العنصرة – عيد الأسابيع – يوم الخمسين
يحتاج الإنسان من وقت إلي آخر تغييرا في روتينية الحياة ليتجدد في النشاط الذهني والروحي والجسدي أيضا, ومن نعم الله علي الإنسان أنه عرف أوقاتا للعمل وأوقاتا للصلاة وأوقاتا للفرح والراحة, فخرجت علينا شريعة الراحة والسبت, وعرفنا الأعياد وكيفية الاحتفال بها, كما عرفنا الرموز التي كانت ترمز إليها الأعياد والمناسبات المختلفة, ومن هذه الرموز كان عيد العنصرة الذي رتبه الله للإنسان ليكون تتويجا للفصح المقدس, وكان عيدا من أجل الحصاد والزرع يفرح فيه الإنسان من أجل زرعه وحصاده ويشكر الله بتقديمه بواكير غلاله, فعيد باكورة الحصاد كان مرتبطا بعيدي الفصح والفطير من جانب والجانب الآخر كان مرتبطا بعيد الخمسين وكلها أعياد ومواسم وضعها الله للشعب في القديم ترمز إلي ما يحدث في العهد الجديد من حقائق روحية.
وكلمة عنصرة لفط عبراني مأخوذ من الكلمةعسريت – عساراستخدم في العهد القديم بمعني محفل أو اجتماع, وكانت تشير إلي عيد الخمسين اليهودي(البنتقسطي) الذي كان يحتفل به بعد سبعة أسابيع كاملة من عيد الفصح, وأخذ هذا العيد مسمي آخر كما جاء في سفر الخروجوتصنع لنفسك عيد الأسابيع أبكار حصاد الحنطة خر 34:22 كما سمي عيد الباكورة وعيد الحصاد. وعيد الخمسين كان عند اليهود من الأعياد الهامة, فكان يجبر الشعب اليهودي إلي الاحتفال به في أورشليم ويقدمون فيه تقدمة للرب فهو واقع تاريخي يذكرهم بوعد مع الله بعد خروجهم من مصر(خر19:1-16) وأصبح تذكارا منذ القرن الثاني قبل الميلاد عند اليهود لاستلام شريعة العهد القديم في سيناء, كما قال عنه المعلم اليهوديميمودس يذهبون فيه إلي أورشليم مجتمعين من أنحاء العالم, وكما وصف لنا سفر أعمال الرسل في الإصحاح الثاني قائلا ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معا بنفس واحدة…كان يهود رجال أتقياء من كل أمة تحت السماء ساكنين في أورشليم….. وفي وسط هذا التجمع العظيم ولاسيما بعد وصف الكتاب أنهم بنفس واحد داخل العلية ووصف البعض الآخر بأنهم أتقياء كان فضل من الرب أن يرسل لهم القدس في يوم الخمسين ليكتسب هذا الاحتفال العظيم اسما جديدا ومعني جديدا في المسيحية يعرف بيوم الخمسين أو عيد حلول الروح القدس ليكون أقدم الأعياد التي عرفتها الكنيسة المسيحية بعد عيد قيامة السيد المسيح كما نصت تعاليم الآباء الرسل الباب الحادي والثلاثين فصل الأعياد( ومن بعد عشرة أيام لعيد الصعود هذا الذي يتم فيه الخمسون إذا حسبت من أول الجمعة الأولي يكون لكم عيد عظيم في هذا اليوم لأن ربنا يسوع المسيح أرسل إلينا البارقليط وهو الروح القدس في هذا اليوم في الساعة الثالثة وملأنا من إرادته وتكلمنا بألسن ولغات جدد كما تحرك هو فينا وبشرنا اليهود والأمم بأنه المسيح الله الذي جعله أن يدين الأحياء والأموات وهذا يشهد به موسي إذ يقولوأمطر الرب نارا من عنده لذلك كان الآباء الرسل يهتمون به ويجتمون فيه في أورشليم, كما جاء في سفر الأعمال في أكثر من موضع, وجاء عنه أيضا(ولا تشتغلوا يوم الخمسين لأن فيه حل الروح القدس علي المؤمنين بالمسيح رسطب 66م 199 كتب عن عيد حلول الروح القدس أوريجانوس (185-254) وأوسابيوس القيصري(265- 340) أما القديس جيروم(342-420) فقال عنه هناك سيناء وهنا صهيون هناك جبل تزلزل وهنا بيت اهتز هناك الجبل المتقد بالنار وهنا الألسنة من نار…أصوات كثيرة, هناك رنين الأبواق وهنا نغمات بوق الإنجيل هكذا تغني الآباء في القرون الأولي للمسيحية بهذ العيد العظيم كتعليم رسولي مسلم للكنيسة, كما شرح لنا ذهبي الفم والقديس أغريغوريوس في مقالته عن العنصرة.
كان في القديم يحتفل بهذا العيد بصورة كنسية مختلفة, إذ كان يستمر بالاحتفال بعيد العنصرة(عيد حلول الروح القدس) لمدة أسبوع كما كان عند اليهود سابقا, ثم يلي هذا الأسبوع الاحتفالي صوم الآباء الرسل, وكان في ليلة عيد الخمسين يتقدم أعداد كبيرة من غير المعمدين ليتم عمل سر المعمودية المقدسة لهم, وكأن بهذا يتذكرون إيمان الثلاثة آلاف نفس التي آمنت بالمسيح بعد عظة القديس بطرس يوم الخمسين في أورشليم, ولكن هذا الأمر اندثر كعادة كانت موجودة في الشرق منذ قرون طويلة, ولكن كنيسة روما احتفظت بها, حتي وقت قريب كان هذا العيد من الأعياد التي تعطل فيها الأعياد لقدسيته وكرامته وتنفيذا لوصية الآباء, فالكنيسة تقيم قداس الأفخارستيا في الصباح وتقيم صلاة السجدة في الساعة الثالثة, كما يحرص قداسة البابا شنودة الثالث أطال الله حياته علي إحياء تقليد الاحتفال بعشية عيد العنصرة( عيد حلول الروح القدس) برسامة آباء أساقفة وآباء كهنة للكنيسة كما يجتمع فيه المجمع المقدس للكنيسة, ولجانه المختلفة عاملا بأن هذا العيد هو يوم تجديد وتقديم باكورة وشكر للرب, نعم هو يوم تأسيس وانطلاق للكنيسة الجامعة يوم إرسالية البارقليط المعزي الذي يعمل في الكنيسة معزيا ومرشدا. وإلي اللقاء عيد آخر.
المصادر:الكتاب المقدس- الدسقولية- اللالئ النفيسة في شرح طقوس الكنيسة- الأعياد للراهب القمص مرقوريوس الأنبا بيشوي-مواقع مختلفة علي الإنترنت.
[email protected]