رفض العربيون والإسلاميون قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس السوداني عمر البشير,بحجة أنه إهدار للسيادة الوطنية ومؤامرة دولية.فما الحقيقة؟هي مأساة 6 ملايين إنسان من إقليم دارفور.بدأ الصراع بين هؤلاء البشر وحكومة السودان منذ عام 2003 ووفق ما ذكرته منظمة هيومن رايتس أن قوات الحكومة السودانية وإحدي الميليشيات الإثنيةالجنجويدخاضت حربا مع جماعتين مسلحتين هما حركة تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة.وفي سياق هذه الحرب قامت القوات الحكومية بشن حملة منهجية من التطهير العرقي ضد المدنيين وبين عامي 2005,2003 أقدمت الحكومة وقوات الجنجويد علي إحراق وتدمير مئات القري والاغتصاب والاعتداء علي آلاف النساء.وأكدت المنظمة أن استمرار تدهور الوضع في دارفور يرجع إلي دعم الحكومة للميليشيات الإثنية والسماح بانتهاك القانون الدولي دون خوف من عقاب,وقد أدي ذلك إلي هروب أكثر من 2 مليون شخص إلي الدول المجاورة وقتل حوالي 450 ألف إنسان.ناهيك عن العراقيل التي تضعها الحكومة أمام فرق الإغاثة والمنظمات الإنسانية لتوصيل المساعدات لنحو 3 ملايين إنسان ظلوا في دارفور.
في يوم 2004/9/16 أعربت 31 منظمة حقوقية عربية عن قلقها إزاء ما يحدث من إبادة لأهالي دارفور.وأن سياسة الحكومة أدت إلي تفاقم الكارثة.خاصة أنها لم تحترم إتفاقية##أنجمينا##لوقف إطلاق النار مع جماعتي المعارضة.وأكد بيان الـ 31 منظمة أن تضامن منظمات حقوق الإنسان في العالم العربي مع ضحايا دارفور يأتي دفاعا وإنصافا للضحايا المدنيين وانتصارا للقانون الدولي.وطالبوا في نهاية البيان أن يدعم مجلس الأمن الاتحاد الأفريقي بزيادة عدد قواته وتشكيل لجنة تحقيق دولية من الأمم المتحدة لتحديد المسئولية عن انتهاكات حقوق الإنسان في دارفور.وأن توقف الحكومة السودانية المضايقات التي تمارسها ضد نشطاء المجتمع المدني والصحفيين.وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين بسبب معارضتهم السياسة الحكومة ضد أهالي دارفور .وأن تضع الحكومة حدا للإفلات من العقاب وأن تقدم المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان وقتل المدنيين للمحاكمةمجلة سواسية مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عدد 59وشكك بعض السياسيين في جدية الحكومة لأنها خرقت اتفاقية##أنجمينا##لوقف إطلاق النار في 8 أبريل 2004 بضرب مناطق جبل مرة ووادي صالح بعد أيام من التوقيع,كما أنها أوقفت تدفق العون الإنساني سواء تم ذلك من القوات المسلحةالحكوميةأو من الجنجويد الذين دمجتهم الحكومة في قوات الدفاع الشعبي وحرس الحدود وفي القوات المسلحةسواسية عدد 71,70.
العرب ضد الأفارقة المسلمين:
من هم الجنجويد؟عرفهم الكاتب السوداني عبد الرحمن عوض بأن الكلمة مأخوذة من قاطع طريق من عرب دارفور اسمه حامد جنجويد قام بالحرابة مع عصابته ضد القري الأفريقية من حرق ونهب عام .1885ولما نشأ تحالف بين 37 قبيلة عربية في دارفور عام 87 اتهمت الحركة الشعبية لتحرير السودان حكومات الصادق المهدي والبشير برعاية هذه القبائل العربية.فبثت هذه القبائل الرعب في قلوب الأطفال والنساء الأفارقةالقاهرة2008/2/5المسكوت عنه في الإعلام العربي أن القبائل العربية قتلت مئات الألوف من الأفارقة المسلمين الموحدين بنفس ديانة العرب.فلماذا يقتل مسلمون موحدون مسلمين موحدين مثلهم؟لأن القاتل عربي والقتيل أفريقي.ولم يشفع الدين الواحد الذي يعتنقه القتيل والقاتل أن ينزع من الأخير رواسبه العنصرية العدوانية.أما عن استراتيجية الإعلام العربي والمصري للصراع,فهو انحياز سافر للعروبة ضد المباديء الإنسانية التي أسستها مفاهيم الحداثة للدولة العصرية.وكمثال واحد علي هذا الانحياز كتب أ.فهمي هويدي في صحيفة الشرق الأوسط في 2006/7/5ينبغي ألا نتوقع من الآخرين أن يدافعوا عن حقوقنا أو كرامتنا التي تخاذلنا عن الدفاع عنها.لكن ذلك لاينسينا أن الضمير العام في تلك المجتمعات الذي استثاره الحاصل في دارفور وإهتز لما جري في رواندا,أصيب بالسكتة غير البريئة حين تعلق الأمر بالعرب والمسلمين من فلسطين إلي شيشينيا وعلق أ. رجبإن عدوي ازدواجية المعايير أصابت العرب.وأن تعليق أ.هويدي علي اهتمام المجتمع الدولي بكارثة دارفور الإنسانية صيغ بطريقة يفهم منها استثناء أهل دارفور من زمرة المسلمينوالازدواجية العربية أستمرت عند مقارنة بيان ماركيز لصالح شعب فلسطين الذي هلل له العرب .بينما بيان سونيكا الذي كتب فيه عن تخريب حكومة السودان للجهود الدولية لحماية ضحايا دارفور كان مصيره التجاهل.وتساءل أ. رجب:لو كان النظام الحاكم في السودان علمانيا,هل كنا سنسمع صياحا عن المؤامرة التي يتعرض لها الإسلام والمسلمين؟ونشاهد قائدا دارفوريا في لقاء مع مراسل الجزيرة؟ونشاهد المتظاهرين في الأزهر يطالبون بفتح باب التطوع لنصرة مسلمي دارفور الذين يتعرضون للإبادة؟القاهرة 2006/9/5.
