أكدت دراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية مؤخرا علي ثلاثة أشياء أثرت تأثيرا كبيرا علي العملية التعليمية في مصر, بحيث أصبحت بهذا الشكل الذي آلت إليه, وهي: الكتاب الخارجي, الدروس الخصوصية, ومجموعات التقوية, وهذه الدراسة استعرضها الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم أمام لجنة التعليم بمجلس الشوري مؤخرا لمناقشة أزمة الكتاب الخارجي… وحول هذه الأزمة وأهميتها وخشية أولياء الأمور علي مستقبل أبنائهم التعليمي, وحول تأكيد البعض علي ضرورة تصحيح العملية التعليمية في مصر والرقي بطالب العلم أجرت وطني هذا التحقيق…
قال الدكتور وحيد عبد المجيد رئيس مركز الأهرام للترجمة والنشر: بدأت أزمة الكتاب الخارجي قبل شهرين من بداية العام الدراسي الجديد, عندما أصدر الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم القرار رقم 52 لسنة 2010, ويقضي بإلزام دور النشر بدفع مبالغ مالية تتراوح ما بين ألفا إلي 250 ألف جنيه مقابل حقوق الملكية الفكرية, وحاول الناشرون ومسئولو الوزارة الوصول إلي حل عبر عقد عدة اجتماعات ولكن بائت جميعها بالفشل, ينتهي الأمر بتوجيه حوالي 24 من دور النشر إنذارا قانونيا للوزير رقم 12872 للتحذير من المبالغ المفروضة, للحصول علي تراخيص للكتب, تلي ذلك عرض من دور النشر يقضي بحصول الوزارة علي 2.5% من الأرباح.
أوضح أن الوزارة تمسكت بموقفها, وهو ما ترتب عليه رفع أصحاب دور النشر دعوي قضائية ضد وزير التربية والتعليم أمام محكمة القضاء الإداري لإيقاف تنفيذ القرار الصادر, ثم أعلن الوزير علي موافقته منح تراخيص إصدار الكتب الخارجية 2011 لبعض دور النشر بموجب اتفاق وزارة التعليم بعد التزامها بالشروط والمعايير التي حددتها الوزارة.
معلومات مبتورة!
وقال جمال شعيب مدرس لغة عربية: الكتاب المدرسي به معلومات مبتورة, وبه قصور شديد, وليست كافية للطالب للاعتماد عليها وحدها, لذا يضطر الطالب دائما إلي البحث عن بديل وهو الكتاب الخارجي لما يتمتع به من غزارة المعلومات بالإضافة لعنصري التشويق والتنوع سواء في المادة أو الأسئلة المتعلقة بها.
أشار شعيب إلي مشكلة عدم إشراك معلمون يقومون بالتدريس مع أساتذة الجامعة المنوط لهم إعداد الكتب المدرسية وتأليفها, حيث يكون لأساتذة الجامعة الاعتماد الوحيد علي المراجع لأنهم لم يمروا بالتجربة العملية في التدريس, مما يجعل صحرة الكتاب بالصورة الحالية غير الوافية للطلاب.
ضرورة تطوير الكتاب المدرسي
من جانبه قال الدكتور فاروق إسماعيل رئيس لجنة التعليم بمجلس الشوري إن الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم اعترف أن الكتاب المدرسي في حاجة إلي تطوير, وأن الوزارة لا تتاجر بالطلاب, وأن المقابل المادي الذي طلبته الوزارة من دور النشر هو مقابل اللجنة الفنية المشكلة لفحص هذه الكتب, وأضاف أن الأسر المصرية تشتكي من استنزاف الأموال والكتب الخارجية وتأثيرها علي اقتصادها.
أشار الدكتور فاروق إلي أن الوزير قال أمام لجنة التعليم بالمجلس: إننا كوزارة لا نتاجر بالطلاب ولا العملية التعليمية, بل كل ما يهمنا هو الطالب وتحصيله للعلم وتحسين مستوي التعليم, وإنه لابد من صناعة الكتاب الخارجي تحت إشراف الوزارة, والتأكيد من أن المعلومات التي توجد به سليمة وصحيحة.
أضاف الدكتور فاروق: الكتاب الخارجي أصبح يغني عن الكتاب المدرسي الحكومي, بفضل الشرح الوافي للدروس وتقديم إجابات كاملة لأسئلة الكتاب المدرسي مع أسئلة إضافية ونماذج للامتحانات, وأن أولياء الأمور يشعرون أن الكتاب الخارجي لا غني عنه للطالب المتفوق أو العادي في ظل قصور الكتاب المدرسي, وعدم التزام بعض المدرسين به أثناء شرح الدروس.
