يقول السيد المسيح من قبل نبيا لأنه نبي فأجر نبي يأخذ, ومن قبل بارا لأنه بار فأجر بار يأخذ, ومن سقي أحد هؤلاء الصغار كأس ماء بارد لأنه تلميذ فالحق أقول لكم أنه لا يضيع أجره (مت10:41, 42).
عندما نحتفل بالقديسين ونكرم القديسين ونعطي عطاء باسم أحد القديسين مثل النذور, هذه المسألة ليست جائزة أو مشروعة فقط, بل المسيح له المجد يعطيها قيمة, المسيح يريدنا أن نكرم القديسين, ونمجد القديسين لأن في تمجيد القديسين تمجيدا للفضيلة التي تمثلت فيهم, هؤلاء نماذج أمامنا نتعلم منهم, هؤلاء قدوتنا, الكنيسة تقدم قديسيها كعينات استطاعت أن تحيا حياة الإنجيل, فهم نماذج أمامنا, النموذج والأمثولة التي نتمثل بها حتي لا نحتج بأن تعاليم المسيح تعاليم عسيرة وصعبة, لا… يوجد من استطاعوا أن يصلوا, والمسيح يريدنا أن نعمل مثلهم, فنحن عندما نقدم العطاء أو النذور بأسماء القديسين هو أمر مطلوب وليس مجرد أمر مشروع, انظروا مريم أخت لعازر عندما سكبت علي رأس المسيح قارورة الطيب كثيرة الثمن, من الناحية الإيجابية السيد المسيح نظر للمرأة, لكي يرفع معنوياتها لأنها أهينت وحكم عليها, وانتقدت شر انتقاد واعتبرت مبذرة ومتلفة, قال المسيح لا تزعجوها إنها عملت بي عملا حسنا, إنها كفنتني بهذا الطيب تكفينا مسبقا, باقي ستة أيام وأصلب وأموت وأكفن كما يكفن الموتي, ويضمخ جسدي بالطيب كما فعل يوسف ونيقوديموس, فمريم سبقت هؤلاء جميعا, المسيح حول القضية بدلا من أن تكون المرأة موضع انتقاد أعطاها هذا الشرف, وأكسبها هذا العمل هذا المجد, أنها شرفت قبل يوسف ونيقوديموس وقبل السيدات الأخريات بأن تكفن جسد المسيح, وأنها تكفنه مسبقا, هنا المسيح أكسب الموضوع أهمية برفع معنوية المرأة, وبين أن عملها هذا عمل كبير وعمل عظيم, ثم يقول الحق أقول لكم حيثما يكرز بالإنجيل في العالم يخبر بما فعلته هذه المرأة إحياء لذكرها فالمسيح يريدنا أن نكرم القديسين, أمر, حيثما يكرز بالإنجيل في كل العالم يخبر, أي يجب أن يخبر بما فعلته هذه المرأة إحياء لذكرها, لذلك نقول في المجمع في القداس هذا هو أمر ابنك الوحيد أن نشترك في إحياء ذكري قديسيك تفضل يارب أن تذكر جميع القديسين الذين أرضوك منذ البدء آبائنا البطاركة ورؤساء الأنبياء والرسل والمبشرين والإنجيليين والشهداء والمعترفين وكل أرواح الصديقين الذين تكلموا في الإيمان وبالأكثر القديسة الممتلئة مجدا لأن الله مجدها فأضفي عليها مجدا فصارت ممتلئة مجدا, ممتلئة كرامة منذ الآن جميع الأجيال تطوبني حتي المرأة في وسط الجماهير لم تقدر أن تضبط نفسها عندما سمعت جمال حديثه, فقالت له: طوبي للبطن الذي حملك وللثديين اللذين أرضعاك وهي لا تعلم من هي مريم لكن أعطتها الطوبي, لأنها رأت أنها استحقت أن تقدم للإنسانية وللبشرية السيد المسيح معلم المعلمين, طوبي للبطن الذي حملك وللثديين اللذين أرضعاك, وطوبتها أليصابات وهي في التسعين من عمرها, تكلم بنت عمرها 13 سنة, فعمر أليصابات سبعة أمثال عمر مريم, وأيضا هي امرأة رئيس كهنة ومكانتها الاجتماعية كبيرة, تقول: من أين لي هذا الشرف أن تأتي أم ربي, أم ربي, لذلك نقول والدة الإله هذا تعبير الإنجيل, وهذا ما نطق به الروح القدس علي فم أليصابات, من أين لي أن تأتي أم ربي, من هو الرب؟ يهوه الأزلي الأبدي أدوناي الدائم الذي لا بداءة له ولا نهاية, نعم والدة الإله وبحق لأن الذي خرج من أحشائها الإله المتجسد هوذا العذراء تحبل وتلد ابنا ويدعون اسمه عمانوئيل إيل تعني الله عمانو تعني معنا, عمانوئيل معناها الله معنا. إذن من الذي ولد من العذراء؟ الله, إذن العذراء والدة الإله, هذا التعبير حق, الملاك يقول لها القدوس المولود منك يدعي ابن الله قدوس, لا يوجد بشر يقال له قدوس, نقول عن البشر قديس, إنما قدوس هو واحد, نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضا قديسين في كل سيرة, وكلمة ابن الله ليس معناها أن الله يلد, ولكن لأنه التجلي الإلهي والصورة المنظورة لله الذي هو بطبيعته غير منظور, هذا هو معني أنه ابن الله أي الصورة الظاهرة, التجلي, عظيم هو سر التقوي, الله ظهر, الله تجلي, الله ظهر في الجسد والكلمة اتخذا جسدا في إنجيل يوحنا اتخذ جسدا, استتر في الجسد, احتجب في الجسد, إنما هو الله, لكي نقدر أن نراه, أليصابات عندما نطقت وقالت من أين لي هذا الشرف…. هذا الكلام ليس من عندها, بل نطقت به الروح القدس, إذن هذا الكلام هو حق إلهي, هو إعلان إلهي.
فمهما عملنا من تمجيد للعذراء مريم, أولا نحن نمجد الفضيلة فيها, وأيضا ننفذ ونحقق ما يريده الله لأن الله يريد أن هؤلاء القديسين يمجدون, يكافأون بتقدير من الكنيسة عن عملهم, خصوصا أنهم رحلوا للعالم الآخر فلن يصيبهم الغرور, لكن هذا واجب علينا, واجب الوفاء نحو الذين عاشوا مصابيح منيرة أمامنا, أناروا لنا الطريق وعلمونا, فهم آباؤنا, تتلمذنا عليهم, رأينا فيهم السيرة, رأينا فيهم التعليم, فمن حقهم علينا ومن واجبنا نحوهم أن نمجدهم. فإذا مجدنا العذراء مريم فلأنهم في تمجيدها تمجيد للفضيلة, وأيضا في تمجيدها وفاء, وفاء منا نحوها, تقدير منا لها, وهذا واجبنا.
المسيح شفي عشرة رجال برص, فلما تطهروا واحد فقط منهم رجع لكي يشكر المسيح, فقال ألم يرجع ليعطي مجدا لله غير هذا السامري غريب الجنس أين التسعة, مؤكدا أن المسيح عندما عمل الخير, لا يصنعه لكي يأخذ مقابل أو محتاج لهذا الشكر أبدا, لكن أيضا يبين لنا أنه من اللياقة ومن الأدب أن الواحد عندما يصنع معه خير يشكر, المشكور لن يزيد شئ خصوصا إذا كان هو المسيح, لكن يصعب عليك إذا صنعت خيرا في إنسان وتجده يتنكر لك أو لا يشكرك, فمن واجبنا وهذا برهان علي الفضيلة فينا أننا نمجد الأفاضل, نعطيهم حقهم, واجبنا نحو القديسين أن نمجدهم وأن نشكرهم وأن نتحدث بأعمالهم لكي تكون هذه الأعمال نموذجا أمام الناشئين.
