هي أيام لم أجد تسمية لها إلا أيام القلق أيام صعبة وعصيبة امتدت وطالت وأظلمت الرؤية أمام عيناي أيام معاناة رهيبة لم تكن متوقعة أو في الحسبان وجاءت في مناسبة مفترجة يصحبها الفرح والتفاؤل والسعادة وهي أيام الكريسماس وعيد الميلاد المجيد وبدلا من الاحتفال جاء الألم والمرض والخطر أيضا.تغيرت هذه الأيام إلي أوقات صعبة ومعاناة وقلق وخوف شديد.وهل هناك أشد من خطر داهم يطل برأسه فجأة علي غير انتظار ابنتي الشابة القوية الممتلئة حيوية ونشاط وتفاؤل والتي تنتظر طفلا جديدا تداهمها آلام رهيبة ساقها تعجزها حتي عن السير والوصول إلي دورة المياه.
ويحضر الطبيب علي عجل ليفحص المريضة ويتم التشخيص إنهعرق النسا وآلامه الرهيبة ووصف العلاج اللازم والذي لا يجب أن يتعارض مع ظروف الحمل.وبدأ العلاج بلا فائدة ودون طائل.وكان لابد من الاتصال بطبيب النساء المتابع للحالة الذي طلب فورا فحص الجنين وفحص الساق بأشعة خاصة وأن يتم ذلك فورا,ولأن المريضة لا تستطيع السير علي قدمها أوصي طبيبها أن تتم هذه الفحوصات بسيارة إسعاف…وقد كان.
وكان الخبر الذي قلب حياتنا رأسا علي عقب,إنها جلطة أصابت الساق.جلطة يا إلهي وهي في شهورها الأخيرة من الحمل.لابد من علاج عاجل لا يضر بالجنين.وبدأت المعانات التي استمرت طوال أيام القلق.الخوف من أن تتطور الحالة وتتحرك الجلطة لتصل إلي الرئة أو القلب أو المخ والهدف هو الحرص علي سلامة الجنين وسلامة الأم.
السلامة التي أصبحت الآن مهددة وحل محلها الخطر.الألم الشديد والمعاناة وعدم القدرة علي الحركة والخوف من المضاعفات والعمل بكل وسيلة لإيقاف الجلطة حتي تثبت في مكانها ولا تتحرك.العلاج يوميا والحقن صباحا ومساء.والقلق هو حياتنا في يومنا وغدنا في كل لحظة وكل حركة وكل آهة.نتبادل النظرات التي تفضح قلقنا ومخاوفنا من المجهول أفراد البيت كل منهم يأكل القلق حياته..ولكنه يبتسم ويرسم مشاعر الاطمئنان والتفاؤل المزيف عندما تلتقي نظراته بباقي أفراد الأسرة الإبنة يأكلها القلق والخوف والترقب وعندما يغلبها الألم تفيض عيناها بالدموع فتغرق وجهها محاولة أن تواري جزعها بعيدا عنا.وأري ما يحدث وأتظاهر أنني لم أر أو ألمح شيئا,اختفي في جحرتي بضع دقائق,أحاول أن أنفض عني القلق بعيدا وأتستجمع شجاعتي ورباطة جأشي وأستنجد باللهرحمتك يارب وسترك لا تدخلنا في تجربة…لا تنسانا أنت وحدك القادر أن تنجيها وتنجنا من كل خطر.عشنا تلك الأيام القاسية من بداية العام حتي نهاية الشهر الأول,وقد قرر الطبيب أن تتم ولادة الطفل مبكرا بمجرد دخول المريضة شهرها التاسع ليضمن سلامته وليتمكن من علاج الجلطة العلاج المتكامل.ماذا سوف يحدث يا إلهي؟الولادة قيصرية,إذن هناك بنج وجراحة وخطر لا نستطيع أن نحدده.هل سيتم كل شئ بخير؟وهل تعود إلي بيتنا هي والطفل بخير؟هل تعود الحياة تبتسم من جديد؟هل تذهب أيام المعاناة والقلق؟يوم طويل بدأ منذ الساعات الأولي في الصباح والعقل والقلب والمشاعر كلها مجمدة تنتظر المجهول ساعات طالت تصورتها بلا نهاية.لم يتبادل أي منا أية أحاديث,التسألات علي الشفاه ولكنها لا تنطق محبوسة في الانتظار.وجاءت الانفراجة التي انتظرناها طويلا حرمنا القلق من النوم والراحة والقدرة علي تناول الطعام شغل أفكارنا نهارا وليلا. أثر سلبيا علي أسلوب معاملتنا للأخرين.أضنانا الخوف من الفكر,وزعزع قدرتنا علي الاتكال علي الله.
اليوم عادت هذه الثقة واختفي القلق إلي غير رجعة كانت رحمة الله عظيمة بلا حدود ورعايتة كاملة حفا حبه للإنسان حب باذل ولا يملك الإنسان أمام هذه المحبة والرحمة والرعاية إلا أن يسجد شاكرا لله الذي يؤكد في كلامه لا تخف فأنا حافظك شكرا لك يارب علي كل شئ.وليذهب الخوف والقلق إلي غير رجعة.