العدل فين, أنا مصري.. هذا ما نطق به آلاف الأقباط في عدد من المحافظات أثناء مسيراتهم المتعددة احتجاجا علي الاعتداءات التي وقعت علي كنيسة مارجرجس بالمريناب التابعة لمركز إدفو بأسوان الجمعة قبل الماضية وتم هدمها وحرق ثلاثة منازل للأقباط فتصعدت حدة الغضب القبطي ولكل المصريين الذين يؤمنون بمواطنة الأقباط وخرجت المسيرات والوقفات الاحتجاجية بمحافظات القاهرة والإسكندرية وأسوان والمنيا تطالب بإقالة محافظ أسوان اللواء مصطفي السيد الذي ضلل الرأي العام وتعمد الكذب بنفي صفة الكنيسة كمبني قائم بالقرية ونسبها لمضيفة رغم الأوراق الرسمية التي وقع عليها بنفسه لبناء الكنيسة بمواصفاتها المعروفة وكأنه يقدم مبررا لما فعله المتطرفون في جريمتهم.
متابعة لما نشرته وطني سابقا حول أزمة الكنيسة التي حذرت من كارثة إذا لم يتم احتواؤها نتابعكم بتداعيات الأزمة التي دخلت في صراع وجدال ما بين محافظ أسوان والأقباط..
أعادت أحداث كنيسة المريناب ذكري مؤلمة لأحداث قرية صول وأحداث كنيسة القديسين وغيرها من الحوادث الطائفية التي لم يدان فيها جاني واحد وهو جعل الأقباط يشعرون بالخوف من أن تكون بداية جديدة لمسلسل الاعتداءات علي الأقباط لاسيما أن قبل أسوان أطلقت النيران علي حارس كنيسة الروضة بالفيوم التابع لوزارة الداخلية فلقي حتفه وأطلق النيران علي كنيسة بالإسماعلية أصيب حارسها وعقب أحداث المريناب هاجم مسلمو قرية المضمر التابعة لمركز طما بسوهاج كنيسة العذراء بالقرية وقاموا بقذفها بالطوب مما أدي لتهشم زجاجها قبل تدخل الأمن وإنقاذها وفي جميع هذه الأحداث لم يتم القبض علي الجناة غير أن بعد ضغوط الأقباط وتقدمهم بأسماء الجناة في أحداث المريناب ألقت الشرطة القبض علي ثمانية من الجناة وتباشر النيابة التحقيق معهم.
* اعتصام الأقباط بأسوان
خرج مواطنو أسوان من الأقباط في مظاهرة سلمية وقاموا بالاعتصام أمام مبني محافظة أسوان تحت شعار مسلم ومسيحي تساوي دم واحد مطالبين بإقالة محافظ أسوان ومدير أمن المحافظة وإعادة بناء الكنيسة علي نفقة الدولة ومحاكمة المحرضين والجناة ومثيري الفتنة في هذه الأحداث مرددين شعارات منها يا مشير إحنا قاعدين مش ماشيين, يا مصطفي يا مصطفي ده كنيسة مش مضيفة, يا محافظ يا جبان ارحل.. ارحل من أسوان, وواصل المحتشدون اعتصامهم أمام مبني المحافظة حتي تتحقق مطالبهم التي لم ينفذ منها سوي القبض علي ثمانية من الجناة رغم تقدم أهالي القرية بكشف كامل من أسماء المحرضين والمنفذين ضم 40 شخصا وعلي رأسهم المحرضون الشيخ جابر العبادي والشيخ حبيب منصور سيد.
