يتعرض عشرة في المائة من الناس لنزيف الأنف… معظم الحالات تكون بسيطة جدا,حيث يتوقف النزيف تلقائيا ولذلك لا تستدعي عرضها علي الطبيب الإخصائي… ولكن بعض حالات النزيف تكون شديدة جدا وقد تترتب عليها مضاعفات خطيرة خاصة إذا فقد من الدم لترا أو أكثر مما يؤدي إلي هبوط شديد في ضغط الدم ونقص بالأوكسجين فتتعرض عضلة القلب للخطر في كبار المسنين والمصابين بتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم… لذلك يجب عرض مثل هذه الحالات علي الطبيب الإخصائي علي وجه السرعة.
تفاصيل الأسباب والمتاعب والمعاناة والآثار الجانبية والعلاج يشرحها لنا د.حسين أبو الوفا أستاذ الأنف والأذن والحنجرة بكلية الطب جامعة الأزهر قائلا:
الأنف هو المدخل الطبيعي للجهاز التنفسي ووظيفته تنقية الهواء من التلوث أثناء الشهيق,فهو مزود بشعر كثيف بفتحتي الأنف,كما أن الفراغ الأفقي مبطن بغشاء مخاطي تلتصق به أي نوع من البكتيريا,كما أنه يقوم بتعديل درجة حرارة الهواء المستنشق بحيث تضبط علي 36 درجة مئوية مهما كانت درجة حرارة الجو الخارجي المحيط بالإنسان بهدف حماية الجهاز التنفسي السفلي.
وحتي يؤدي هذه الوظائف بدقة متناهية فإن الأنف مزود بجهاز دقيق من شرايين وأوردة وشعيرات دموية تؤدي وظيفتها بتناغم يتحكم فيها جهاز عصبي لا إرادي يقوم بتنظيم الدورة من اتساع وانقباض.
تغذي الأنف ثلاثة شرايين أكبر هو فرع من الرقبة,والشريان الثاني والثالث من المخ مباشرة… ويصلان إلي الأنف من خلال قاع الجمجمة الأمامي.
ونظرا لكثرة الأوعية الدموية النشطة فإن الأنف أكثر تعرضا للنزف الذي قد يكون من الجزء الأمامي للأنف, ولكن من السهل التحكم فيه وعلاجه.
النزيف قد يكون من الشرايين الأمامية من الحاجز الأنفي وهو أكثر حدوثا في سن الطفولة وصغار السن من الشباب,وعادة ما يكون قليلا ولا يشكل خطورة.
معظم أسباب النزيف في الأطفال يرجع إلي قيامهم بإدخال الأصبع في الأنف عندما يشعرون بحكة في داخله أو انسداد بها عقب الإصابة بالزكام والرشح المصاحب لنوبات البرد… بالإضافة إلي صعوبة التنفس من الأنف بسبب اعوجاج الحاجز الأنفي مما يحدث إعاقة للدورة الدموية بالحاجز الأنفي, أو إدخال أجسام غريبة بالأنف مما يؤدي إلي التهاب شديد وتجمع الإفرازات خلف هذا الجسم وانبعاث رائحة كريهة من الأنف,ونزيف من الجهة التي بها الجسم الغريب… كما أن إصابات الأنف في الحوادث وبعض المباريات الرياضية يسبب نزيفا بسبب كسر بعظام الأنف… وقد يحدث النزيف عقب إجراء العمليات الجراحية بالأنف والجيوب الأنفية خلال الأسبوع الأول من إجراء هذه العمليات,كما أن الالتهابات المزمنة بالأنف والجيوب الأنفية قد يصاحبها النزيف.
وقد يتعرض الكبار للأورام الخبيثة في الأنف فيكون مضاعفاتها حدوث نزيف غالبا ما سيكون شديدا.
يلاحظ أن تعاطي بعض الأدوية مثل الأسبرين والعقاقير مانعة التجلط والأدوية المستخدمة لعلاج الروماتيزم تسبب سيولة في الدم مما يضاعف من احتمالات النزيف من الأنف.
وقد يحدث النزيف عند الإصابة ببعض أمراض الدم مثل اللوكيميا وارتفاع ضغط الدم,وغالبا ما يكون النزيف شديدا من فتحة واحدة أو الاثنتين معا… وغالبا ما يحدث ذلك من الشرايين الخلفية التي يصعب السيطرة عليها ولذلك يجب سرعة علاجها خوفا من المضاعفات التي تهدد حياة الإنسان.
تتلخص طرق علاج النزيف بوضع كمادات مثلجة علي الأنف,مع الضغط بالأصابع بشدة علي الجزء الأمامي لمدة ما بين ثلاث إلي خمس دقائق,وضرورة قياس ضغط الدم لمعرفة الأسباب وتحديد العلاج… وفحص الأنف بالمنظار لمعرفة مصدر النزيف هل هو أمامي أم خلفي,فإذا كان أماميا وظهر بوضوح الشريان النازف فيمكن إيقاف النزيف بالكي الكيميائي أو بالكهرباء إذا كان النزيف شديدا خاصة عند الأطفال.
أما إذا كان النزيف خلفيا,أي أن الشرايين الخلفية فإن مصدر الشرايين النازفة لا يمكن تحديد موقعها بالكشف العادي,ولذلك نلجأ لحشو الأنف بالشاش المعالج بالفازلين والكريم أو المرهم المحتوي علي المضادات الحيوية ونلجأ لاستخدام الحشو الخلفي إذا فشل الحشو الأمامي في إيقاف النزيف لوجود شريان خلفي كبير غير مضغوط عليه.
إذا اتضح أن ارتفاع ضغط الدم كان السبب في النزف فيجب إعطاء المريض العلاج المخفض لضغط الدم,مع تفادي الأدوية التي تسبب سيولة الدم… ويمكن إعطاء المريض الأدوية المساعدة علي تجلط الدم في الحالات الشديدة علي ألا يتعارض ذلك مع حالات المرضي الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم تفاديا لحدوث جلطة في أي شريان آخر.
في بعض حالات النزيف الخلفي الذي لا يمكن السيطرة عليه تجري عملية جراحية لربط الشريان النازف سواء كان خلفيا أو أماميا,وتجري التحاليل اللازمة لمعرفة الأسباب,أو لتقدير مدي حاجة المريض لنقل دم إذا حدث هبوط شديد في الضغط.