تتجدد علاقة الإنسان الروحية بالخالق دائما بالصوم والصلاة والعمل الصالح سواء كان بالعطاء أو بما يشبه ذلك… ومن هذا المفهوم تنطلق فكرة التكرار السنوي للمواسم والأعياد والأصوام حتي يتسني التجديد الروحي لحياة الإنسان وتتقوي العلاقة بالله فتكون الثمرة النقاء والصفاء الروحي وبهما يتأهل الإنسان إلي النصيب الصالح… ولذلك رتب لنا الآباء الرسل في كتاب الدسقولية كثيرا من التعاليم والنصائح التي تقود الإنسان روحيا معتمدين علي ما حدث في حياة المسيح من أحداث وتعاليم يجب أن نعيشها ونحفظها.
الكتاب المقدس وصوم الأربعاء والجمعة
سطر لنا الكتاب المقدس في العهد الجديد ولاسيما البشائر الأربعةمتي ومرقس ولوقا ويوحناعن أحداث ما قبل المحاكمة أي التشاور علي تسليم السيد المسيح والتآمر عليه وتسليمه لجماعة اليهود وكتبوا أيضا عن يوم صلبه فكان الأول يوم الأربعاء والثاني يوم الجمعة التي تطلق عليها الكنيسة اليوم الجمعة العظيمة أو الكبيرة, فجاء في إنجيل القديس متي عن التشاور والخيانةحينئذ ذهب واحد من الاثني عشر الذي يدعي يهوذا الأسخريوطي إلي رؤساء الكهنة وقال ماذا تريدون أن تعطوني وأنا أسلمه إليكم فجعلوا له ثلاثين من الفضة.ومن ذلك الوقت كان يطلب فرصة ليسلمهمت26:14-16 أما عن الصلب فقالولما أتوا إلي موضع يقال له جلجثة وهو المسمي موضع الجمجمة أعطوه خلا ممزوجا بمرارة ليشرب ولما ذاق لم يرد أن يشرب.ولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها لكي يتم ما قيل بالنبي اقتسموا ثيابي بينهم وعلي لباسي ألقوا قرعة.ثم جلسوا يحرسونه هناك وجعلوا فوق رأسه علته مكتوبة: هذا هو يسوع ملك اليهود ,حينئذ صلب معه لصان واحد عن اليمين وواحد عن اليسار.وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام خلص نفسك إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب… وكذلك رؤساء الكهنة أيضا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها, إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الآن عن الصليب فنؤمن به, قد اتكل علي الله فلينقذه الآن إن أراده لأنه قال أنا ابن الله وبذلك أيضا كان اللصان اللذان صلبا معه يعيرانه.
ومن الساعة السادسة كانت ظلمة علي كل الأرض إلي الساعة التاسعة.ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا إنه ينادي إيليا وللوقت ركض واحد منهم وأخذ أسفنجة وملأها خلا وجعلها علي قصبة وسقاه وأما الباقون فقالوا اترك لنري هل يأتي إيليا يخلصه.فصرخ يسوع أيضا بصوت عظيم وأسلم الروحمت27:33-50 وجاء في إنجيل القديس مرقس عن الخيانة والتشاور ما نصهثم أن يهوذا الأسخريوطي واحدا من الاثني عشر مضي إلي رؤساء الكهنة ليسلمه إليهم ولما سمعوا فرحوا ووعدوه أن يعطوه فضة وكان يطلب كيف يسلمه في فرصة موافقةمر14:10-11 وعن يوم الصلب أي الجمعة الكبيرة فقالولما صلبوه اقتسموا ثيابه مقترعين عليها ماذا يأخذ كل واحد.وكانت الساعة الثالثة فصلبوه وكان عنوان علته مكتوبا ملك اليهود وصلبوا معه لصين واحدا عن يمينه وأخر عن يساره.