نتابع تأملنا في المزمور السابع والستين الذي تأملنا الآية الأولي منه يوم الأحد الماضي,وفيها رأينا الله يبارك شعبه بركة ثلاثية,أولها بركة الحنان والرحمة,والثانية أن يسدد أعوازنا,والثالثة أن يرضي علينا فينير وجهه علينا.
ونتامل اليوم كيف يبارك المؤمنون العالم بالبركة التي وهبها الله لهم.فما أهم وجود المؤمنين في العالم.إنهم ملح الأرض ونور العالم.ولو كان هناك عشرة أتقياء في سدوم وعمورة لما حل بهما الخراب والدمار بالنار والكبريت!(تك18:32) وكل الذين تحنن الله عليهم وباركهم وأنار حياتهم يباركون غيرهم ببركة سباعية:
1-يعرفون العالم طريق الرب:لكي يعرف في الأرض طريقك(آية2أ).كما يسقط المطر أولا فوق التلال,فيصير أنهارا تجري في الوديان,هكذا بركات الله لا تصل إلي البشر إلا بواسطة حياة المؤمنين المباركة الذين أضاء نورهم قدام الناس,فرأوا أعمالهم الحسنة ,مجدوا أباهم الذي في السماوات(مت5:16) ويعرف في الأرض طريقهلما يرونه يحمل أولاده علي أجنحة النسور(خر19:4 وتث32:11) ويعتني بهم كما تعتني الأم برضيعها,فيحملهم من الرحم وإلي الشيخوخة,فيرفع ويحمل وينجي(إش49:15 و46:3-5).
2-يعرفون العالم خلاص الرب:لكي يعرف…في كل الأمم خلاصك(آية2ب).هذه نبوة عن وصول خلاص الله إلي كل العالم لأن الأرض تمتلئ من معرفة مجد الرب كما تغطي المياه البحر(إش11:9 وحب2:14).وعندما يري الأمم كيف تغيرت حياة المؤمن يفهمون معني خلاص الله,ويدركون معني الولادة الجديدة.ويظهر خلاص الله في الفداء,والعناية,والنصر.ويقول الله عن خلاص شعبه:أرد سبي..إسرائيل وأبنيهم كالأول.وأطهرهم من كل إثمهم الذي أخطأوا به إلي,واغفر كل ذنوبهم التي أخطأوا بها إلي وعصوا بها علي,فتكون لي اسم فرح للتسبيح وللزينة لدي كل أمم الأرض الذين يسمعون بكل الخير الذي أصنعه معهم,فيخافون ويرتعدون من أجل كل الخير,ومن أجل كل السلام الذي أصنعه لها(إر33:7-9).
3-يلهمون العالم حمد الرب:يحمدك الشعوب يا الله.يحمدك الشعوب كلهم(آية3).وتتكرر الكلمات نفسها في الآية5.فعندما يري العالم رحمة الله وبركته وإشراقه علي شعبه يسبحونه,وعندما يتمتعون بخلاصه يحمدونه.لهذا يدعو المرنم الناس في مز117سبحوا الرب يا كل الأمم.حمدوه يا كل الشعوب,لأن رحمته قد قويت علينا وأمانة الرب إلي الدهر.هللويا.ترنمي أيتها السماوات وابتهجي أيتها الأرض. لتشد الجبال بالترنم,لأن الرب قد عزي شعبه وعلي بائسيه يترحم(إش49:13).
4-يفرحون العالم بعدالة الرب:تفرح وتبتهج الأمم لأنك تدين الشعوب بالاستقامة(آية4أ).يسمع الله كل مسكين صارخ من الظلم فينصفه.فيفرح المعذبون في الأرض بالعدالة الإلهية.يجلس الرب علي عرشه ويملك بالبر والعدل,ويدين الشعوبيملك ملك وينجح,ويجري حقا وعدلا في الأرض…وهذا هو اسمه الذي لم يدعونه به:الرب برنا(إر23:5, 6).ولقد تنبأ إشعياء بأنه يخرج قضيب من جذع يسي وينبت غصن من أصوله,ويحل عليه روح الرب:روح الحكمة والفهم,روح المشورة والقوة,روح المعرفة ومخافة الرب.ولذته تكون في مخافة الرب فلا يقضي بحسب نظر عينيه,ولا يحكم بحسب سمع أذنيه,بل يقضي بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض…ويكون البر منطقة متنيه والأمانة منطقة حقويه(إش11:1-5).
5-يفرحون بالعالم بهداية الرب:أمم الأرض تهديهم(آية4ب).البشر بطبيعتهم جهال,ظلومون,كفارون مائتون بالخطايا,منفصلون عن الرب.وعندما يهتدي خاطئ بفضل تحنن الله وبركته ورضاه يكون نموذجا حيا ملموسا للنعمة المخلصة,يعطي النفس البعيدة الأمل في الخلاص والاهتداء,لأنه يبرهن أن ليس عند الرب مستحيلات في الرحمة,وأن باب النعمة مفتوح لا ينغلق أبدا,وأن من يقبل إلي الرب لا يخرجه خارجا,كما قال الرسول بولس:رحمت لأني فعلت بجهل في عدم إيمان…ليظهر يسوع المسيح في أنا أولا كل أناة,مثالا للعتيدين أن يؤمنوا به للحياة الأبدية(1تي1:13-16).
6-يفرحون العالم بعطايا الرب:الأرض أعطت غلتها يباركنا الله إلهنا(آية6).لما دخلت الخطية إلي العالم لعنت الأرض ولكن الخليقة ستعتق من عبودية الفساد(رو8:21).ويقول الله:إذا سلكتم في فرائض وحفظتم وصاياي وعملتم بها,أعطي مطركم في حينه,وتعطي الأرض غلتها.وتعطي أشجار الحقل أثمارها ويلحق دراسكم بالقطاف,ويلحق القطاف بالزرع,فتأكلون خبزكم للشبع,وتسكنون في أرضكم آمنين(لا26:3-5).الرب يعطي الخير,وأرضنا تعطي غلتها.البر قدامه يسلك,ويطأ في طريق خطواته(مز85:12, 13).
7-يباركون العالم بخوف الرب:يباركنا الله,وتخشاه كل الأرض(آية7).هناك نعمة عامة وأخري خاصة, النعمة العامة تشمل الشعب كله,أما النعمة الخاصة فهي العلاقة الشخصية بالرب.ونتيجة لحياة المؤمنين الصالحة يعرف بعض الناس الرب معرفة شخصية خلاصية,ويدرك الباقون أن حياة الصلاح هي الجديرة بالاحترام,ولو أنهم لا يسعون للحصول عليها!!.
أقام إسحاق في جرار,وأعطاه الله مائة ضعف من الحصادفتعاظم الرجل وكان يتزايد في التعاظم حتي صار عظيما جدافحسده جيرانه وقاوموه,ولكن الله باركه أكثر,فجاءه أعداؤه يقولون:رأينا أن الرب كان معك,فقلنا ليكن بيننا حلف بيننا وبينك,ونقطع معك عهدا(تك26:28).
ولابد أن الأرض كلها تخشي الرب,فتتحقق هذه الطلبة,ويجئ الوقت الذي تجثو فيه للمسيح كل ركبة ممن في السماء وعلي الأرض,فهو المخلص,والقاضي العادل.
هل نلت نعم الله الثلاث من تحنن وبركة واستنارة,حتي تصبح بركة للعالم من حولك؟.