بالرغم من إيجابيات ثورة 25يناير وهي كثيرة لا تحصي, إلا أن المظاهرات والاحتجاجات الفئوية التي واكبتها في مختلف قطاعات العمل الاقتصادية, أثرت بالسلب علي الاقتصاد الوطني تصديرا واستثمارا ونموا, مما دفع بالعديد من الدول الصديقة وعلي رأسها دول الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية لتعرض علي الحكومة المصرية استعداداتها لتقديم المساعدات الاقتصادية علي تنوعها من قروض ومنح حتي ينهض الاقتصاد المصري من جديد ويواصل مسيرة نموه. ويأتي عرض هذه الدول من منطلق حرصها علي استقرار الأمور بمصر حيث تعتبر من وجهة نظر كافة الدولرمانة الميزان في منطقة الشرق الأوسط الملتهبة. يري العديد من الخبراء ممن حاورتهموطني أن المساعدات الأجنبية ضرورة ملحة في المرحلة الراهنة ولكن السؤال الذي ألح الجميع علي طرحه يتعلق بكيفية استفادة قطاعات الاقتصاد المصري الاستفادة الفعلية من هذه المساعدات بعيدا عن أوجه الفساد التي كانت تلتهم معظم هذه المساعدات. ونحن بدورنا نطرح آراء الخبراء المعنين بمنتهي الشفافية آملين جميعا أن يتعافي الاقتصاد المصري وينمو ويواصل مسيرة تقدمه.
السفير جمال البيومي رئيس اتحاد المستثمرين العرب يري أن الاقتصاد المصري خسر كثيرا جدا طوال الشهور الثلاثة الماضية في معظم قطاعاته مما أوجد تحديات خطيرة يأتي علي رأسها توفير احتياجات السوق المحلية وخاصة من السلع الحيوية إلي جانب دفع عدة مليارات تتجاوز طبقا لتقديرات حكومية 5مليارات جنيه مصري كتعويض لأصحاب المنشآت التي تضررت هذا إلي جانب الكساد الكبير الذي ضرب قطاع السياحة والخفض الواضح في تحويلات المصريين من الخارج. أما الطامة الكبري-يقول السفيرجمال البيومي فتكمن في حالة الخوف التي انتابت المستثمرين الأجانب الذين يديرون استثمارات في مصر وتجمد أفكار حول استثمارات أجنبية كانت ترغب في الدخول . من هنا فإن المساعدات الأجنبية تعد ضرورة ملحة لإنقاذ الاقتصاد المصري حتي لا يصل لمرحلة الإنهيار.
د.حمدي عبد العظيم الخبير الاقتصادي المعروف يعترف بأن الاقتصاد المصري تعرض لهزات قوية أثرت بالسلب علي عجلة العمل والتنمية سواء في القطاع الحكومي أو العام أو القطاع الخاص, فخسائر قطاع السياحة تعدت 1.5 مليار دولار, كما انخفضت صادراتنا للخارج ووصل حجم هذا الانخفاض إلي 6% بالإضافة لخسائر تتعلق بمواردنا من العملة الصعبة من قناة السويس إلي جانب توقف حركة البنوك خلال أحداث الثورة. ومن هنا فإنني أري ضرورة الإسراع في طلب المساعدات الأجنبية اللازمة بشرط دخول هذه المساعدات بصورة مباشرة في مشروعات حقيقية مستقبلية حتي لا تستأثر وزارة التعاون الدولي بأموال هذه المساعدات فنري صور كربونية للفساد الذي كان متواجدا في الماضي, إذ يكفي أن نعرف أن 20% من المعونات والمساعدات التي تأتينا من الخارج كانت تتعرض في الماضي للسلب والنهب والسطو والاستحواذ دون أن تستفيد بها أي مشروعات تنموية حقيقية.
وطالب د.حمدي عبد العظيم بضرورة يقظة كافة الجهات الرقابية ذات الصلة ووضع كشف حساب بشفافية لكلفة المتعاملين مع هذه المساعدات وعرضها علي الرأي العام أولا بأول.
