نفسي فرحي يكون في قاعة بفندق كبير أو في نادي كبير..سوف أدعو 300فرد لحضور الاحتفال…الكوافير طلب 1500جنيه لتجهيز العروس…نحن لا نريد إقامة احتفال في قاعة كبيرة…ولكن والد العروس يشترط ذلك…
هذا هو لسان حال العروسين أثناء الإعداد لتجهيزات الفرح وللأسف الشديد نجدهما أو عائلتيهما يتطلعان إلي تجهيزات مبالغ فيها فهما يريدان إقامة احتفال فخم تصل تكلفته إلي عشرات الآلاف والعروس تريد الذهاب لكوافير يطلب مبالغ خيالية.مع العلم بأن تلك المتطلبات لم تصبح رغبات الأهل فقط وتحديدا أهل العروسة وإنما أصبحت هي رغبات العروسين أنفسهما ويفعلان المستحيل لإقامة احتفال كبير,فيمكن أن يستدينا أو يقوما بعمل جمعيات ترهقهما بعد الزواج في ظل محدودية الدخل فلماذا هذه الرغبات المرضية والتي لن تقلل أو تزيد من الإحساس بالفرحة.
كان لابد لنا أن نقرب من الشباب والشابات المقبلين علي الزواج لنعرف هل لا تزال إرادتهم كما هي في ظل الارتفاع الجنوني في الأسعار وثبات الدخول.
قالت لولا إحدي الفتيات المقبلات علي الزواج إن في هذه الأيام أصبح من الضروري علي العروسين الاستعداد للزواج من خلال حجز قاعة لإقامة الاحتفال وذلك لإنها فرصة واحدة وكما يقولون ”محدش بيتجوز مرتين” كما يجب الاجتماع مع الأهل والأصدقاء فمن الصعب الانتهاء من مراسم الزواج والانتقال مباشرة إلي بيت الزوجية فالفرحة مع الناس لها شكل آخر أكثر بهجة.
وتضيف,قد يصر الأهل أنفسهم علي ذلك خاصة إذا كانت هذه الزيجة أول فرحة لهم في الأسرة,لكن من الممكن حل مشكلة الأسعار المرتفعة والتكاليف الباهظة,عدم حجز قاعة مرتفعة الثمن باحد الفنادق فما أكثر القاعات التي يتم افتتاحها داخل مناطق كثيرة بما يناسب كل فئة من الناحية المادية.فكل ما يهم الأهل أن يفرحوا بالعروسين,فالفرحة واحدة ولا يمكن الاستغناء عنها.
وتقول مريم وهي إحدي المتزوجات,إن هذه المتطلبات من قاعة وفستان وكوافير والسيارة الفخمة لزفة العروسين أصبح طبيعيا نظرا لطبيعة العصر والانفتاح الذي نعيشه ومشاهدة البذخ في الأفراح وتكلفتها العالية لذلك من الطبيعي أن تطلب الفتاة هذه الأشياء علي أنها طلبات أساسية وليست كماليات يمكن الاستغناء عنها مثل الأجهزة والأثاث والشقة.
علي عكس ما قيل من الفتيات يقول عبد السيد أحد الشباب المتزوج حديثا إن هذه المظاهر تعتبر واجهة اجتماعية تفرض علي المقبلين علي الزواج وأن كانت توجد أكثر لدي الأسر الثرية,أما الأسر محدودة الدخل فيكون ذلك حسب الاتفاق بين الأسرتين وحسب إمكانيات العريس أما ما نجده من بعض الشابات أو الشباب المقبلين علي الزواج من تأثرهم بالأصدقاء والأقارب فهذا غير صحيح,فلا ننكر أن هذا أصبح الآن مظهرا اجتماعيا ضروريا ولكن لا يجب أن أقارن بين أصدقائي وأقاربي وأبحث عن الأحدث والأفضل فهذا مظهر وقتي وليس دائما وبالتالي يجب أولا تجهيز المنزل بالمستلزمات الأساسية للزواج ثم أنظر إلي الإمكانيات المتاحة ومدي ما يمكن تحقيقه من احتفالات ليلة الزفاف.
وأقول للفتاة التي تجعل ذلك إحدي المتطلبات الرئيسية إن تلك المظاهر قد تكون مطلوبة ولكن يجب استخدام العقل ولا نسير حسب التيار وسيطرة أفكار المقربين والأصدقاء والنظر إلي الإمكانيات المتاحة,وإن كان الرد لهؤلاء الفتيات أننا نفرح لمرة واحدة,فأفرحي كما تريدين,ولكن لا يعني ذلك أن أفرح يوم واحدا وأبكي بعد ذلك من الديون فأهم من ذلك السعادة الدائمة التي تأتي من التفاهم والرضا.
وعن هذه السلوكيات البذخية تحدثت الدكتورة سعاد خضر أستاذة علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس.والتي أرجعت هذه السلوكيات إلي الرغبة العمياء في تقليد مظاهر البذخ والترف الذي يشاهدونها في الأفراح خاصة تلك التي تذاع في التليفزيون للخليجيين أو لأصحاب الطبقة الاجتماعية العليا وكليهما دخلهما المادي يفوق أضعاف الدخل المادي لأصحاب الطبقة المتوسطة في حين نجدهما لا يقلدا أفراح الأوربيين البسيطة والتي تغمرها البهجة والسعادة أيضا ولكن بتكلفة قليلة.
والغريب أن الدراما تناولت قديما تلك السلوكيات الخاطئة وظهر ذلك في فيلمي ”الحفيد” و”أم العروسة” واللذين أوضحا أن البذخ والمظاهر المبالغ فيها بترتيبات الأفراح يمكن أن تجعل الشخص يسلك بشكل خاطئ أو يقترف جرما للحصول علي النفقات المطلوبة.
في حين أنها لا تتناول هذه الموضوعات في تلك الآونة التي وصلت فيها هذه المظاهر إلي مستوي سئ جدا.
تستنكر الدكتور سعاد ارتباط الإحساس بالفرح والسعادة بالإنفاق الباهظ.فالشعور بالفرح يمكن أن يتحقق في مكان بسيط يجمع عائلتي العروسين دون الحاجة لدعوة مئات الأفراد في قاعات متكلفة.بل أنه من الأفضل البحث عن نماذج استبدلت التجهيزات المبالغ فيها بتلك المطلوبة والبسيطة فقط واستفادت بباقي النفقات التي كان سيتم إنفاقها علي تجهيزات الاحتفال وتوجيهها لمكانها الصحيح.أو حتي إنفاقها في قضاء إجازة شهر العسل في أي مكان خارج القاهرة.
أخيرا فعلي العروسين أن يكونا مبدعين ومختلفين عن باقي النمطيين المقلدين للنماذج السيئة دون استخدام العقل.