحمة القانون لهذا المبنى الكنسى الذى تكلف أموالا ضخمة من قوت فقراء الأقباط” .
وكان بعض الأهالى تساءلوا عن التمييز ضدهم فى حين تم تحويل جزء من مبنى إلى مسجد باسم مسجد الإخلاص تم تشطيبه مع بدء حصار الأمن للكنيسة. حيث لا يبعد عن مبنى الكنيسة أكثر من 70 مترا، وقاموا بالصلاة فيها الجمعة الماضية، دون أى عراقيل أو تصريحات فلماذا التعامل مع الكنائس بهذه الطريقة رغم حصولها على تصريح.
التقت “وطنى” ببعض المفرج عنهم لرصد أوضاعهم وتداعيات القبض عليهم. نشير هنا إلى الحروف الأولى من أسمائهم.
فيقول ج. ” 34 عاما ” كنت فى طريقى لتوصيل أبنائى للمدرسة فى الساعة السابعة صباح الأربعاء، وأثناء عودتى تم إيقافى وسؤالى “قالوا أنت مسيحى قلت لهم نعم”، فتم القبض عليّ وقاموا بحبسنا فى سيارات الأمن على الدائرى، وتم الاعتداء علينا من قبل جنود الأمن المركزى قبل ترحيلنا إلى الكيلو عشرة، وهذا ما تم مع أغلبية الذين قبض عليهم من الشوارع بشكل عشوائى، فأنا لم أكن بالمبنى، ولم أذهب إليه ورغم ذلك وجهت لى اتهامات لا أعرف عنها شئ فى بداية التحقيقات، ولم يحضر معنا أى محامى للدفاع عنا. وبعد تحقيقات النيابة تم ترحيلنا لسجن طرة حيث تم تقسيمنا على العنابر، حيث شمل كل عنبر 32 قبطيا وكان معنا مصابون وآخرون مسنون، وللحقيقة نحن وجدنا معاملة جيده من إدارة السجن على مدار فترة الحبس ولا سيما المصابين برصاص وكسور، حتى تم إبلغنا بقرار الإفراج فجأة ونحن لا نعلم حتى الآن وضعية تنفيذ القرار تمت على أى أساس لا سيما أن جميع المحبوسين متشابهين فى نفس الظروف والقبض عليهم، ولكن نشكر الله لخروجى من أجل أطفالى، وأتمنى خروج الآخرين فى أقرب وقت، نحن وصلنا خبر الإفراج فجأة وجاء اسمى ونحن لا نعلم على أى أساس تم الإفراج عن مجموعة والبقاء على الآخرين، لأن جميع المحبوسين مثل الذين أفرج عنهم ليس لهم علاقة بالوضع، وكان تم إحضار المصابين فى اليوم الثانى، وهناك مصابون برش فى أجزاء متفرقة بالجسم”.
أما ع. 30 عاما قال ” كنت متطوعا للعمل بالمبنى وكنا نعمل برفع الخرسانة فجر الأربعاء وفؤجئنا باقتحام الأمن لمبنى الكنيسة، وأطلقوا قنابل مسيلة للدموع داخل المبنى ففر البعض من الباب الخلفى بعد اختناقهم من الدخان، فحين أصيب آخرين بطلقات الرشاش داخل المبنى، حيث قام جنود الأمن المركزى باقتحام الكنيسة، وقاموا بالاعتداء علينا بالعصى وأخشاب المبنى، حتى إننى أصبت بجرح بالرأس وكدمات بالجسم، وألقوا القبض على ومعى آخرين بعد سحلهم بالضرب من جحافل جنود الأمن الذين كانوا يضربون دون رحمة، وأكثر ما أتذكره عندما كان شخص قبطى ينزل من الدور الأعلى رافعا يده وهو يصرخ وبغرابة يطلق أحد الضباط طلقة رش استقرت بعض أجزائها فى عين الشخص الذى سقط أرضا، وتم القبض عليه وهو ينزف، وأشار: تحدثنا أمام النيابة فى عدم حضور المحامين وتم نفى وجود أى أسلحة أو مفرقعات معنا عند سؤالنا من النيابة، وتحدثنا بما حدث لنا من اعتداء والقبض علينا دون أن نقوم بأى أعمال عنف، وأضاف أن الطب الشرعى لم يقم بالكشف عليهم داخل السجن سوى بعد سبع أيام من حبسهم، وكان البعض إصابته مالت للشفاء وشكر النائب بقرار الإفراج وتمنى الإفراج عن الآخرين، وتساءل قائلا :” نحن لا نستحق ما حدث لنا فكل ما نتمناه كنيسة نصلى فيها، فهذا ليس وكر مخدرات حتى يمارس الأمن هذه الأفعال الوحشية معنا”.
