نظمت مؤسسة المرأة الجديدة ندوة لمناقشة وضع النساء في مصر والمنطقة العربية بعد مرور 30 عاما منذ تبني الأمم المتحدة لاتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة سيداو في ديسمبر 1979, كما سيمر ثلاثون عاما علي تصديق مصر علي الاتفاقية, فمصر هي أولي الدول العربية التي صدقت علي الاتفاقية, ويصادف هذا الحدث مناقشة مصر لتقريرها المجمع السادس والسابع أمام اللجنة المعنية لمتابعة تنفيذ الاتفاقية في الدول الأعضاء, مع عرض تقارير المنظمات غير الحكومية في اجتماع مقرر عقده في 25 يناير الجاري.
حول الاتفاقية تحدثت السفيرة ميرفت التلاوي التي شاركت في صيغة الاتفاقية وترأست لجنة السيداو لمدة سنتين بقولها: كثير من الدول العربية أصدرت قوانين وتشريعات وإجراءات إيجابية لصالح المرأة, كما تم تعيينها في مناصب وزارية وقضائية وفي المجالس التشريعية ومازال يوجد بعض القضايا التي يجب العمل عليها, فتوجد عقبات وتحديات إما في تنفيذ القوانين وتفسيرها أو عدم صدور لوائح إجرائية تزيل العقبات أمام المرأة, فعلي سبيل المثال قانون الجنسية في مصر سمح للمرأة بمنح أولادها الجنسية المصرية ولكنها لا تستطيع منحها لزوجها, ومازالت العادات والتقاليد والموروثات الثقافية تتغلب علي تنفيذ القوانين والتشريعات بسبب ضعف الوعي, ومازال الإعلام يؤكد علي هذه التقاليد البالية علي سبيل العنف ضد المرأة.
ركزت ميرفت التلاوي علي انتشار الفكر السلفي والتفسير الخاطئ للأحاديث والآيات التي أثرت سلبا علي المجتمع ووضع المرأة, بل تراجعت المرأة في مسيرتها نحو التحرير والمساواة, وتقبلت أمورا رفضتها منذ عشرينيات القرن الماضي لذا وجب إعادة النظر في الخطاب الديني.
تقرير ائتلاف المنظمات غير الحكومية
حول تقارير الظل المقدمة من الجمعيات الأهلية قالت الدكتورة آمال عبدالهادي إنه سيتقدم للجنة السيداو ثلاثة تقارير هي: تقرير ائتلاف المنظمات غير الحكومية وتقرير مؤسسة قضايا المرأة والثالث تقدمه المبادرة المصرية للحقوق الشخصية الذي يعرض حالة النساء في مصر.
تحدثت الدكتورة عفاف مرعي مديرة الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة الاجتماعية والمنسقة للائتلاف أن السنوات الأخيرة شهدت بعض التقدم في أوضاع حقوق الإنسان في مصر, منها تخصيص 64 مقعدا للنساء بمجلس الشعب كتدبير مؤقت, وصدور قانون محاكم الأسرة, وفتح مجال لتعيين النساء في النيابة الإدارية والقضاء, وسن قانون بتجريم ختان الإناث, وعلي الرغم من ذلك, النساء يعانين من جملة من مظاهر التمييز في القوانين, إضافة إلي العنف الذي تتعرضن لها النساء المصريات.
ففي قانون العقوبات في قضايا الخيانة الزوجية ينص علي عقوبة أشد في حالة النساء عامان مقابل ستة أشهر للرجال, وعلي شروط أصعب لإثبات التهمة علي الرجال مقارنة بالنساء, وأشار التقرير إلي أن الإحصائيات المحلية والدولية تجمع علي أن النساء يشكلن نسبة أكبر من الرجال في معدل الأمية خاصة في الريف, ويتمتعن بنصيب أقل من خدمات الرعاية الصحية بما في ذلك خدمات الصحة الإنجابية, وهو ما يفسر المعدل المرتفع من وفيات الحوامل في مصر, اللاتي يمثلن أكثر من ربع قوة العمل في القطاعات الرسمية, حتي النساء العاملات لا يحصلن علي أجر عادل بل يشكل دخلن خمس دخل الرجال, كما أن نسبة البطالة بين النساء أعلي بكثير من نظريتها بين الرجال.