فتم الكتاب القائل وأحصي مع أثمة وكان المجتازون يجدفون عليه وهم يهزون رؤوسهم قائلين آه يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلاثة أيام.خلص نفسك وانزل عن الصليب وكذلك رؤساء الكهنة وهم مستهزئون فيما بينهم مع الكتبة قالوا خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها لينزل الآن المسيح ملك إسرائيل عن الصليب لنري ونؤمن واللذان صلبا معه كانا يعيرانه ولما كانت الساعة السادسة كانت ظلمة علي الأرض كلها إلي الساعة التاسعة.وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا الوي الوي لما شبقتني الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني… فقال قوم من الحاضرين لما سمعوا هوذا ينادي إيليا.فركض واحد وملأ اسفنجة خلا وجعلها علي قصبة وسقاه قائلا اتركوا لنر هل يأتي إيليا لينزله فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروحمر15:24-37 أما القديس لوقا جاء في بشارته عن يوم الخيانة والتشاور فقالوكان رؤساء الكهنة والكتبة يطلبون كيف يقتلونه لأنهم خافوا الشعب فدخل الشيطان في يهوذا الذي يدعي الأسخريوطي وهو من جملة الاثني عشر.فمضي وتكلم مع رؤساء الكهنة وقواد الجند كيف يسلمه إليهم ففرحوا وعاهدوه أن يعطوه فضة فواعدهم وكان يطلب فرصة ليسلمه اليهم خلوا من جمعلو22:2-6 ثم سطر عن أحداث يوم الصلب قائلا:ولما مضوا به إلي الموضع الذي يدعي جمجمة صلبوه هناك مع المذنبين واحدا عن يمينه والآخر عن يساره فقال يسوع يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لايعلمون ماذا يفعلون… وإذ اقتسموا ثيابه اقترعوا عليها.وكان الشعب واقفين ينظرون والرؤساء أيضا معهم يسخرون به قائلين خلص آخرين فليخلص نفسه إن كان هو المسيح مختار الله.والجند أيضا استهزأوا به وهم يأتون ويقدمون له خلا قائلين إن كنت أنت ملك اليهود فخلص نفسك وكان عنوان مكتوب فوقه بأحرف يونانية ورومانية وعبرانية: هذا هو ملك اليهود وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا إن كنت أنت المسيح فخلص نفسك وإيانا فأجاب الآخر وانتهره قائلا أولا أنت تخاف الله إذ أنت تحت هذا الحكم بعينه أما نحن فبعدل لأننا ننال استحقاق ما فعلنا وأما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله ثم قال ليسوع اذكرني يارب متي جئت في ملكوتك فقال له يسوع الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس وكان نحو الساعة السادسة فكانت ظلمة علي الأرض كلها إلي الساعة التاسعة واظلمت الشمس وانشق حجاب الهيكل من وسطه ونادي يسوع بصوت عظيم وقال يا ابتاه في يديك استودع روحي ولما قال هذا أسلم الروحلو23:33-46
أما القديس يوحنا فسطر لنا عن يوم الصلب فقالثم أن العسكر لما كانوا قد صلبوا يسوع أخذوا ثيابه وجعلوها أربعة أقسام لكل عسكري قسما وأخذوا القميص أيضا وكان القميص بغير خياطة منسوجا كله من فوق فقال بعضهم لبعض لانشقه بل نقترع عليه لمن يكون ليتم الكتاب القائل اقتسموا ثيابي بينهم وعلي لباسي ألقوا قرعة هذا فعله العسكر وكانت واقفات عند صليب يسوع أمه وأخت أمه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية فلما رأي يسوع أمه والتلميذ الذي كان يحبه واقفا قال لأمه يا امرأة هوذا ابنك ثم قال للتلميذ هوذا أمك ومن تلك الساعة أخذها التلميذ إلي خاصته بعد هذا رأي يسوع أن كل شيء قد كمل فلكي يتم الكتاب قال أنا عطشان وكان إناء موضوعا مملوءا خلا فملأوا أسفنجة من الخل وضعوها علي زوفا وقدموها إلي فمه.فلما أخذ يسوع الخل قال قد أكمل ونكس رأسه وأسلم الروحيو19:23-30
