وقع الرئيس أوباما مصادقا علي مشروع قانون أصبح قانونا ساريا من شأنه أن يعيد تشكيل النظام المالي الأمريكي بصورة أساسية ولأول مرة منذ فترة الكساد الكبير, ويوفر ضمانات أكثر ضد تجاوزات سوق المال وول ستريت وحماية المستهلكين من منتجات السوق ومشتقاتها.
وقال الرئيس أوباما في مراسم توقيع القانون في البيت الأبيض في 21 يوليو الماضي إن القانون سيفيد المستثمرين والمستهلكين وصناعة المال ذاتها.
وأضاف الرئيس أوباما قائلا ##إن نظامنا المالي سيعمل بنجاح _ وأسواقنا ستكون حرة _ عندما تكون هناك قواعد واضحة وضمانات أساسية تحول دون سوء الاستعمال وتوقف التجاوزات وتكفل أن يكون الالتزام بالقواعد أكثر ربحا وفائدة من الاحتيال علي النظام. وهذا هو ما صممت الإصلاحات لتحقيقه, لا أكثر ولا أقل.##
وكان مجلس الشيوخ قد أقر مشروع القانون في 15 يوليو بعد أن كان مجلس النواب قد وافق عليه في يونية.
والهدف الصريح من هذا الإجراء هو التقليل من خطر نشوب أزمة مالية كبيرة في المستقبل.
وجاء اتخاذ هذا الإجراء محاولة لمعالجة ما يراه واضعو القانون الأسباب الأساسية للمشاكل المالية الأخيرة. فهو يوسع إشراف الحكومة بحيث يشمل نطاقا أوسع من المؤسسات والأدوات المالية ويمنع المصارف من المتاجرة والمضاربة بالأموال المدعومة من دافعي الضرائب لتحقيق مكاسب خاصة, كما يجعل الأدوات المالية المعروفة بالمشتقات أكثر شفافية ويخضع المتعاملين بها لقدر أكبر من المحاسبة, ويمنح المشرفين علي التنظيم صلاحيات جديدة في وضع معايير أشد علي أكبر المصارف وأكثرها ترابطا, وذلك علاوة علي تقسيم أو تصفية المؤسسات المالية غير المصرفية التي يتقرر أن فشلها يشكل تهديدا للنظام المالي كله.
وكان نائب وزير المالية نيل ولين قد صرح في 15 يوليو بقوله إنه ##نتيجة لذلك لن تكون أي مؤسسة محصنة ضد عواقب أعمالها … فالقانون يجعل من الواضح جدا أن دافعي الضرائب لن يطالبوا أبدا بتحمل تكاليف فشل أي مؤسسة مالية.##
والمعروف أن وزارة المالية والبنوك المركزية والمشرفين علي التنظيم المالي قد جاهدوا خلال عامي 2008 و2009 للتوصل إلي حلول خاصة عاجلة للحيلولة دون إفلاس بنك الاستثمار بير ستيرنز وشركة التأمين العملاقة, المجموعة الأمريكية الدولية AIG, التي خشي المنظمون أن يتسبب إفلاسها في اضطراب اقتصادي. وكانت النتيجة أن الحكومة ضخت أموالا عامة في شركة التأمين وبعض المصارف التجارية لإنقاذها من الفشل.
ينص القانون علي إنشاء هيئتين هما: مجلس المنظمين ووكالة الحماية المالية للمستهلك. مهمة المجلس هي التعرف علي المخاطر التي يتعرض لها النظام المالي برمته ووضع التوصيات الكفيلة بتخفيف تلك المخاطر مثل مضاعفة الإشراف ومعايير أشد لاحتياطي رأس المال بالنسبة لمؤسسات مالية معينة. أما وكالة حماية المستهلك التي ستنشأ ضمن جهاز البنك المركزي الأميركي فستكون مقتصرة علي حماية المستهلكين الذين يستخدمون المنتجات المالية مثل قروض شراء المنازل وبطاقات الائتمان. وقد ظهر أن إنشاء مثل هذه الوكالة كان من أشد الأمور إثارة للمعارضة والجدل طوال سنة من النقاش الذي دار حول الإصلاحات.
وقد احتلت الإصلاحات رأس برنامج عمل ثلاثة اجتماعات قمة عقدتها مجموعة العشرين التي تضم أكبر اقتصادات العالم. وتعهدت مجموعة العشرين في اجتماعها في يونية بكندا بالعمل علي تقدم الإصلاحات المالية التي تهدف إلي تعزيز تنظيم أسواق المال العالمية.
ماذا بعد؟
علي الرغم من أن معظم المشرعين والخبراء وقادة صناعة المال متفقون علي أنه سيكون للقانون الجديد تأثير فعال علي سوق وول ستريت المالية وعلي الاقتصاد بصفة أعم, فهم مختلفون علي نتائج محددة. فالديموقراطيون والخبراء الميالون إلي الليبرالية يرحبون بالقانون ويشيدون به كتدبير فعال يشكل ضمانة ضد نشوب أزمة مالية خطيرة علي غرار التي حدثت نتيجة لانهيار سوق الإقراض والرهونات المجازفة بمعدل أقل من الفائدة الأساسية في العام .2007 أما الجمهوريون والخبراء المحافظون فقد نددوا بالقانون الذي رأوا فيه تماديا لسلطة الحكومة ولا يحتمل أن يمنع حدوث أزمة مالية في المستقبل. وقال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ السناتور ميتش ماكونل إن القانون بدلا من ذلك ##سيمنع الإقراض ويجمد الائتمان.##
ويعتقد المراقبون في مؤسسة أمريكا الجديدة الليبرالية بأن التأثير الكامل للقانون الجديد لن يظهر بوضوح قبل مضي سنين. فهو يترك كثيرا من التفاصيل المحددة لاجتهاد المنظمين وتصرفهم ومنها العوامل التي تحدد ما إذا كانت مؤسسة ما أكبر من أن تفشل أو ما هي المعايير المعقولة. ويقول جاستين كينغ في مدونته في موقع المؤسسة علي الإنترنت إن ##المصادقة علي القانون الجديد هي مجرد بداية حرب طويلة## بين المروجين لمصالح الصناعة المالية والمدافعين عن المستهلكين.
والملاحظ أن القانون لا يتطرق إلي معالجة مشاكل رئيسية في سوق الإسكان والمنازل التي كانت السبب في تفجر الأزمة, مما يراه الجمهوريون ضعفا في القانون. إلا أن نائب وزير المالية ولين قال إن حكومة أوباما تنوي معالجة هذه المشكلة في العام 2011 ##فمن الواضح أن نظام تمويل الإسكان لا يمكن أن يستمر في العمل كما كان الحال في الماضي.##
يو إس جورنال