إن الجريمة اللا إنسانية التي حدثت موخرا أثبتت أن حي إمبابة الشعبي جدير أن تلتصق به الألقاب التي أطلقت عليه منذ فترة طويلة.منها الصين الشعبية,وجمهورية الإرهاب, وعاصمة التدين والتطرف,حيث كان لإمبابة السبق أن تكون معقل الكثير من الجماعات الدينية المتطرفة التي كانت تقف وراء موجات العنف والتفجيرات التي شهدها الشارع المصري في تسعينيات القرن الماضي,حتي إن البعض أطلق عليها في هذه الفترة اسمجمهورية إمبابة الإسلاميةالتي تأسست أعمدتها علي تمويل شخص يدعي الشيخ جابر, ذلك الشخص المنتمي إلي الجماعة الإسلامية التي شنت هجمات مسلحة متقطعة ضد الحكومة إلي أن تمكنت من القبض علي الشيخ جابر الذي كان يعمل طبالا وبلطجيا سابقا بمساعدة أهالي حي إمبابة.
ومن مظاهر الدماء والتطرف في جمهورية إمبابة في فترة التسعينيات استطاع الكاتب والسيناريست وحيد حامد أن ينسج من خيوط الواقع الدامية قصةدم الغزالوالتي تدور أحداثها حول جابر الطبال الذي تلقفته جماعة متطرفة وحولته إلي زعيم ديني لها, وفرضت من خلاله سطوتها علي حي إمبابة… وبهذا ألقي المؤلف الضوء علي أسباب انتشار الإرهاب المتمثل في الفقر والبطالة اللذين تعاني منهما نسبة كبيرة من سكان حي إمبابة العشوائي… نشاهد هذه القصة في فيلم سينمائي قامت بإنتاجه شركة روتانا عام2005,ورغم عدم تحقيق الفيلم لإيرادات عالية إلا أن كل أبطاله صرحوا بأنهم قدموا عملا فنيا متميزا,حيث جسد النجم نور الشريف دور النبيل الذي يصدم من التغييرات في المجتمع ويشارك في الفيلم الفنانة مني ذكي التي تجسد الفتاة الفقيرة حنان التي تنتقل لتعيش مع سيدة برجوازية جسدت شخصيتها في الفيلم الفنانة يسرا,أما الفنان محمود عبد المغني فقد أستطاع أن يجسد شخصية جابر الطبال الذي تحول إلي زعيم ديني يكفر معظم الموجودين بحي إمبابة,ويقيم الحد ويقطع يد أحد اللصوص, الذي قام بتجسيده الفنان عمرو واكد.
عيون كفيف..تبرق بالأمل
أيضا شغل حي إمبابة نصيبا كبيرا في أدب الروائي إبراهيم أصلان الذي نشأ في هذا الحي,وظل لهذا المكان حضور كبير في أعماله الأدبية خاصة روايته الشهيرةمالك الحزينالتي صنفت ضمن أفضل مائة رواية في الأدب العربي وحققت له شهرة كبيرة وتدور أحداث هذه الرواية في حي إمبابة وتحديدا في منطقة الكيت كات,وذلك من خلال أكثر من150 شخصية قام المؤلف بالمزج بينهم بصورة جميلة,ومن الشخصيات الرئيسية في الرواية يوسف الذي يعمل نجارا وهو شاب مثقف يعيش وحيدا وحزينا في حي إمبابة,فاطمة فتاة بسيطة فقيرة تحب يوسف من طرف واحد وتحاول أن تغويه, الشيخ حسني شيخ ضرير يعيش في المنطقة ويعاني من اغتراب ووحدة يحاول أن يتكيف معها بطرق طريفة ومضحكة,المعلم صبحي التاجر الغني الذي يحاول أن يشتري القهوة الرئيسية في المنطقة والتي تمثل معلما بارزا في حياة الأبطال ليقوم بهدمها وبناء عمارة محلها,المعلم عطية صاحب المقهي, عبد الله القهوجي الذي يري المقهي يباع أمام عينيه وهو لايستطيع أن يفعل شيئا,الأسطي قدري الإنجليزي رجل كان عمله طوال حياته مع الإنجليز ثم بعد الجلاء أصبح مغتربا عن عالمه إذ يشعر أنه ينتمي إلي المجتمع الإنجليزي الراقي علي الرغم من فقره وسكنه أحد أفقر أحياء مصر.
كتب الروائي إبراهيم أصلان هذه الرواية في الفترة من 1972 وحتي1981 أي في حوالي تسعة أعوام,وتم تحويلها إلي عمل سينمائي بعنوان الكيت كات علي يد داوود عبد السيد عام 1991,وقد تم تغيير بعض الشخصيات ولكن مع الاحتفاظ بالخط الأساسي للرواية… وقام بتجسيد الفيلم مجموعة من الفنانين منهم محمود عبد العزيز,عايدة رياض,شريف منير وغيرهم,وقد تم عرض الفيلم في تسعينيات القرن الماضي محققا نجاحا كبيرا,ورسمت شخصية الشيخ حسني الكفيف كراصد ليوميات أبناء الحي ونبض لهمومه الحقيقية التي يتسامي عليها رغم فقدانه البصر وزوجته وعمله ,يعيش مع أمه المسنة وابنه الشاب المحبط,دون أن يتخلي عن الأمل والبسمة والضحكة,وينطق للتعبير عن هوايته للغناء ليلا في جلسات تدخين المخدرات لينسي واقعه المظلم بعد بيع منزله.