أوضح الدكتور فاروق أن أعضاء اللجنة بالمجلس قد أيدوا الوزير في جميع الإجراءات التي اتخذها فيما يخص الكتب الخارجية مؤكدين علي ضرورة تصحيح العملية التعليمية في مصر, والرقي بطالب العلم, وذلك إلي أكبر المستويات, كما كان معروف عن مصر في الماضي والذي كان خريجو المدارس المصرية أفضل مستوي في التعليم عن نظيرهم في الدول الأخري.
حقوق الملكية الفكرية
قال وليد يوسف صاحب إحدي المكتبات إن المشكلة مشكلة حقوق النشر والملكية الفكرية, وزيادة المقابل المادي يضر بمصالحنا, وكان الأولي بالوزير أن يتخذ هذا القرار بين ليلة وضحاها قبل مناقشة مثل هذه القرارات, لكي لا تكون خراب بيوت خاصة للمكتبات التي تعتمد علي الكتب الخارجية فقط, خاصة أن البعض يقوم بتحمل نفقات المكتبة طوال العام من مصروفات ومرتبات للعمال علي نفقته الخاصة, لحين الموسم الدراسي وبيع الكتب الخارجية التي تغطي تكاليفها, إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن.
أخطار الكتاب المدرسي!
ومن جانبه قال حلمي النمنم الكاتب الصحفي: هناك جهد دؤوب في وزارة التربية والتعليم لتطوير المناهج التعليمية والكتب المدرسية, فقد عقد مؤتمرات لذلك الغرض منذ أن كان الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزيرا للتعليم, وشكلت لجانا ورصدت ميزانيات ولكن يبدو أن الغرض لم يتحقق إلي اليوم.
أشار النمنم إلي أن هناك أخطاء في العديد من الكتب المدرسية وكذلك الخارجية, منها أخطاء علمية, ولغوية, والتي تكشف عوارات كثيرة في الكتاب المدرسي, فتؤدي إلي تعليم ركيك في المضمون والمحتوي التعليمي والمدرسي.
الكتاب المعيب!
وعلي الصعيد ذاته قال الدكتور كمال مغيث الخبير التربوي والباحث بالمركز القومي للبحوث إن الكتاب المدرسي في حالته هذه ظاهرة خطيرة, حيث يتكلف أكثر من 2 مليار جنيه سنويا, والوزارة تطبع أكثر من (1300) عنوان سنويا, وفي النهاية يخرج الكتاب المدرسي بهذه الصورة المعيبة.
أشار الدكتور مغيث إلي أنه غير مؤيد للكتاب الخارجي لأنه يلبي حاجة خدمة الامتحانات فقط, والذي يعني فقط بقياس المعلومات دون النظر إلي أي شئ آخر, وما أثير من ضجة أخيرة حول الكتاب الخارجي هو نتيجة ازدحام الطلاب بالفصول والمدارس, وتفشي ظاهرة الدروس الخصوصية.
طالب الدكتور مغيث بعدم الحشو في الكتاب المدرسي, رافضا فكرة إزالة الحشو, حيث لابد من النظر للكتاب المدرسي علي أنه مرجعا للمعلومات.
تطرق الدكتور مغيث إلي مشكلات الفكر البيروقراطي في الوزارات في مصر, وإن هذا الأسلوب إلي لا يؤدي الدفع والتطوير, ولكن يتحول من خلاله الجميع للقيام بأدوارهم بطريقة روتينية.
أضاف بقوله: أهمية وجود هيئة مستقلة للكتاب وأخري للامتحانات, وثالثة للمعلمين, وأخري للطلاب كل هيئة مستقلة ومعنية وقادرة علي اتخاذ القرار المناسب من خلال خبراء في مجال عملها دون خلط, ودور الوزير هو المتابعة من خلال التقارير عن كل هيئة, وهنا تكتمل المنظومة.
ضرورة توفير البديل أولا!
أشار الدكتور صلاح عميرة علي مستشار التربية إلي دول الخليج التي لم تعتمد علي وجود كتاب خارجي, بل تعتمد علي الكتاب المدرسي فقط وهي تجربة ناجحة, مضيفا: كيف نحارب الكتاب الخارجي بهذه الصورة الهوجاء بعد مرور أكثر من 50 عاما علي العمل به حتي إن جيل وزير التعليم ذاته تربي عليه, فقبل الحرب علي الكتب الخارجية من قبل الوزارة لابد من توفير البدائل أولا, من خلال معالجة حالة الضعف بالكتاب المدرسي, وجعله مواكبا للكتاب الخارجي من حيث الشكل الجذاب, والمحتوي المبسط.
أما الكاتب الكبير لويس جريس عضو المجلس الأعلي للصحافة قال: وزارة التربية والتعليم لا تلعب دورا فيما يخص تطوير المناهج, وأري أن يعاد قراءة لائحة علي مبارك المعروفةباسم لائحة المدارس لأنها تشير إلي تصحيح المناهج وتطويرها كل فترة, والإطلاع علي رسالة الماجستير للسيدة سوزان مبارك بالجامعة الأمريكية والتي تتحدث عن آليات تطوير المدارس.