وفي الوقت نفسه خرجت مسيرات قبطية وشارك فيها ائتلاف شباب الثورة وتضامن معهم بعض المسلمين في عدة محافظات حيث خرجت مسيرة أمام مكتبة الإسكندرية وأمام مبني ديوان محافظتي أسيوط والمنيا ومسيرة أخري بميدان الأربعين بمحافظة السويس ورفعت المسيرات شعارات تطالب بتفعيل القانون علي الجناة ووقف الزحف الوهابي الذي تصاعد بعد الثورة وضرورة إقالة محافظ أسوان وإصدار القانون الموحد لدور العبادة كما طالبوا بضرورة سرعة نقل السلطة لمجلس رئاسي مدني ومحاسبة الجناة في الأحداث الطائفية الأخيرة وشارك في المسيرات اتحاد شباب ماسبيرو وحركة أقباط بلا قيود وأقباط أحرار وأقباط من أجل مصر وشباب الوحدة الوطنية.
* فض اعتصام الأقباط بالقوة أمام ماسبيرو
كانت مسيرة قبطية بلغ عددها ما يزيد علي أربعة آلاف قبطي انطلقت مساء الثلاثاء الماضي من دوران شبرا متجهة إلي دار القضاء العالي للمطالبة بإقالة محافظ أسوان إثر الاعتداءات التي وقعت علي كنيسة المريناب وردد المتظاهرون هتافات ضد محافظ أسوان ووزير الداخلية لتقصيرهم في حماية أقباط القرية, مطالبين بالقبض علي الجناة مستغيثين بالمجلس العسكري لتفعيل سيادة القانون. وقطعوا طريقي شبرا والترعة, مما أدي إلي شلل حركة المرور وحدوث اشتباكات بين المارة وسائقي السيارات والمتظاهرين كما قاموا بالاعتصام لساعتين بشارعي رمسيس و26 يوليو مما أدي لتعطيل حركة المرور ورفعت الحركات القبطية المشاركة لافتات تطالب بحقوق الأقباط التي أهدرت نتيجة تعامل الدولة معها بشكل لا ينم عن رغبة حقيقية في إنهاء معاناة الأقباط وتفعيل المواطنة الكاملة لهم.
وفي مساء نفس اليوم قامت قوات الأمن من الشرطة العسكرية والأمن المركزي بفض اعتصام الأقباط أمام ماسبيرو بالقوة, حيث قامت بإطلاق أعيرة نارية في الهواء وداهمت المعتصمين لتفريقهم. وإعادة طريقي الكورنيش أمام ماسبيرو بعد غلقه لمدة خمس ساعات وتسيير حركة المرور بعد فض الاعتصام الذي أسفر عن إصابة ستة أقباط بإصابات طفيفة تم نقلهم لمستشفي القبطي حيث تلقوا العلاج وتم خروجهم في اليوم الثاني من فض الاعتصام الذي أثار غضب الأقباط وعدد من الحركات والائتلافات المدنية للتعامل العنيف مع المعتصمين دون الاستماع لمطالبهم أو التعهد بحلها.
* فك اعتصام بالقوة وترك الجناة يحرقون الكنائس
أكد القمص متياس نصر كاهن كنيسة العذراء عزبة النخل ومنسق اعتصام الأقباط أن ما حدث ليلة الثلاثاء بقيام قوات الشرطة العسكرية والأمن المركزي بفض الاعتصام بالقوة والاعتداء علي الأقباط المسالمين وصمة عار في جبينهم لأن حق الاعتصام مكفول للدفاع عن الحقوق طالما أن الدولة تتجاهل حقوقهم مشيرا أن مشهد الاعتداء والاقتحام كان مشهدا مؤلما ومؤسفا بالاعتداء بوحشية علي الشباب والنساء وإلقاء بطاطين المعتصمين بالنيل ولم يحترموا ملابس رجال الدين ووصل الأم للتطاول عليهم وهذه ليست أخلاق الجيش المصري المعروفه بحفاظه علي المواطنين.
