بقلم: جدعون ليفي
يجب وضع حد لهذا الشيء المضلل. آن الأوان بعد ولادة الاحتلال الإسرائيلي و42 عاما للمعرفة بوضوح مرة وإلي الأبد, من دون إذا ومن دون لكن, إن كان الإسرائيليون يرغبون بهذا الاحتلال. حكومة بعد حكومة تمارس التضليل بحقنا, كما أن الجمهور يشارك في لعبة التضليل هذه من خلال لامبالاته. الآن لدينا رئيس وزراء يتحدث عن دولتين ويعمل لإحباط كل احتمالية لتطبيق المبدأ الذي وافق عليه بنفسه. لا يعرف أحد بصورة صحيحة إلي أين يتوجه رئيس الوزراء هذا باستثناء تطلعه للحفاظ علي بقائه.
قبله كان لدينا رئيس وزراء أوغل أكثر في التنازلات الوهمية وفي نفس الوقت بني المستوطنات وخرج لحربين عبثيتين بائستين. رئيس وزراء آخر من قبله عرض السماء علي ياسر عرفات وفي نفس الوقت بني آلاف الوحدات السكنية في الضفة الغربية. المستوطنات ازدادات وازدهرت في ظل كل حكومات إسرائيل, ميزانيات عملاقة تضخ إليها ورؤساء المستوطنين يدعون بين الشك والحقيقة: الشعب معنا. أجل الجمهور أيضا يمارس الخداع والتضليل: أغلبيته يقول في الاستطلاعات بأنه مع الدولتين وفي نفس الوقت يصوت لأحزاب اليمين, الوسط, أو اليسار المزعوم, هذه الحركات التي لا توجد أية صلة بينها وبين إنهاء الاحتلال.
الاحتلال ليس موجودا في الأجندة الإسرائيلية. ليس في الكنيست اليوم عضو كنيست يهودي واحد يعتبر إنهاء الاحتلال مسألة مسجلة علي اسمه. وسائل الإعلام أيضا تفعل كل ما بوسعها لإبعاد المسألة وطمسها وكبتها. في ظل هذا الوضع الذي ينشغل فيه الجميع فقط في كيفية التضليل وطمس الحقائق, في المسألة التي كان من المفترض أن تطرح علي رأس جدول أعمالنا, لم يتبق إلا التوجه إلي وسيلة واحدة لم تستخدمها إسرائيل في أي وقت من الأوقات: آن الأوان لتنظيم الاستفتاء الشعبي الأول في إسرائيل: مع أو ضد استمرار الاحتلال بكل ما ينطوي عليه ذلك.
إن كانت هناك أغلبية لمؤيدي الاحتلال, فمن الواجب حينئذ الانقضاض علي الضفة الغربية وبناء المزيد من المستوطنات والقول للعالم: هذه إرادة الشعب. هو السيادة. من الناحية الأخري إن سجلت أغلبية لإنهاء الاحتلال فمن الواجب حينئذ إيقاف أي نشاط لترسيخ هذا الاحتلال فورا من دون أية ألاعيب أخري وإنهائه خلال فترة قصيرة في إطار اتفاق أو بصورة أحادية الجانب. لا حاجة لباراك أوباما أو محمود عباس ولا بنيامين نتنياهو حتي: علي الشعبين أن يقولا كلمتيهما وبعد ذلك سنري من الذي سيتكلم بعدئذ.
كل التعليلات ضد الاستفاءات الشعبية معروفة: فالأمر الجيد لسويسرا وأيرلندة وأستراليا ليس جيدا لإسرائيل, وتكفينا الانتخابات المتقاربة التي تجري عندنا بين حين وحين. لو ردت الانتخابات في إسرائيل علي السؤال: ما الذي يريده الشعب فعلا في هذه القضية المصيرية, لما كان هناك داع لمثل هذا الاستفتاء. إلا أن الأمر ليس كذلك. صحيح أيضا أنه لو كان لإسرائيل قائد جرئ ذو تصميم, ما في قلبه علي لسانه, قائد يقول حقيقته للشعب ويتصرف وفقا لهذه الحقيقة: دولتين أو دولة واحدة ولا يوجد طريق ثالث – لكانت الانتخابات كافية حينئذ كافية حينئذ ولكن إسرائيل لا تمتلك ولم تكن لديها قائد كهذا.
في غياب الاستفتاء الشعبي يستطيع كل قائد مواصلة الخداع, ويواصل الجمهور لامبالاته وكلامه الفارغ. هناك حاجة الآن لإشهار سلاح يوم الحساب هذا في ظل استمرارية الاحتلال وعدم توقفه للحظة, لأننا قريبون من يوم الحساب فعلا. بعد قليل أو من الآن لن تجدي كل الاستفتاء الشعبية أيضا وسيحكم علينا بالعيش في دولة أبارتهايد ثنائية القومية تقوم علي التفرقة العنصرية وتسودها النزاعات وتراق فيها الدماء إلي الأبد. صحيح أن الحكومة لن ترغب بمثل هذا الاستفتاء فما لها ولهذا الاستفتاء, والكنيست أيضا لم يرغب به مثلها. لذلك يجب أن يأتي النداء من مكان آخر: من حناجر آخر الإسرائيليين في اليمين واليسار الذين مازالوا يرغبون علي الأقل في معرفة ما الذي نريده وإلي أين نسير بحق السماء.