الانتخابات في دولة ديمقراطية صحيحة تجعل الحكومات مسئولة أمام رعاياها وتسهل عمليات انتقال السلطة بصورة سلمية.
تتطلب الانتخابات الديمقراطية أكثر من الإدلاء بالأصوات الانتخابية وعدها. ففي الديمقراطية الصحيحة, تجعل الانتخابات الحكومات مسئولة أمام رعاياها. ويحصل ذلك عندما:
يكون المواطنون أحرارا في اختيار ممثليهم السياسيين.
يستطيع المواطنون الاختيار بين المرشحين الذين يسعون للحصول علي دعمهم.
عندما يتعين إعادة انتخاب شاغلي المناصب الحاليين للاحتفاظ بمراكزهم بعد فترة محددة. وهؤلاء يواجهون أحكاما انتخابية منتظمة حول أدائهم ويتعرضون لفقدان السلطة بواسطة صناديق الاقتراع.
تعزز الانتخابات التنافسية عدم التيقين من البقاء في المنصب بين الطموحين سياسيا وبذلك تشجع حسن استجابتهم للمواطنين.
لن تنتج الانتخابات المساءلة سوي عندما تجري بانتظام وعندما تكون حرة ومنصفة. في العديد من الديمقراطيات الجديدة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبري, وأوراسيا ما بعد الحكم الشيوعي, لم تضمن الانتخابات حصول المساءلة. يعود هذا الأمر أحيانا لكون الإجراءات الانتخابية مخالفة للأصول, بدلا من أن تكون شفافة وتلتزم بشكل تام بالإرشادات الدستورية. في بعض الدول يسيطر شاغلو المناصب الحاليون علي الملعب السياسي من خلال توزيع المحسوبيات علي المؤيدين الدائمين والمحتملين, أو من خلال خلق جهات معارضة ##زائفة## ومضايقة معارضيهم ##الحقيقيين##. علاوة علي ذلك, تستطيع الأنظمة التي تبدو أنها ديمقراطية إطالة مدة تمسكها بالسلطة من خلال السيطرة علي تسجيل الناخبين, وفرز الأصوات.
تضيق الفجوة بين الممارسات الديموقراطية الحقيقية والصورية عندما تدير أحزاب المعارضة ومرشحو المعارضة حملات انتخابية نشطة. يجند هؤلاء المواطنون ومجموعات المجتمع المدني التي تقوم بدورها من أجل تنظيم سجلات الناخبين, ودفع الناخبين إلي الاقتراع, ورصد الانتخابات. وهذا ما حدث بالضبط في الانتخابات المحورية التي جرت في سلوفاكيا عام 1998, كرواتيا وصربيا في العام 2000, جورجيا في العام 2003, وأوكرانيا في العام .2004 في كل حالة من هذه الحالات, استخدم المواطنون أساليب ديموقراطية شملت التصويت والاحتجاجات من أجل إجبار شاغلي المناصب الحاليين الاستبداديين أو خلفائهم المكرسين علي الاعتراف بالهزيمة.
تتحدي عمليات الانتقال أي نظام سياسي. تتعامل الأنظمة الديموقراطية السليمة مع المأزق بصورة سلسة وسلمية. تظهر الانتخابات النزيهة وعمليات الانتقال السلمي للسلطة بأن الخاسرين اليوم قد يكونوا الرابحين غدا, والعكس بالعكس. يجب أن يستجيب الرابحون ومؤيدوهم لآراء منافسيهم وأن يبقوا أعينهم مفتوحة علي الدورة الانتخابية التالية. بإمكان الخاسرين ومناصريهم تركيز اهتمامهم علي الإمكانيات الحالية والمستقبلية بدلا من التركيز علي الشعور الماضي بالاستياء. إنهم يقبلون النظام السياسي القائم بسهولة أكبر عندما يثقون بأن القواعد سوف تعمل لصالحهم في المرة القادمة, بحيث يصبح سعيهم لقلب الحكومة الديموقراطية بطريقة عنيفة أقل احتمالا.
تفرض ضمنيا كل عملية انتقال إلي قيادة جديدة حدوث تغيير, وبالتالي فإن هذا التغيير يمثل تحديا للاستقرار السياسي. تحد الديموقراطيات من شأن هذا التحدي من خلال إجراء انتخابات منتظمة وتنافسية تفتح فرصا حقيقية أمام بروز قادة جدد, ومن خلال عمليات انتقال شفافة للسلطة تساعد الفائزين والخاسرين علي حد سواء في قبول مصائرهم. لكن الديموقراطيات تختلف من حيث كيفية موازنة فوائد الاستقرار مقابل الحاجة للحركة السياسية والتغيير السياسي, وحتي ضد رغبة الناخبين في إعادة نفس المرشح إلي منصبه مرة تلو الأخري. فعلي سبيل المثال, يوجد في الولايات المتحدة, وروسيا, وأرمينيا, وأكثر من 30 دولة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبري حدود دستورية لمدة بقاء القادة في مناصبهم. تحمي هذه الحدود من الحكم الاستبدادي وذلك من خلال منع أي فرد من الإمساك بمقاليد السلطة لوقت طويل جدا, لكنها تحرم, في نفس الوقت, المواطنين من فرصة التصويت لمرشح ##انتهت مدة ولايته##.
لذلك تخدم الانتخابات وظيفتين حيويتين في النظام الديموقراطي. إنها تجعل الحكومة مسؤولة أمام رعاياها وتسهل عمليات انتقال السلطة السياسية بطريقة سلمية. هذان التأثيران يشرعان, بدورهما, الديموقراطية. يعتبر المواطنون في الديموقراطية الصحيحة أن الحكومة النيابية هي ##الطريق الوحيد## لإدارة الحياة السياسية في البلاد.
فاليري بونس أستاذة علم الحكم وتشغل كرسي آرون بيننكورب للدراسات الدولية في جامعة كورنيل, وخبيرة في الديمقراطية والحكم الاستبدادي في أوروبا وأوراسيا ما بعد الحكم الشيوعي. شاركت في تحرير كتاب ##الديمقراطية والحكم الاستبدادي في عالم ما بعد النظام الشيوعي##.
يو إس جورنال