وأضاف القمص متياس أنه يتعجب للاعتداء علي مواطنين مسالمين طالبوا بحقوقهم في الوقت الذي ترك فيه الجناة يهدمون كنيسة صول لأكثر من 22 ساعة أمام قوات الجيش لم يطلق طلقة نارية واحدة في الهواء مثل ما حدث في الاعتصام ولم يتصد للمعتدين علي كنيسة المريناب طوال ثلاث ساعات وعاد ليقول إننا لن نصمت علي هذه الاعتداءات التي حدثت علينا فالأقباط لم يرفعوا أعلاما أجنبية علي أرض مصرية ولم يقولوا طظ في مصر ولم يقولوا إن حضارة مصر حضارة عفنة وأن ما يحدث هو الكيل بمكيالين ضد الأقباط.
وأشار أن الدولة تتعامل مع مشكلات الأقباط بمبدأ إلقاء الفتات والمسكنات فرغم وعود رئيس الوزراء المسبقة في الاعتصام السابق إلا أنه لم يف بهذه الوعود سواء بالإفراج عن تاسوني مريم التي تعاني مرضا شديدا أو إصدار قانون دور العبادة الموحد أو تجريم التمييز الديني أو القبض علي الجناة في الأحداث الطائفية السابقة وهذه أمور من شأنها أن تجعل الأقباط يعيشون فترة معاناة جديدة بعد الثورة لا تختلف عن عصر مبارك في ظل سيطرة التيارات الدينية الإسلامية المتشددة التي تفعل ما تشاء ولم يقترب لهم أحد فقد قاموا بقطع طرق السكك الحديدية والطرق العامة وهددوا بقطع الكهرباء لأكثر من 9 أيام لم يتعامل معهم أحد وقاموا بتنفيذ مطالبهم غير القانونية بإقصاء المحافظ القبطي مشيرا أن الأقباط لن يصمتوا عن حقوقهم مهما حدث فالقبطي ليس بجبان وسوف يدافع عن حقوقه كمواطن مصري وجزء من هذه الأرض.
* إعادة بناء الكنيسة
وأكد القس فيلوبايتر جميل كاهن كنيسة العذراء بفيصل ورامي كامل منسق اتحاد شباب ماسبيرو أن ما حدث من فض الاعتصام بالقوة جريمة في حق الأقباط وفي الوقت الذي كان ينتظر الأقباط أن تقوم الحكومة بالاستجابة لمطالبهم قامت بالاعتداء عليهم مؤكدا أنهم لن يصمتوا حتي تتحقق مطلبهم بالتحقيق مع المقصرين وإقالة محافظ أسوان وإعادة بناء الكنيسة.
* أقباط محاصرون
انتابت حالة من الهلع والخوف أقباط قرية المريناب عقب الأحداث والتزم الجميع منازلهم ومنعوا أبناءهم من الذهاب للمدارس خشية تعرضهم للضرر وقال أحد أهالي القرية لـوطني: منذ الأحداث التي وقعت ونحن نعيش حالة من الخوف والحصار بعد وصول تهديدات من أهالي القرية باستهدافنا في حالة القبض علي أي من ذويهم, كما تعرض أبناؤنا لتحرشات بالمدراس من زملائهم نتيجة الأحداث فقمنا بمنعهم وتعطلت أعمالنا وأصبحنا في شبه حالة حصار كامل والأمن لا يستجب لأي نداء ويكتفي فقط بحماية الكنيسة التي تم هدمها.
* محافظ كاذب
من جانب آخر فند إيهاب رمزي مؤسس الاتحاد القبطي اتهامات محافظ أسوان التي قال فيها إن مبني كنيسة المريناب مضيفة وليست كنيسة, قائلا: المحافظ تحدث بالكذب, حين قال إن المبني لم يرخص له ليصير كنيسة.
وقام رمزي بعرض مجموعة من المستندات بعد بعثة تقصي الحقائق حول الأحداث ضمته والكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت وجون كيرلس الناشط الحقوقي ومنها مستند رقم 2 لسنة 2010 بأنه تم إصدار رخصة وقع عليه المحافظ بهدم مبني الكنيسة وعرض للمستند رقم 41 لسنة 2010 بأنه ترخيص للمالك بإنشاء كنيسة في مكان المبني الصادر بحقه الإزالة السابقة.