د.يمني الحماقي أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس تتفق مع ماذكره د.حمدي عبد العظيم من وجود فساد كبير يتعلق بصرف المساعدات والمعونات من قبل القائمين عليها قبل الثورة ولذلك لابد من توجيه تلك المساعدات لوجهتها الصحيحة حتي تحقق الثمار المرجوة منها. ولعل ما فعله رئيس الحكومة د.عصام شرف هو الصواب بعينه حيث كلف وزارة التعاون الدولي باعداد ورقة تتضمن متطلبات مصر من المعونات والمنح والاستثمارات خلال الفترة المقبلة والتي تحتاجها لتجاوز التداعيات السلبية للأحداث التي تمر بها علي الاقتصاد ولدفع حركة الإنتاج والاستثمار والتصدير والسياحة لزيادة معدل النمو وفرص التشغيل للمواطنين.
وتري د.يمني الحماقي أن الاقتصاد المصري وإن كان يمر بظروف قهرية طارئة إلا أنه ليس بالسوء الذي يدفعه مثلا للانهيار لأن القواعد والأسس التي صرف عليها هذا الاقتصاد قوية وذات صلة بالمعاير العالمية ولذا رأينا بعد أن هدأت الأحوال تدافع للمجئ إلي مصر العديد من القيادات السياسية والمالية والاقتصادية من المنطقة العربية والعالم الخارجي لتأكيد رغبتهم في دعم الاقتصاد المصري. فإحدي المجموعات السعودية الكبري تعهدت بتخصيص10مليارات دولار للاستثمار في مصر, ومباحثات رئيس الوزراء معبوب دادلي الرئيس المسئول عن شركةبريتش بتروليم العالمية للبترول والغاز بشأن إقامة مشروع عملاق للغاز الطبيعي في مصر باستثمارات تقترب من 11مليار دولار ويوفر نحو 5 آلاف فرصة عمل ويتم تنفيذه خلال السنوات الخمس القادمة. كذلك أبدي عدد كبير من المصريين بالخارج استعدادا كبيرا للمساهمة في دفع العملية الاقتصادية. كذلك أكد السفير الفرنسيجان فليكس استعداد بلاده لتقديم كافة أشكال الدعم والمساعدة كذلك أعرب الرئيس التنفيذي لـدويتشه بنك الألماني عن دعم بلاده الكامل للبورصة المصرية والاقتصاد المصري والتأكيد علي الثقة في الاستثمار في سوق الأوراق المالية.
علي الجانب المعاكس في الرأي…يري د.فرج عبد الفتاح أن المنح والمساعدات الأجنبية ليست شرطا وحيدا لإنجاز عملية التنمية ولكنها عامل مساعد وغالبا المساعدات الأجنبية لمصر لأنها غالبا ما تكون مصحوبة بشروط وسياسات يكون لها تأثير سلبي علي البعد الاجتماعي خاصة طبقات محدودي الدخل ومتوسط الدخل لذلك لابد من وجود آليات جديدة للتعامل مع هذه المنح والمساعدات ولذلك يقترح د.فرج عبد الفتاح أن يتم ضخ هذه الأموال مباشرة لوزارة المالية لتقوم بتوظيفها التوظيف الأمثل في تطوير البنية الأساسية وخلق فرص عمل جديدة للشباب للخروج من هذه الأزمة.
الوزيرة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي أكدت أن المساعذات الأجنبية تأخذ مجراها فور وصولها بهدف توزيعها علي القطاعات المختلفة عبر قنوات شرعية وأجهزة رقابية يكفي أن نذكر أن الاتحاد الأوربي وحده يساهم بنحو 449 مليون يورو كمساعدات للاقتصاد المصري خلال2011-2013 وإن كنا نأمل عبر المباحثات المكثفة التوصل إلي مبلغ 50 مليون يورو لتعزيز الإصلاح الديموقراطي, و500 مليون يورو أخري من أجل التنمية السياحية وتحقيق اللامركزية.