وحكومة البشير لم تتحد المجتمع الدولي فقط.وإنما وصل الأمر إلي درجة مطالبة قوات الاتحاد الإفريقي بمغادرة دارفور وإعلان الجهاد ضد الأمم المتحدة الكافرةأمنية النجار-القاهرة2006/9/5وأعلن البشير أنه سيقود الجهاد بنفسه ضد أي جندي أمميمعتز الفجيري-القاهرة2006/9/26ومن بين الأسئلة المسكوت عنها:لماذا رفضت حكومة البشير تسليم أحمد هارون وعلي كوشيب وهما من زعماء القبائل العربية التي شاركت في المجزرة ضد أهالي دارفور؟لماذا وقفت الحكومة السودانية مع المجرمين ورفضت تسليمهم إلي المحكمة الدولية الجنائية؟ الإجابة مسطورة في موقف الأنظمة العربية والإعلام العربي المؤيد لنظام حكم البشير القمعي واللاإنساني.وما يفعله البشير وحكومته اليوم هو ما فعلوه عام 2007 عندما رفضوا تسليم المجرمين إلي المحكمة الدولية.وقادوا حملة دعائية شبيهة بحملة اليوم عن التدخل الإجنبي إلخ .ولخص أ. مازن شقورة الخبير بالأمم المتحدة في بيروت كمراقب لحقوق الإنسان لمدة قاربت 14 شهرا في دارفور الوضع هناك قائلا:إنه نزاع بين رعاة عرب ومزارعين أفارقةنقلا أ. رجب سعد-سواسية عدد 69.
بعد أن حققت أمريكا وحلف الناتو حلم تمزيق دول البلقان,تمت محاكمة الزعيم الصربي أمام محكمة دولية بصفته مجرم حرب,رغم أنه كان يدافع عن استقلال بلاده وعن الاعتداء الأمريكي الوحشي الذي دمر البنية الأساسية لدولة الصرب لمدة ستة شهور.هلل الإعلام العربي لهذا النجاح الباهر للأمريكان.وركز علي مساندة أمريكا لشعب البوسنة المسلم.ولم يسأل أحد في هذا الإعلام نفسه:لماذا تساند أمريكاالمسيحيةشعبامسلما؟ولماذا تغاضي عن أن أمريكا ضربت دولة الصرب دون الحصول علي موافقة مجلس الأمن ؟ولماذا سكت وتغاضي عن التحقيق الذي نشرته الصحف الأوربية المتضمن أن أغلب الصور التليفزيونية عن المذابح ضد شعب البوسنة كانتسينمائيةأي ملفقة؟كل هذه الأسئلة المسكوت عنها أجاب عليها الواقع المادي الذي لايستطيع أحد أن ينكره.حيث أصبح لأمريكا بعد أن دمرت دولة الصرب قاعدة جوية في البوسنة.بحجة تحويلها إلي مركز عمليات لمكافحة الإرهاب.وأعلن مسئولون عسكريون أمريكيون أن أمريكا تسعي لتطوير القاعدة بحيث يمكن استخدامها كمركز لإطلاق أية كتيبة في حالة الحاجة إليها بالمناطق المجاورةأهرام 2004/7/14 ص4فلماذا بارك الإعلام العربي والأنظمة العربية محاكمة الزعيم الصربي,بينما يرفض أغلب هذا الإعلام وهذه الأنظمة محاكمة البشير وحكومته؟أليست الإجابة هي الخوف من يأتي الدور علي كل من يمارس قمع شعبه؟بل إن المأساة تتجسد أكثر في موقف جامعة الدول العربية التي تجامل رؤساء الدول علي حساب الشعوب التي تدفع مرتبات موظفي هذه المنظمة التي يجب التفكير الجدي في إلغائها وتوفير المبالغ التي تخصصها كل دولة للإنفاق علي شعوبها.ولماذا لايتعلم الإعلام العربي من الصحافة الأمريكية التي تطالب بمحاكمة الرئيس بوش كمجرم حرب؟.