اعتادت الحكومة إزاء كل أزمة تتعرض لها الكنيسة المصرية أن تخرج بيانات وتصريحات بتحقيق المطالب كإقرار قانون دور العبادة الموحد وقانون التمييز الديني وفتح الكنائس المغلقة فضلا عن تعقب الجناة المتسببين في هذه الأزمات ومعاقبتهم علي الجرائم التي ارتكبوها, إلا أن شيئا يتحقق علي أرض الواقع… حول مطالب الأقباط التي لم تتحقق وهي حقوق أصيلة وآراء من يرون أن الحكومة غير جادة ومن يؤكدون بتحقيق المطالب.. دارت حوارات هذا التحقيق:
تحقيقات شاملة
أكد المستشار محمد عطية وزير التنمية المحلية في تصريح خاص لـوطني: سوف يصدر قانون دور العبادة الموحد في غضون أسبوعين مع إضافة مادة جديدة إلي الباب الحادي عشرمن قانون العقوبات المشار إليه برقم 161 مكرر بشأن منع التمييز الديني والتي تنص بالحبس والغرامة بما لا يقل عن 30 ألف جنيه ولا يتجاوز 100 ألف جنيه لكل من قام بعمل من شأنه التمييز بين أفراد الشعب أو ضد طائفة بسبب الجنس أو الأصل أو العرق, اللغة والدين أو العقيدة وترتب علي هذا التمييز إهدار مبدأ تكافو الفرص أو تكدير السلم العام بالإضافة لعقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر فضلا عن تكليف اللجنة التشريعية بمجلس الوزراء بتقنين أوضاع الكنائس المغلقة غير المرخصة واستصدار مرسوم لتوفيق أوضاعها, فضلا عن قيام اللجنة بالتحقيق في أحداث كنيسة الماريناب بإدفو بعد الاطلاع علي تحقيقات النيابة العامة ووضع حلول جذرية لدرء الفتنة.
وعن تطبيق توصيات لجنة العدالة الوطنية قال المستشار عطية: تم الاتصال بمحافظ أسوان اللواء مصطفي السيد الذي أكد أن الملف برمته تحول للنيابة العامة التي تحقق في هذا الأمر ابتداء من تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية حتي كنيسة الماريناب بأسوان ومن يثبت تورطه في جريمة حرق أو هدم أو تفجير دور عبادة لن يفلت من العقاب.
حقوق دستورية
من جهته أكد المستشار حامد الجمل رئيس مجلس الدولة الأسبق: كان هناك قرار قديم منذ القرن التاسع عشر يسمي بالأمر الهمايوني الساري الآن لبناء الكنائس في مصر رغم وجود تعديل طفيف عليه وهو السماح للمحافظين بالأذن لبناء الكنائس والترخيص لهم في محافظاتهم وهذا الأمر لا يحترم حق الأقباط الدستوري والذي أوصت به قرارات حقوق الإنسان في بناء دور العبادة وحرية إقامة الشعائر الدينية مادام لا يمس ذلك النظام العام والآداب, وهذا القانون ورد عليه عدة ملاحظات عندما طرح للمناقشة الشعبية من أفراد التيار السلفي الإسلامي وكذلك قادة الرأي من الأقباط في أمور تتعلق بالمسافات بين دور العبادة الإسلامية والمسيحية مؤكدا أن المشروع جاهز للعمل به وطلبت وقتها بالعمل به ولأسباب غير مفهومة لم يصدر عن المجلس العسكري هذا المرسوم بقانون لإنهاء المشاكل المتعلقة ببناء وافتتاح الكنائس وحمايتها من أي اعتداء وتحديد عقوبات رادعة لمن يعتدي علي الكنائس والمساجد.
