أنا زهقان من حياتي.. – مخنوقة مش عارفة مالي.. عبارات كثيرة تتردد علي ألسنة أبنائنا خاصة من هم في المرحلة الثانوية فنجدهم سريعي الغضب ويميلون في كثير من الأحيان إلي القلق والاكتئاب, ويتعرضون لتقلبات مزاجية عنيفة وفي المقابل قد تكون هناك ضغوطات عليهم من قبل الأهل لاجتياز الثانوية العامة أو الدبلوم بنجاح والحصول علي مجموع كبير مما يزيد من حدة هذه الحالة لديهم, فهل القلق والاكتئاب يعدان سمة من سمات هذه المرحلة العمرية؟ وكيف يتعامل الآباء مع أبنائهم في هذه المرحلة؟
للإجابة عن هذه التساؤلات تحدثنا إلي الدكتورة ليليان عوض إخصائية الطب النفسي فقالت: إن أبناءنا في هذه المرحلة العمرية التي تبدأ من عمر 12 سنة وتمتد حتي 18 سنة تقريبا يتعرضون لتغيرات كثيرة علي كافة المستويات النفسية والاجتماعية والانفعالية والعاطفية والجسمانية مما قد يكون سببا في القلق والإحباط والاكتئاب كرد فعل مؤقت للعديد من المواقف والضغوط التي يتعرضون لها, ولكن بالرغم من أنها تعد من سمات هذه المرحلة إلا أنه يجب أن يساعد الوالدان أبناءهما في هذه المرحلة للحد من الشعور بالقلق والإحباط والتحول إلي التفكير الإيجابي والبناء الذي يبني شخصية أبنائهما للوصول إلي مرحلة جيدة من النضج, بالإضافة إلي أهمية دور الأبناء أنفسهم في ذلك.
وأضافت: بالنسبة للمعاناة بسبب ضغوط الثانوية العامة أو الدبلومات التي تعد مرحلة فاصلة لهم في مستقبلهم, فعلي كل فتي وفتاة في هذه السنوات الدراسية أن يدركوا مرورهم بمعاناة مجتمعية وليست معاناة خاصة وشخصية, لذا علي الطالب في هذه أن يدرك أن الثانوية العامة أو الدبلوم هو مجرد جزء من حياتهم وليس كل حياتهم وعليهم ألا يحاولوا حصر أنفسهم داخل هذه النقطة فبالتأكيد عليهم أن يجتهدوا ويتطلعوا لمستقبل أفضل والحصول علي مجموع جيد يؤهلهم للالتحاق بالكلية التي يريدونها ولكن في ذات الوقت عليهم ألا ينغلقوا علي أنفسهم بحيث لا تصبح كل آمالهم منصبة علي هذه المرحلة لا غير.
واستطردت د. ليليان قائلة: يفضل أن يقرأ الفتي والفتاة في هذه المرحلة العمرية الخصائص النفسية لها ومراحل النمو النفسي والاجتماعي والعاطفي والعقلي, لاسيما في الكتب بالمجال النفسي أو بعض المواقع الموثوقة علي شبكة الإنترنت وليست المنتديات التي قد يشترك فيها أشخاص يطرحون أفكارا غير صحيحة ليساعدوا أنفسهم علي تقبل أنفسهم والمرحلة التي يمرون بها بكل سماتها, إلي جانب تحدثهم مع بعض الشخصيات ممن هم أكثر خبرة ودراية بالأمور الحياتية ويكونون محل ثقتهم ليأخذوا آراءهم ويتحدثون إليهم ليعبروا عن أنفسهم, أيضا عليهم أن يشتركوا ببعض الأنشطة الجماعية كممارسة الرياضة أو الأنشطة الثقافية والفنية فمن خلال ذلك يستطيعون أن يتعلموا أشياء إيجابية تنمي شخصيتهم وتساعدهم في النضج علي المستوي الاجتماعي أيضا.
وعن دور الوالدين في تقبل أبنائهم لأنفسهم والحد من حالات الإحباط والاكتئاب التي تصيبهم في هذه المرحلة قالت: علي الوالدين أيضا القراءة عن المراحل العمرية لأبنائهم والتخلي تماما عن العبارات المحبطة التي يرددونها لأبنائهم كثيرا ألا وهي: إحنا اتربينا كده.. لكون الظروف اختلفت وأصبحت هناك ضغوطات كثيرة علي أبنائهم لم تكن موجودة من قبل, كما اختلفت البيئة التي يعيشون فيها, لذلك علي الوالدين أن يكونوا متفتحين أكثر ومتابعين لما يدور من حولهم ليستطيعوا أن يتفهموا أبناءهم أكثر فأكثر.
كما أكدت الدكتورة إيمان جلال أستاذة علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة حلوان علي أن الوصول بالفتي والفتاة إلي مرحلة النضج والحد من مشاعر القلق والاكتئاب التي كثيرا ما تنتابهم في هذه المرحلة يحتاج للعديد من النقاط التي يجب أن يضعها الوالدان في اعتبارهم عند التعامل مع أبنائهم ومنها: إتاحة الفرص لهم لممارسة المسئوليات الاجتماعية لمساعدتهم علي الاندماج في المجتمع, وفتح باب الحوار معهم بعقل متفتح وتقبل لآرائهم ومناقشتهم حول موضوعاتهم المهمة, بدلا من استخدام أسلوب الزجر أو الوعظ أو النصائح. مع احترام رغبتهم الطبيعية في التحرر والاستقلال دون إهمالهم في ظل مراعاة توجيههم بشكل غير مباشر وعدم إشعارهم بفرض الإرادة عليهم.
وأشارت د. إيمان إلي أن الوالدين قد يكونون في كثير من الأحيان سببا في زيادة مشاعر القلق والتوتر لدي أبنائهم حينما يقولون بصفة دائمة إن واجبكم في الحياة المذاكرة فقط وهو ما قد يدفعهم للعزلة عن الحياة الاجتماعية والأنشطة المختلفة, فقد يصل الأمر في بعض الأحيان منعهم من زيارة الأقارب بسبب أنهم في ثانوية عامة أو في الدبلوم, وهذا أمر غير جيد ويتسبب في انغلاق الأبناء علي ذواتهم وشعورهم بالاكتئاب والإحباط, علي أنه كان من الأفضل تشجيع الوالدين أبنائهم علي تنظيم أوقاتهم وتحديد أولوياتهم لممارسة أنشطة أخري إلي جانب المذاكرة كوسيلة للحد من الاضطرابات والإحباطات التي قد يتعرضون لها.