أما م. 17 عاما قال إنه جاء من الصعيد للعمل بعض الأيام أثناء الإجازات لتوفير مصاريف الدراسة، حيث إنه يدرس بالدبلوم الفنى، وقال إنه كان يعمل مع مقاول الكنيسة، حيث تم القبض عليه من داخل المبنى بعد تلقى رشاش بالظهر، وأضاف أنه تلقى معاملة جيدة بسجن طرة، وأنه سيقوم بالعودة للصعيد للاستعداد للامتحانات، ولكنه فى انتظار رد محتوياته الشخصية التى تم مصادرته قبل حبسه، منها إثبات الشخصية وبعض المبالغ المالية البسيطة.
أما ن. 44 عاما يعمل عاملا بإحدى الشركات الكبرى كان بالكنيسة صباح الأربعاء وفوجئنا بالهجوم على المبنى”قاموا بطلاق القنابل علينا وضربوا الخرطوش وأنا لا أرى شئ من الدخان، ولكن أصبت بعدة طلقات من الخرطوش وتوزع الرش بالساق وذراعى ويدى واخترق الرش يدى من الجانب الآخر”- كانت ومازالت طلقات الرش تبدوا واضحة فى مناطق مختلفة بجسمه – ورغم إصابتى قام الأمن بسحبى زحفا على الأرض وأنا غير قادر على الكلام، وتم نقلى للمستشفى وتم ربطى بالكلابش فى سرير المستشفى لمدة يومين، وبعدها تم نقلنا إلى السجن وهناك كانت معاملة جيدة، وأضاف لم نكن نتوقع أن يحدث معنا هذه الاعتدات والسب من قبل جنود الأمن، وكأننا أعداء أو تجار مخدرات فنحن لا نطلب أكثر من الصلاة لله، فهل الصلاة أصبحت جريمة تستحق الضرب، وإطلاق الرصاص الحى؟، ولكن فى النهاية نحن نشكر النائب العام لقرار الإفراج، ونتمنى الإفراج عن الآخرين لأنهم لم يفعلوا شيئا، فجيمعهم قبض عليهم بدون ارتكاب أى ذنب.
أما م. 56 سنه مصاب بكسور فى الساق قال إنه كان داخل المبنى الكنسى قبل الهجوم عليهم حيث فوجئ بجنود الأمن المركزى يعتدوا عليه بعد وقوعه على الأرض باستخدام العصى وأسفر عن كسر فى ساقه، وأضاف: أتمنى أن يكمل النائب العام قراره العادل بالإفراج عن الآخرين حتى تستريح قلوب أسرهم لاسيما أن هناك عدة أفراد من أسرة مازالوا محبوسين.
من جانب آخر نظم الأقباط بالولايات المتحدة صلاة حاشدة بمدينة نيويورك من أجل السلام داخل مصر ومساندة المحبوسين فى أحداث العمرانية الأخيرة، وشارك فى الصلاة بعض أساقفة الكنيسة بالولايات المتحدة وعدد من الآباء الكهنة، وعقب انتهاء الصلاة توجة بعض الأقباط فى مسيرة إلى مبنى الأمم المتحدة للمطالبة بالتزام مصر بالمواثيق الدولية واحترام حقوق الإنسان.
==
س.س
ديسمبر 2010