وحول من يدعي بأن قانون دور العبادة الموحد غير دستوري أكد الجمل: هذه النقطة تحديدا ليس لها سند قانوني ولا أساس لها في مبدأ المواطنة المقررة في الدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لأن حق إقامة الشعائر الدينية, خاصة الأديان السماوية حق مطلق وهو يقتضي بالضرورة الحق في الترخيص الحتمي ببناء دور العبادة اللازمة, ولا دخل للكثافة السكانية.
وعن قانون التمييز الديني أكد الجمل: الدستور الذي سيتم وضعه بعد الانتخابات المقبلة سوف ينص علي المساواة والمواطنة بين جميع المصريين وبالتالي فإن ما تزعمه بعض التيارات السلفية من التمييز بين المسلمين وغيرهم في حق تولي الوظائف والمناصب العامة علي زعم ما ينقلونه من الكتب القديمة للفقهاء الوهابيين من أنه لا ولاية لغير المسلم علي المسلم وهو أمر ليس له سند قرآني أو في السنة.
وهذا القانون يعد مبدأ من المبادئ الدستورية الحاكمة وهناك نص بذلك في وثيقة المبادئ العامة للدستور الذي اقترحته القوي السياسية.
وعن الكنائس المغلقة فإن قانون دور العبادة الموحد سيتضمن أحكاما تعالج تسوية أوضاع المساجد أو الكنائس التي أغلقت بسبب عدم توفر الترخيص أو شروط البناء.
مقياس علمي
من جانبه أكد المستشار زكريا عبدالعزيز رئيس نادي القضاة السابق: لابد أن يدرس مشروع دور العبادة بهدوء ويتوافق عليه الجميع سواء الأرثوذكس والبرتستانت والكاثوليك ووضع مقياس علمي محدد للسكان والمسافة بين كل دور عبادة والآخر, والقانون يدرس كيفية توافق المساحة مع الكثافة, كما سيتم التركيز علي المسافة بحيث تكون بين كل دور عبادة وأخري مسافة لا تزيد علي 2 كيلو حسب عدد السكان وعمل الإحصائيات ومعرفة العدد الحقيقي للأقباط.
وأدعو الأقباط للتخلي عن سياسة التقوقع والانخراط في المجتمع ومباشرة حقوقهم السياسية وأطالب الكنيسة والمسجد بألا يقوموا بدور سياسي.
المشكلة الحقيقية
قال المستشار أمير رمزي عضو لجنة العدالة الوطنية بمجلس الوزراء: المشكلة ليست في إصدار القوانين فهناك مشكلة الاحتقان الطائفي والتمييز الذي حدث المشكلة الحقيقية تكمن في تطبيق سيادة القانون علي الكل وليس علي الأقباط فقط وليست في إقرار تشريعات جديدة, ولجن العدالة الوطنية قامت بعمل توصية لرئيس الوزراء بترخيص كل الكنائس التي تم إغلاقها والتي تتجاوز الـ53 كنيسة في مختلف المحافظات والتي أغلقت بأوامر جهاز مباحث أمن الدولة المنحل, وافتتح منها 7 كنائس فقط, ومجلس الوزراء يدرس حاليا قانون التمييز الديني وقانون دور العبادة وملف الكنائس المغلقة وسيصدر قريبا.
مناورات ومراوغات
أكد د. عماد جاد الخبير بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام:
بيان الحكومة بإصدر قانون دور العبادة مناورات ومراوغات واستجابة شكلية لتمرير الأزمة الحالية كما حدث في كل مرة, وليست هناك مشقة في الحكومة أو المجلس العسكري في إنجاز أي شيء لثكناته لأنه أثبت أنه يتبع سياسة الإنكار التي اتبعها النظام السابق في محاولة للتغطية علي ما حدث لعبور الأزمة دون علاج ويري أن الحل الجذري في إقالة الحكومة وتشكيل حكومة وطنية ومحاسبة المسئولين عن مجزرة ماسبيرو فضلا عن تشكيل مجلس رئاسي مدني يدير الفترة الانتقالية.