يضم التقرير الإتجار بالبشر الذي يتزايد في مصر, ومع ذلك لم تتخذ الحكومة المصرية أية إجراءات فعلية ضده, ولم تفعل القوانين الخاصة به سواء المادة 91 من قانون العقوبات أو المادة 6 من اتفاقية السيداو, فمازال الإتجار بالنساء والفتيات وبيع الأسر لفتياتها تحت ستار الزواج الصيفي, كما تتزايد العمالة المنزلية الوجه الآخر للإتجار, مع غياب الإحصاء لهذا القطاع لعدم العمل علي هذه الفئة, مما جعل ظروف العمل بالنسبة إليهم أشد قسوة وأكثر قهرا.
أما عن المشاركة السياسية التي تضمها المادة 7, أوضح التقرير أنه رغم التطوير الذي حدث مازالت في إطار محدود للغاية, وبالنسبة إلي تخصيص مقاعد للنساء فهذا الوضع يثير تحديات أمام المرأة المرشحة من حيث اتساع دائرته االانتخابية وزيادة أعباء حملتها الانتخابية ومتطلباتها من موارد وأموال, كما أنه تم تحديد المدة بدورتين فقط وهو ما يستحيل معه تحقق النتائج المرجوة, وذلك بالمخالفة لما جاء في التوصية 25 للجنة التي رفضت فيها التحديد المسبق لزمن التدبير المؤقت وإنما رهنته بتحقيق النتائج المرجوة.
أما عن المادة 16 المتعلقة بالأحوال الشخصية والقضاء علي التمييز ضد المرأة في الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات السرية تحفظت مصر عليها, مما ساهم في إفقاد الاتفاقية روحها وجوهرها الأساسي.
اقترح التقرير رفع تحفظ الحكومة المصرية علي المادة 16, حيث إنها لا تتنافي مع الشريعة الإسلامية إلا في حالة التبني التي تعالج في مصر بتبديلها بنظام كفالة اليتيم أو الأسرة البديلة.
تحدث التقرير عن العنف ضد المرأة وجرائم الشرف والاغتصاب التي تخفف فيها العقوبة ويأتي هذا التخفيف من المحاكم رجوعا إلي المادة 17 من قانون العقوبات التي تبيح للقاضي النزول بالعقوبة درجتين إذا رأي ملابسات تستدعي ذلك.
التقارير المستقلة
تحدثت عزة سليمان رئيسة مؤسسة قضايا المرأة حول التقرير الذي أعدته المؤسسة الذي يركز علي العنف ضد المرأة وقضايا الأحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين وربطها بالمجتمع وحالة الديموقراطية في مصر.
أكدت الحاجة إلي تشريع جديد للأحوال الشخصية سواء للمسلمين أو المسيحيين خاصة أن تعديل القانون دون استقرار حالة الأسرة لن يفيد مثل قانون الرؤية وسن الحضانة والنفقة وحرمان المرأة من الميراث.
نوهت عزة سليمان إلي أن التقرير يضم ملف التحرش الجنسي بداية من الاحتياج إلي قانون رادع واقتراح حملات توعية ووجود نساء في أقسام الشرطة لاستقبال النساء اللاتي تم التحرش بهن, مع ضرورة إلغاء المادة 17 التي تبيح للقاضي النزول بالعقوبة درجتين إذا رأي ملابسات تستدعي ذلك خاصة أنه معمول بها في قضايا الاغتصاب وزنا المحارم التي تعتبر قنابل موقوتة في المجتمع بل ويتم تغليظ العقوبة في هذه القضايا.
تضمن اللقاء تكريم عزيزة حسين وميرفت التلاوي علي مجهوداتهم في قضايا المرأة داخل مصر والعالم العربي.