من المفارقات العجيبة أن يصوت مجلس الدولة بالإجماع علي عدم تعيين المرأة في قضاء مجلس الدولة في سابقة أولي من نوعها علي مدي أربعين عاما تجتمع فيها لأول مرة جمعية عمومية غير عادية لمناقشة أمر إداري يتعلق بالتعيينات أو فتح باب التوظيف لفئة دون أخري.. وبعدها بأيام قليلة يعلن صفوت الشريف رئيس مجلس الشوري عما حققته المرأة المصرية من مكاسب وما وصلت إليه من مناصب فيتباهي في المؤتمر الأورومتوسطي الذي نظمه المجلس القومي للمرأة البرلمانيات كمحرك فعال في التنمية ويشيد بها كقاضية في المحكمة الدستورية العليا وبشغلها 42 منصبا قضائيا علي مستويات التقاضي المختلفة.
ومما يثير الدهشة في حيثيات رفض تعيين المرأة في مجلس الدولة الإدعاء بأن تجربة تعيين المرأة في محاكم الأسرة لم تنجح ولذلك لم تقدم وزارة العدل علي تكرارها!! ولم نعرف أسباب وصفها بالفشل وما هي ملامحه وما هي الدراسات التي أجريت لتخرج بهذه النتيجة, وهل هذا الفشل يخص القاضيات في تلك المحاكم دون القضاة؟!.
وكعادة المجتمع الذكوري في تنصيب ذاته وصيا علي المرأة ادعي بيان مجلس الدولة بأنه يشفق علي المرأة من هذا العمل الشاق في المناصب القضائية!! ويصف طبيعة هذا العمل بأنه صعبا علي المرأة المصرية في صورته الحالية ومن ناحية أخري يتهمها بأن ممارسة العمل القضائي سيشغلها عن رعاية الزوج والأبناء وطبعا هذا يهدد بناء المجتمع!!.
ورغم كل ذلك فالبيان يدعي بأنه لا يتخذ موقفا مضادا لعمل المرأة في القضاء!!.
عندما يصدر هذا الكلام عن رجل الشارع قد يعتبر مقبولا أما عندما يصدر ممن هم في مستوي قضاة مجلس الدولة فإنه يصبح مرعبا من وجود هذه العقليات في هذه المستويات العليا.. وكنا نأمل أن يضع مجلسا كهذا معنيا بالعدل معايير محددة لقضاة مجلس الدولة يتم تطبيقها علي الجميع بغض النظر عن النوع ويشغلها الأكفاء للمنصب لا أن يمارس عنفا وتمييزا ضد المرأة والرجل في الحقوق والواجبات بل وجعل الدولة مسئولة عن توفيق المرأة بين أسرتها وعملها.
[email protected]