يظن البعض أن التاريخ يغفل عن بعض الأماكن وتمر الأيام دون أن يسجل القلم أحداثا لها,ولكن من الثوابت المعرفية في دراسة التاريخ أن الأحداث الواقعية لا يمكن أن يمسها الإغفال والأماكن النادرة والتي كانت مسرحا للأحداث لا يمكن أن تنسي فالماضي معروف والمستقبل مكشوف أمام الأعين والأقلام ولا مجال للظن والتخمين فتاريخ البلدان هو تقليد تتوارثه الأجيال عبر السنين.
الزقازيق هي قطعة من أرض مصر لها تاريخ مرتبط بجارتها تل بسطا ولكن كل منهما في العصر الحديث يتحدث عن نفسه فتل بسطا مسكينة وقعت في قبضة من لا يرحم فنهشت في جثتها وحشية الإهمال واللامبالاة والزقازيق حباها الله بمن يعتني بها ويرفع من شأنها ويجعلها مدينة كبيرة تقع علي بحر مويس.
يرجع تسمية الزقازيق إلي أحمد زقزوق الكبير الذي أسس كفر زقزوق قبل العصر الحديث ثم إلي إبراهيم زقزوق الذي أنشأ نزلة الزقازيق بجوار القناطر التي أنشئت في عهد محمد علي باشا في القرن التاسع عشر الميلادي وبعدما اكتمل العمار وارتفع شأن الزقازيق وأصبحت مدينة كبيرة باتت عاصمة لمحافظة الشرقية فهي تقع في الجزء الشرقي لدلتا نهر النيل,وعلي مسافة80كم تقريبا من محافظة القاهرة عدد سكانها حوالي المليون نسمة ومساحتها حوالي5000كم مربع تنقسم إلي حي أول وحي ثان وموزع علي خريطتها المساحية323 عزبة وكفرا وبها 11وحدة محلية قروية أشهر قراها شوبك بسطا وبلد الزعيم أحمد عرابي هرية رزنة ومن أشهر شوارعها شارع القومية ومصرف أكوا وشارع فاروق.
يرتبط تاريخ الزقازيق المسيحي بتل بسطا حضرت إليها العائلة المقدسة وتركت بها البئر المقدس التي أشارت كل الأوساط العلمية بنسبته إلي زيارة العائلة المقدسة إلي هذا المكان والتي أفرطت الهيئات المسئولة عنه الآن في إهماله وجعلت منه مزارا مهينا لآثار مصر في الشرقية كما ارتبط هذا التاريخ بفرع آخر من روح الحب والعطاء التي أظهرها كلوم الذي استضاف العائلة المقدسة مصطحبا لها من تل بسطا إلي عشته البسيطة المبنية بالطين والتي كانت تجاور بحر مويس وهي الآن كما يذكر أهل مدينة الزقازيق مكان كاتدرائية السيدة العذراء وماريوحنا بالزقازيق وكان السيد المسيح وهو طفل كرز بالمسيحية في الزقازيق وأسس لها مكان حتي وإن مر عليه الزمان بغباره فهو ظل حتي القرن الثامن عشر فخرا للمسيحية وضمن إيبارشية الكرسي الإسكندرية وبعد هذا التاريخ كانت الشرقية ومحافظات كثيرة من الدلتا تتبع مطران القدس الذي كان له مقر في كنيسة دقادوس التابعة لمركز زفتي حتي عام1854م.
+الشرقية حديثا
في يوم 29من سبتمبر عام1946م قام قداسة البابا يوساب الثاني برسامة الأنبا متاؤس مطرانا علي محافظات الشرقية والقناة ومنذ هذا التاريخ انفصلت عن مطرانية القدس وأصبحت الزقازيق مقرا للمطرانية التي نالت بركة زيارة البابا كيرلس السادس في الفترة من28 يوليو حتي1أغسطس عام1960م وباركها بزيارته أكثر من مرة قداسة البابا شنودة الثالث أثناء مرض نيافة الأنبا متاؤس الذي تنيح في الخامس والعشرين من أكتوبر عام1975م ورأس صلاة التجنيز مع لفيف من الآباء وظل الكرسي خاليا حتي 29مايو عام 1977م وفي أثناء مدة خلو الكرسي أوفد قداسة البابا القمص أمونيوس السرياني للإيبارشية واستمر لمدة ستة شهور نائبا باباوبا ثم تولي من بعده نيافة الأنبا بيمن الأسقف العام شهرا ثم أشرف علي الخدمة بعد ذلك نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة والخمس مدن الغربية وليس من الغريب أن يقوم بعد ذلك قداسة البابا الخادم والراعي بنفسه لخدمة الإيبارشية لمدة تزيد عن العام كان يلقي بها عظة كل أربعاء ويصلي قداسا في اليوم التالي ويستمع إلي مشاكل الشعب في كل أنحاء الإيبارشية وكانت النتيجة هي اختيار الأنبا ياكوبوس أسقفا لإيبارشية الزقازيق ومنيا القمح في يوم 1977/5/29م وتم تجليسه في احتفال شعبي غير مسبوق في الزقازيق يوم السبت 9يوليو عام1977م حضره نيافة الأنبا مكسيموس مطران القليوبية المتنيح ونيافة الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة والأنبا بنيامين أسقف المنوفية والأنبا تادرس أسقف بورسعيد والأنبا أنجيلوس أسقف الشرقية والأنبا أغناطيوس أسقف السويس والأنبا رويس الأسقف العام ومنذ اليوم التالي لتجليسه قام نيافته بالخدمة الرعوية التي شملت الكثير من التنوير والثقافة والروحانية والمحبة الباذلة في خدمة الشعب والآباء الكهنة ومع كل هذا لم ينس خدمة المعمار والتجديد والأنشاء لكنائس كثيرة في كل أنحاء الإيبارشية ولم يهمل حتي في مرضه خدمة المؤتمرات وأماكنها التي تفتخر بها الإيبارشية وكفي للزائر أن يدخل مبني المطرانية الجديد بكاتدرائية السيدة العذراء وماريوحنا التي قيل عنها إنها أقيمت مكان بيت كلوم وكان إيبارشية الزقازيق في عهد المتنيح نيافة الأنبا ياكوبو (تنيح في يوم الأربعاء 2008/11/19) حملت شعلت التنوير والبركة من ذاك المكان الذي قدسه الطفل يسوع إلي العصر الحديث المحتاج أن يشم رائحة الماضي المنير الذي من المؤكد أنه لا ينطفئ ولاسيما بعد أن عادت الفرحة إلي الإيبارشية وتبدلت الأحزان باستقبال نيافة الحبر الجليل الأنبا تيموثاوس الأسقف المتواضع والنشيط والذي تم تجليسه في يوم السبت2009/8/1 ليتحمل مسئولية الرعاية ويكمل مسيرة بيت كلوم وبركة الطفل يسوع المبشر والكارز في أرض الزقازيق.
المصادر:سنكسار الكنيسة القبطية-القاموس الجغرافي-بئر العائلة المقدسة في تل بسطة د.محمود عمر- رحلة حب من الرسامة إلي اليوبيل إعداد القمص مكاري نجيب والقمص باخوم عبد الملاك والقس أنطونيوس محب-مواقع علي الإنترانت