أعلنت الحكومة عن نيتها إلغاء مجلس الشوري وقد صرح المستشار محمد الجندي وزير العدل أنه يتم حاليا دراسة البدائل المختلفة لدور المجلس في الفترة المقبلة وهل هناك حاجة ملحة للإبقاء عليه مع تفعيل دوره وإعطائه صلاحيات جديدة, استطلعت وطني آراء بعض خبراء القانون الدستوري والسياسيين, وطالبوا عددا كبيرا منهم بإلغاء المجلس الذي تأسس في عهد الرئيس الراحل أنور السادات بعد استفتاء شعبي عام 1971 لعدم الحاجة إليه في الفترة المقبلة ولتوفير المخصصات المالية التي يتم استقطاعها من ميزانية الدولة لمجلس بلا صلاحيات.
قال المستشار محمود درويش المحامي بالنقض والإدارية العليا والدستورية إن مجلس الشوري غير ضروري في الفترة المقبلة وذلك لكون دوره تشاوريا, فهو لا يفيد المواطن والدولة التي تتحمل أعباء مالية تستقطع من الموازنة العامة مما يؤدي إلي إهدار المال العام.
وأوضح درويش أن المجلس يصرف عليه سنويا من الموازنة العامة نصف مليار جنيه, علاوة علي إنفاق 300 مليون جنيه لترميمه من الحريق الذي أصابه.
وأكد درويش أن استمرار المجلس بالشكل الحالي سيزيد من تباطؤ إصدار القوانين وعدم تنفيذها وهذا لا يتفق مع متطلبات الفترة المقبلة التي تحتاج لسرعة تمرير القوانين والموافقة عليها لمواجهة الهزات الاقتصادية والسياسية.
وأضاف المستشار أسامة الشناوي رئيس محكمة الاستئناف أن مجلس الشوري يؤدي إلي إهدار الوقت والمال لاسيما أن دوره استشاري ولم يمارس دورا رقابيا علي أداء الحكومة, وهو لا يلبي طموحات المرحلة الراهنة خاصة أنه أنشئ طبقا للدستور السابق لمكافأة رجال الأعمال والشخصيات المرتبطة بالنظام السابق.
فاقد للصلاحيات
أكد حمدي الأسيوطي – أمين لجنة الحريات بحزب التجمع والمحامي بالنقض – أن إلغاء مجلس الشوري أمر ضروري في الفترة الحالية لما شهدناه في عهد النظام السابق الذي استطاع من خلال الحزب الوطني أن يفقد المجلس كافة صلاحياته ليصبح مجلسا استشاريا فقط ورغما من إعطائه حق التشريع إلا أنه كان مجلسا صوريا يتحكم فيه رئيس الجمهورية من خلال التعيين وانتخابات مزورة, والدليل قلة عدد تمثيل الأحزاب المعارضة داخل المجلس والتي مررت بذات النهج, هذا إلي جانب مسألة ازدواجية رئاسة مجلس الشوري مع المجلس الأعلي للصحافة, وهي مسألة في غاية الخطورة أن يكون رئيسا واحدا للمجلسين, ومن ثم جعل إعطاء الترخيص للصحف المرضي عنها في يد المجلس ورفض منح الترخيص للصحف غير المرضي عنها.
مصر ليست بحاجة لمجلس
اتفق مع الرأي السابق سعيد عبدالحافظ – رئيس مؤسسة ملتقي الحوار للتنمية وحقوق الإنسان – قائلا: إن إلغاء مجلس الشوري هو الحل الأمثل علي اعتبار أن مصر لم تكن بحاجة إليه بعد مضي الفترة الانتقالية التي نمر بها حاليا وسيتم الدعوة لانتخاب برلمان جديد يأتي معبرا عن إرادة الشعب, والمتطلبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية داخل المجتمع المصري, هذا إضافة للأعباء المالية من ميزانية الدولة, الأمر الذي جعل معظم القوي السياسية تطالب بإلغاء مجلس الشوري ونحن بصدد إجراء تعديلات تشريعية في الفترة المقبلة.