ودعا الدكتور سعد الدين إبراهيم مؤسس مركز بن خلدون, أثناء المؤتمر الذي عقده الدكتور شريف دوس رئيس هيئة الأقباط العامة الأقباط للاعتصام لحين عودة حقوقهم كاملة, وقال: الحقوق تؤخذ ولا تمنح, وعليكم أن تنظموا مسيرة للمجلس العسكري لمطالبته بإعداد كوتة للأقباط في مقاعد البرلمان في الانتخابات المقبلة, وأن يخرج الأقباط من عباءة ووصاية الكنيسة للدفاع عن حقوقهم كمواطنين مصريين لهم كامل المواطنة.
* محافظ أسوان سلم نفسه للمتشددين
وقالت الكاتبة الصحفية فاطمة ناعوت إنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن الأقباط هم أصل مصر, وأن حادث صول هو بمثابة إعلان التطرف ضد الأقباط لأن الدولة تجاهلت الأصوات التي طالبت بمعاقبة الجناة مما فتح الباب أمام أحداث أخري مثل إمبابة والمريناب والمنيا وسوهاج مشيرة إلي أن القضية ليست قضية أقباط بل قضية وطن يجب التكاتف فيها للتصدي لهؤلاء المتطرفين الذين أباحوا لأنفسهم كل شيء بعد سقوط القانون وهيبة الدولة عقب أحداث أطفيح وأحداث قنا ومنع تولي محافظ قبطي وهو ما يحث علي ضرورة خروج المسلمين للتظاهر من أجل حقوق الأقباط وهذا واجب علي الأغلبية في ظل تجاهل الحكومة لمطالبهم والتراخي الواضح من جانب الأمن في حماية الأقباط رغم تواجدهم في موقع الأحداث ويكفي أن كنيسة صول هدمت علي مدار 22 ساعة في وجود الشرطة العسكرية ولم تتدخل لمنعهم أو القبض علي الجناة.
وأشارت ناعوت إلي أن المحافظ ارتكب جريمة في حق مواطنين مصريين عندما برر خطأ الحرق والهدم بأنه مضيفة وكأنه يبرئ الجناة وأطلق عليهم في تصريحاته: إن شبابنا قاموا بتنفيذ هدم القباب بعد تأخر المقاول في هدم القباب وكأنه يلصق صفة شبابنا بهؤلاء الجناة والرعاع وكأنه يعطي ضوءا أخضر أن يقوم كل شخص بتطبيق لقانون بيده حتي لو أن هذا المكان عبارة عن غرفة مهجورة وفي الوقت نفسه كما يحاول التنصل من التصريحات الرسمية للكنيسة خوفا من ضغوط السلفيين ولذا فهو أصبح محافظا باطلا لا يصلح لهذا المنصب بعد تضليله للرأي العام وبقاؤه كمحافظ يعني أن مصر دخلت مرحلة النفق المظلم وفتح الباب لمزيد من العنف.
من جانبه استنكر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف, في بيان صدر عنه, أحداث الفتنة الطائفية في أسوان, مطالبا عقلاء الأمة المصرية الواحدة بتمسكهم بوحدتهم الوطنية وأخوتهم المصرية, وأن يحبطوا الخطط المشبوهة المتربصة بوحدة المسلمين والأقباط, التي تزرع الفتن وتثير أبناء الشعب الواحد بين الحين والآخر, خدمة لمخططات أعداء مصر في الداخل والخارج.
كما طالب الطيب بتطبيق العدالة علي كل من يثبت تورطه في هذه الفتن الكريهة, وتوقيع أقصي العقوبات علي كل من شارك ودعا وشجع علي هذا الأمر الذي رفضه الجميع.