ومن خلال هذه الأحداث التي سطرها لنا الآباء في بشائرهم التي كتبوها مسوقين بالروح القدس اعتبر المؤمنون أن يوم التشاور ويوم الصلب يجب أن نشارك فيهما المخلص الأحزان والآلام بالصوم لأنه لم يصنع السيد شيئا يؤهله لهذه الإهانات والصلب فهو قبل كل ذلك من أجل كل البشر وبدلا منهم لهذا قرر الآباء الرسل في العصور الأولي للمسيحية أن يصام الأربعاء يوم المشورة والتشاور والتآمر علي السيد المسيح والجمعة التي صلبوا فيها المخلص بإرادته ليتمم لنا الخلاص والفداء من كل أسبوع مشاركة وتذكار لما حدث مع المخلص فكتبوا لنا في كتاب الدسقولية أي تعاليم الرسل في الباب الثامن عشرنصوم يوم الأربعاء ويوم الجمعةوجاء أيضانأمركم أن تصوموا كل يوم أربعاء وكل يوم جمعةباب 31 ووضحوا لنا قائلين أما يوم الأربعاء فلأجل المؤامرة وأما يوم الجمعة لأجل الخلاص وأكدوا لنا ذلك في قوانينهم ولاسيما القانون رقم69 وفي تعاليم الاثني عشر رسولا في الفصل الثامن يقولون لنالايكن صيامكم موافقا صيام اليهود ..وأما أنتم فصوموا يومي الأربعاء والجمعةوهكذا أكد لنا الآباء الرسل بأن هذا الصوم له أهمية خاصة في الكنيسة وفي حياة المؤمنين حيث إنه من أصوام الدرجة الأولي التي تعادل الصوم الأربعيني المقدس الذي صامه عنا السيد المسيح ولايفطر علي مدار السنة إلا في أيام الخمسين المقدسة وعيدي الميلاد والغطاس كما جاء في تاريخ الكنيسة لساويرس بن المقفع والمجموع الصفوي لابن العسال أما كتاب الجوهرة النفيسة لابن السباع فسطر لنا عن صوم الأربعاء والجمعة قائلافيوم الأربعاء حصلت فيه المؤامرة من اليهود لصلب السيد المسيح ويوم الجمعة كان فيه الصلب والألم الحقيقي ولذلك يجب أن يصومه كل المسيحيين ويجوعوا ويعطشوا فيه اختيارياوهكذا استمر التاريخ يؤكد لنا علي فم الآباء البطاركة والمؤرخين حتي يومنا هذا علي الاهتمام بصوم الأربعاء والجمعة عملا بتعاليم الآباء الرسل وقوانينهم التي تقول إذا اتفق يوم عيد في يومي الصوم اللذين هما الأربعاء والجمعة فليصوموا وليتناولوا من الأسرار المقدسة ولا يحلوا الصوم إلي الساعة التاسعةدسق38 وتوضيحا آخر قالوا لايفطر في هذين اليومين إلا في عيدي الميلادوالغطاس وأيام الخمسين المقدسة ونستطيع القول بأن تاريخ هذا الصوم بدأ من عصر الآباء الرسل والكنيسة مستمرة علي نهجه حتي الآن لأنه تذكار لمن جاء وخلصنا حتي وإن تآمرت عليه البشرية.
المصادر:- الكتاب المقدس-كتاب الدسقولية-تاريخ البطاركة-المجموع الصفوي-الدر الثمين لابن المقفع-أصوامنا العامة لنيافة المتنيح الأنبا غريغوريوس-بعض المواقع المختلفة علي الإنترنت.
[email protected]