وأضاف عبدالحافظ أنه في حالة بقاء المجلس هل يتم تشكيل أعضائه بنفس الطريقة القديمة وتعيين ثلثي الأعضاء أم سيتم تشكيل المجلس علي أساس الانتخاب؟ وكذلك هل سيمنح اختصاصات تشريعية ورقبية أم يستمر بنفس الاختصاصات القديمة؟
الدستور يقول…
أكد الدكتور محمد نور فرحات – أستاذ القانون الدستوري – أن المهام الممنوحة من قبل الدستور لمجلس الشوري سقطت وألغيت بصدور الإعلان الدستوري الجديد ليطبق عليه نص المادة 37 من الإعلان الدستوري والتي جاء نصها كما هو في الدستور القديم أن يختص بدراسة مشروع الخطة والموازنة وكل ما يختص بالوحدة الوطنية والحقوق والحريات العامة, أما بالنسبة للاختصاص التشريعي فهو يختص بإبداء الرأي في مشروعات القوانين التي يحيلها عليه رئيس الجمهورية فضلا عما يحيله رئيس الجمهورية من موضوعات السياسة العامة, لذا يعتبر مجلسا استشاريا يصبح اختصاصه معلقا لما يحيله إليه رئيس الجمهورية من موضوعات وهو ما يجعل وجوده دون فائدة ليأتي اليوم الذي نطالب فيه بإلغائه.
الشوري.. صمام الأمان!
وتطالب دكتورة يمن الحماقي – أستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس وعضوة مجلس الشوري سابقا – ببقاء مجلس الشوري باعتباره صمام الأمان لعدم الاندفاع في اتخاذ أي قرار دون دراسته من كافة جوانبها علي غرار ما هو مطبق في الكونجرس حيث يوجد مجلس الشيوخ وأحقيته في الموافقة علي تشريع قانون ما أو الاعتراض عليه بعد بحثه ودراسته لتأتي أهمية وجود مجلسي شعب وشوري معا من أجل وجود نظام برلماني قوي خاصة وأن لكل منهما مهام تختلف عن الآخر, فالشوري يقوم بدور فعال في مناقشة القضايا القومية ومن ثم تقديم المقترحات لها.
وأضافت أن المجلس بحاجة لتفعيل دوره في الفترة المقبلة بإعطائه صلاحيات أكثر يخول له الدستور فالميل يتجه لوجود نظام برلماني قوي بشقيه شعب وشوري مما يتطلب إعادة هيكلة النظام السياسي والاقتصادي والاجتماعي بتبلور دستور جديد يقود مصر لمرحلة جديدة.
التعديلات الدستورية عام 2007.. لخبطة!
تحدثت جورجيت قلليني – عضوة مجلس الشعب سابقا – قائلة إن ما أعطي من اختصاصات تشريعية لمجلس الشوري في التعديل الدستوري الأخير عام 2007 جاء في غير صالح المجلس وبالنظر للشكل نجد أن المجلس غير وارد في الجزء الخاص بالسلطة التشريعية للدستور ومن ثم في حالة حدوث خلاف بين المجلسين علي مشروع قانون ما يعرض الأمر علي لجنة مشتركة ووفقا للقانون يكون التصويت فيها لمصلحة قرار مجلس الشعب باعتباره الأكبر, وبالتالي بقاء مجلس الشوري بهذا الوضع من منحه سلطات تشريعية علي الرغم من أنه ليس جزءا من السلطة التشريعية يحدث لخبطة.
ومن الأفضل في الفترة الحالية الاقتصار علي وجود مجلس الشعب فقط وإرجاء الشوري ولو بصورة مؤقتة, فلم يعد لدينا وقتا كافيا لإجراء انتخابات لمجلسي الشعب والشوري إلي جانب توفير الاعتمادات المالية المهدرة, فكفي ما استنزف من أموال من ميزانية الدولة.