لاشك أن تجسد أقنوم الكلمة لخلاصنا, هو السبيل الوحيد لكي نعرف الله, ونخلص بروحه, ونصل إلي ملكوته.
لهذا فالسيد المسيح هو:
1- حياتنا الجسدية: ##لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد## (أع 28:17).
2- وحياتنا الروحية: حينما ندخل إلي عشرة معه, ويسكن فينا.
3- وحياتنا الأدبية: حينما نصير أولاده وشركاء طبيعته الإلهية.
4- وحياتنا الأبدية: حينما نقضي معه أبدية سعيدة في ملكوته.
1- حياتنا الجسدية
##فيه كانت الحياة, والحياة كانت نور الناس## (يو4:1).
##أنا هو القيامة والحياة, من آمن بي ولو مات فسيحيا## (يو 25:11). والرب يسوع – من الأساس – هو سر حياتنا الجسدية, لأننا به نحيا نتحرك ونحيا ونوجد## (أع 28:17), وهو الذي ##فيه كانت الحياة## (يو 4:1).
خلقنا للخلود:
لقد خلق الله الإنسان للخلود الأبدي, وذلك حينما نفخ في قطعة الطين نفخة قدسية إلهية, فصار آدم نفسا حية. وهكذا قيل: ##فخلق الله الإنسان علي صورته, علي صورة الله خلقه, ذكرا وأنثي خلقهم, وباركهم الله, وقال لهم: أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض## (تك 27:28,1).
وكان آدم يتمتع مع حواء بملامح مهمة, حينما وضعه الرب في جنة عدن, إذ اتسمت البشرية بسمات مهمة منها:
أ- العقل والنطق: إذ أن الله ##اللوغوس##, ##الكلمة##, ##الحكمة الإلهية اللانهائية## أعطي الإنسان قبسا من العقل, فصار آدم كائنا عاقلا مدركا, يدرس ويحلل ويستنتج, بعكس بقية الكائنات. فحتي الحيوانات التي تمتلك ##مخا## في رؤوسها, إنما تمتلك قدرة الفهم الغريزي, فتفرق بين الخطر والأمان, إلي حد متفاوت, كما تفرق بين ما يصلح للأكل وما لا يصلح.
ب- البر والقداسة: فلقد كان آدم وحواء متشحين ببر الله, وطاعة وصاياه, غير آكلين من شجرة معرفة الخير والشر. وقد انتهت هذه الحالة بالسقوط في العصيان, وبالرغبة في التعالي والتأله, ذلك حينما خضعا لغواية الحية, التي قالت لهما: ##الله عالم أنه يوم تأكلان منه ##من ثمر شجرة معرفة الخير والشر##, تنفتح أعينكما, وتكونان كالله, عارفين الخير والشر## (تك 4:3).
ج- الحرية : فالله حر, وقد خلق الإنسان حرا, يتخذ قراره بنفسه, ويتحمل مسئولية القرار. وهذه الحرية هي التي جعلت الرب يخلق الملائكة, ويعطيها فرصة اختبار, فيسقط الشيطان وأجناده, وكان الله قادرا أن يبيده, ولكنه سمح باستمراره حيا حتي الآن, ليعطي الإنسان فرصة ممارسة الحرية, والاختيار بين تبعية الله أو الشيطان, وحتي بعد الفداء, الذي جدد الإنسان بالمعمودية, بقي الإنسان حرا, يختار أفعاله بنفسه, ويمارس حريته كاملة, في أن يقرر تبعية الله أو الشيطان. وقد كلفت حرية الإنسان الله تكاليف كبيرة, بذلها الرب في محبة كاملة, أقصد التجسد والفداء, اللذين بهما صار للإنسان فرصة الاختيار بين الخير والشر, كما صارت له إمكانية الخلاص من الخطيئة ووراثة الملكوت.
د- الخلود: فلقد أعطي الله آدم وحواء إمكانية الأكل من شجرة الحياة, التي من يأكل منها لا يموت, والتي كانت إشارة للسيد المسيح, مانح الحياة والخلود. ولما أكل آدم من شجرة المعصية, ##أخرجه الرب الإله من جنة عدن, ليعمل الأرض التي أخذ منها## (تك 23:3), ##وطرد الإنسان, وأقام شرقي جنة عدن الكاروبيم, ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة## (تك 24:3). وذلك خوفا من أن يأكل آدم من شجرة الحياة, فيحيا إلي الأبد في فساد الخطيئة الذي أصابه, وكذلك لتسري عقوبة الموت عليه: ##يوم تأكل منها موتا تموت## (تك 17:2). وكانت هذه الحالة المؤقتة, إلي حين التجسد والفداء, حينما رفع الرب حكم الموت عن الإنسان, وجدد طبيعته الفاسدة, ثم رده مرة أخري إلي الفردوس المفقود: فردوس الحياة الروحية, ونعيم النفس, ثم القيامة العامة, والملكوت الأبدي.