إذن إذا قدمنا النذور وقدمنا التمجيدات التي يتكلم المسيح عنها, عندما يقول من قبل نبيا لأنه نبي فأجر نبي يأخذ, فجعل الأجر كبيرا لأنه عندما أعطي, أعطي باسم أنه نبي, وعندما يكرم هذا النبي يكرم الله, الله يفرح أكثر لأنه يقول أن من يكرم النبي فهو يكرم المسيح لأنه منسوب لسيده, فهذه الكرامة راجعة إلي الله.
فتكريمنا للعذراء مريم وتمجيدنا للعذراء مريم يرجع إلي الله لأنها أمه, وأيضا هي التي عاشت معه واحتملت, كيف نكون نحن أقل وفاء من أي إنسان آخر, المسيح علي الرغم من أنه لم يكن يريد أن يصنع المعجزة, لكن من أجل مريم صنعها, ولذلك علي الرغم من أنه قال لها لم تأت ساعتي بعد, لكن رأت علامات وجهه هي علامات الرضا, فذهبت للخدم وقالت كل ما يأمركم به افعلوه لأنها فهمت من علامات وجهه أنه سيصنع شيئا وأنه سيستجيب بلها, الكتاب المقدس يقول وكان خاضعا, عظيم مجدك يا مريم, المسيح ملك الملوك يخضع لمريم, وهنا الخضوع ليس فقط الصورة المثالية والنموذجية لابن نحو أمه, ولكن هنا الخضوع بمعني تلبية طلباتها, ورغباتها.
فلما يكون المسيح خاضعا لمريم, أي شرف نالته مريم؟! أن رب المجد يصير خاضعا لها, يلبي نداءها ويقبل شفاعتها, إذن تكون غباوة منا لو أننا لم نستفد, ونستغل مجد مريم, ودالة مريم, نستغلها, أي نستفيد بها, خسارة أن يكون عندك شئ ولا تستخدمه, خسارة عليك إذا أنت لم تستغل شفاعة مريم, إذا لم تستغل مكانة مريم ودالة مريم, اطلب أي طلب, لكن طلب روحاني, ليس طلب مادي ولا جسداني لأن مريم ليست مادية, مريم نموذج الروحانية, فاطلب وزد في الطلب, اطلبوا أولا ملكوت الله وبره, وهذا كله يزاد لكم, إن كانت هناك مشكلة, إن كانت هناك صعوبة, إن كانت هناك عداوة, إن كانت هناك مقاومة, اطلب عن طريق مريم, لأن مريم المسيح خاضع لها, نالت هذا الشرف أن يلبي نداءها, وأن يعتبر ما تقوله مريم كأنه أمر صدر منها كأم, وهو بجلاله يتفضل فيخضع لما تطلبه مريم.
إذن نحن أغبياء لو لم نستغل شفاعة مريم, ودالة مريم, ومحبة مريم, ومركز مريم عند المسيح لنطلب ونعلي الطلب, أي طلب؟, مريم شفاعتها فوق الملائكة ورؤساء الملائكة, لذلك في الكنيسة نقول شفاعة مريم قبل أن نقول شفاعة سبعة رؤساء الملائكة, نعم, الملكة أم الملك.
فلتكن بركاتها علينا جميعا, وهي شفيعتنا, وهي سفيرتنا, وهي فخر جنسنا, الرب يبارككم جميعا, ويحفظكم جميعا, في محبته ومخافته, ويجعلنا دائما نتمثل بإيمانها وصبرها واحتمالها وأيضا بفضائلها التي تزينت بها, لإلهنا الإكرام والمجد إلي الأبد آمين.