أعرب الرئيس أوباما عن رغبته في إحداث تغيير في العلاقات المتوترة منذ حوالي 30 عاما بين إيران والولايات المتحدة.
وفي مقابلة أجرتها معه قناة ##العربية## الفضائية يوم 27 يناير, قال الرئيس الأمريكي ##إذا كانت هناك دول مثل إيران راغبة في إرخاء قبضتها, فإنها ستجد يدا ممتدة من جانبنا.##
وكانت الولايات المتحدة قد قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع إيران في العام 1980 في أعقاب استيلاء جماعات مسلحة مدعومة من الحكومة الثورية الإيرانية علي السفارة الأمريكية في طهران واحتجزت دبلوماسييها كرهائن لمدة 444 يوما. ومنذ ذلك الحين أخذت العلاقات تزداد توترا بسبب دعم إيران للمنظمات الإرهابية الدولية التي أشاعت عدم الاستقرار في الشرق الأوسط مثل حزب الله وحماس; وكذلك بسبب أن سجل إيران في مجال حقوق الإنسان حافل بالانتهاكات ضد مواطنيها; وأيضا بسبب البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل علي المستوي العالمي , الذي يدعي قادتها أنه يهدف إلي تطوير أو تصنيع طاقة نووية , لكن عددا متزايدا من الدول -من بينها الولايات المتحدة- يشكون في أنه برنامج سري لتطوير أسلحة نووية.
وفي إعرابه عن الاعتراف بكل تلك التحديات تعهد أوباما بأن حكومته ستعمل علي وضع إطار عمل خلال الأشهر القادمة لتحديد كيفية تعاطي الولايات المتحدة مع إيران. وقال ##إن الشعب الإيراني شعب عظيم , وإن الحضارة الإيرانية حضارة عظيمة. ومن الممكن أن تكون بيننا خلافات مشروعة, ومع ذلك يظل بيننا احترام متبادل##.
وفي حين أن الحكومتين السويسرية والباكستانية عملت كل منهما منذ فترة طويلة كوسيط رسمي بين البلدين, فإن المندوبين الأمريكيين والإيرانيين حققوا تعاونا في الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار في أفغانستان, وفي الآونة الأخيرة جرت بينهما مناقشات حول مستقبل العراق, المجاور لإيران وخصمها الإقليمي حينما كان خاضعا لحكم الدكتاتور صدام حسين. لكن الخبراء اتفقوا علي أن تعزيز تلك الاتصالات المحدودة بين البلدين, إضافة إلي البرامج الثقافية و برامج التبادل مع إيران التي ترعاها الولايات المتحدة سيتأكد أنها تمثل تحديا لا يستهان به بالنسبة للحكومة الجديدة.
وخلال السنوات الأخيرة, دعا العديد من المسئولين الأمريكيين السابقين والخبراء الأكاديميين إلي إعادة تقييم الأسلوب الدبلوماسي الذي تنتهجه الولايات المتحدة مع إيران. وكانت لجنة دراسات العراق -وهي لجنة خبراء شارك فيها أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي, ويشارك في رئاستها وزير الخارجية الأسبق جيمس بيكر وعضو الكونجرس السابق لي هاميلتون- قد أصدرت تقريرا في العام 2006 حثت فيه الولايات المتحدة علي الدخول في مفاوضات مباشرة مع إيران وحليفتها في المنطقة سوريا حول تحقيق الاستقرار في العراق وفي منطقة الشرق الأوسط برمتها. وقد أيد أوباما حينما كان عضوا في مجلس الشيوخ النتائج التي توصلت إليها اللجنة آنذاك, وحاليا انضم اثنان من أعضاء اللجنة إلي حكومته, وهما مدير الاستخبارات المركزية ليون بانيتا, ووزير الدفاع روبرت جيتس, اللذان انضما إلي اللجنة لفترة قصيرة قبل عودتهما إلي الحكومة.
ومن جانبه قال روبرت جيتس أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ يوم 27 يناير ##إن الطموحات الإقليمية والنووية لإيران ما زالت تمثل تحديا كبيرا بالنسبة للولايات المتحدة.## وأكد علي وجود عاملين غير عسكريين قد يكون لهما تأثير علي اتجاهات إيران في المستقبل وهما: الاضطرابات الاقتصادية الناجمة عن انخفاض أسعار البترول, والعلاقات مع العراق الديمقراطي الجديد الذي يتزايد اكتفاؤه الذاتي.
ويقول الخبراء,إن كسر العقدة الدبلوماسية المتعلقة بالطموحات النووية لإيران قد يمثل انفتاحا. ففي العام 2006, منعت إيران الفريق التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية من إجراء تفتيشه علي منشآتها النووية, كما رفضت الإجابة علي أسئلة حول العناصر المتعلقة بالأسلحة فيما تجريه من أبحاث.
ومنذ ذلك الحين فرض مجلس الأمن الدولي ثلاث مجموعات من العقوبات علي الوكالات التابعة للحكومة الإيرانية والمسؤولين الإيرانيين والبنوك ومؤسسات أخري لها علاقة بالبرنامج النووي الإيراني. وانضمت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي -وهي الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة- إلي ألمانيا لتكون مجموعة واحدة عرفت باسم خمسة زائد واحد من أجل العمل علي إقناع إيران بوقف عمليات التخصيب والانضمام إلي طاولة المفاوضات.
وأعربت سوزان رايس المندوبة الأمريكية الدائمة لدي الأمم المتحدة عن موقف بلادها تجاه إيران بقولها: ##إننا ما زلنا نشعر بقلق عميق بشأن التهديد الذي يمثله البرنامج النووي لإيران بالنسبة للمنطقة, وفي الواقع بالنسبة للولايات المتحدة وللعالم كله.## وكررت التأكيد علي التزام الولايات المتحدة باتباع ##دبلوماسية مباشرة## مع طهران. وقالت ##إننا نبحث عما يمكن أن يكون ضروريا ومناسبا من أجل إبقاء الضغوط مستمرة بهدف إنهاء البرنامج النووي لإيران##.
ومن المقرر أن يجتمع أعضاء مجموعة الخمسة زائد واحد في ألمانيا يوم 4 فبراير . وفي الفترة القريبة القادمة قد توفر الحوارات الدولية الدائرة حول البرنامج النووي لإيران معلومات مفيدة بشأن الأسلوب الذي يمكن أن ينتهجه صناع القرار السياسي في الولايات المتحدة,بهدف تحقيق التعامل الدبلوماسي مع إيران.
يو.إس.إيه جورنال