*صحف عام 1936 تطالب بالاحتراف
*حرب يونية 1967…هزمت كرة القدم أيضا
*نحن نلعب الكرة بالقدم…وفي الخارج يلعبونها بالعقل
أيام قليلة ويبدأ تنافس وصراع 32 فرقة في أكبر بطولة كروية ألا وهي بطولة كأس العالم لكرة القدم والتي تحتضنها في سابقة هي الأولي من نوعها في تاريخ القارة السمراء وفازت بالشرف جنوب أفريقيا بعد استقلالها وتحررها من التفرقة العنصرية.
بطولة كأس العالم لكرة القدم تدفعنا دون أن نقصد لأن نفتش معا عن أحداث وذكريات وشخصيات توالت علي الكرة المصرية قدمت وأعطت الكثير والكثير, منها من صنع الفرحة لملايين المصريين وكانت أكثر تأثيرا علي كرة القدم المصرية وكانت لها مواقف يقف أمامها التاريخ شاهدا عليها وأثرت في تاريخ اللعبة وساهمت في شعبيتها.
وإذا كان المصريون عرفوا كرة القدم في سنوات ما قبل الميلاد ومارسوها بأشكال وصور غير منظمة, فأنهم عرفوها بشكلها الحديث مع بداية الاحتلال البريطاني سنة1882, وجاءت أولي محاولات تنظيم نشاط الكرة في عام1896 من خلال فرق المدارس ونشاطها وعرفت مصر أول كأس في تاريخها عندما قدمت جريدةالإمبرزيال كأسا باسمها في مسابقة اشترك فيها الجاليات الأجنبية بالقاهرة والفرق المصرية وفاز بها نادي بولاق (السكة الحديد).
بدأت الكرة المصرية بشكل رسمي في أواخر عام 1921 وتم تشكيل الاتحاد المصري برئاسة جعفر والي باشا, فكانت مصر أول الدول الأفريقية في تأسيسها للاتحاد وانضمامها إلي الاتحاد الدولي لكرة القدمالفيفا عام1923 وتلاها بعد ذلك السودان ثم إثيوبيا وتمكنت هذه الدول بعد ذلك من تأسيس الاتحاد الأفريقي عام 1957.
وانتخب أول فريق مصري بشكل رسمي ليلعب ضد المنتخب البريطاني1922 وظهرت مصر في المحافل الدولية فيما بعد ووصل الفريق القومي المصري لكرة القدم إلي كأس العالم سنة1934…فكان أول فريق عربي وإفريقي كروي يحقق ذلك الإنجاز التاريخي الكبير في إيطاليا وتكون المنتخب المصري من19لاعبا وهم:مصطفي كامل منصور(الأهلي), عزيز فهمي (الأهلي), علي كاف(المختلط), تشارلي حميدو(الأوليمبي), حسن الفار(المختلط), حسن رجب(الأوليمبي), إسماعيل رأفت(المختلط), محمد لطيف (المختلط), مصطفي كامل طه(المختلط), محمود مختار التتش(الأهلي), عبد الرحمن فوزي(المصري), محمد حسن (المصري), مسعود كامل(الأهلي), هاني لبيب محمود(الأهلي), إبراهيم أحمد حليم(المختلط), حافظ كسيب(الأوليمبي), محمود إسماعيل النيجرو(الشرطة), محمد فريد(المختلط), وجيه الكاشف (الأهلي) تحت قيادة المدرب الإنجليزي جيمس مكابي.
ولم يكن مسموحا بأن يتم تغيير اللاعبين أثناء المباراة حتي ولو تعرض أحدهما للإصابة, وكان حكم المبارة هو الإيطاليرينالدو بارلاسينا, وسافر الفريق المصري بحرا متجها إلي نابولي وكان رئيس الاتحاد المصري في ذلك الوقت هوحسين صبري باشا.
وأوقعت قرعة التصفيات مصر وفلسطين في مجموعة واحدة وكانت مصر في المجموعة الرابعة واستضافت مدينتا القاهرة والقدس مباراتي المنتخب المصري والفلسطيني, وفازت مصر علي فلسطين فتأهلت بذلك لدخول النهائيات في إيطاليا وعند سحب قرعة الأدوار النهائية, لم يتنفس المجريون الصعداء, ولم يسعدوا عندما أوقعتها القرعة في طريق مصر في الدور الأول لكأس العالم, خاصة أن نظام تلك البطولة كانت تقضي بخروج المغلوب.
استغل النقاد الرياضيون في تعليقاتهم علي أية مباراة رياضية تقام في نابولي الجملة الشهيرةشاهد نابولي و…مت وشاهد المصريون نابولي ثم…حزموا حقائبهم!!وفازت المجر علي مصر في ذلك اللقاء الحاسم الثأري 4-2 وأحزر هدفي مصر نجم هجومها في ذلك الوقت عبد الرحمن فوزي ابن مدينة بورسعيد ونجم النادي المصري.
وأشادت بعدها صحف أوربا بمستوي المصريين الطيب وكفاحهم, وأنهم خسروا أمام المجر بشرف وتألق في البطولة حارس مرمي مصر مصطفي كامل منصور الذي احترف بعدها في أسكتلندة, ثم عاد إلي النادي الأهلي بعد عدة سنوات ليعلن اعتزاله موسم1944 ويتجه إلي مجال التحكيم ليلمع به أيضا, ثم العمل الإداري في منتخب مصر لمدة 20عاما وفي الأهلي لمدة30عاما, وتم اختيار اللاعب عبد الرحمن فوزي أفضل جناح أيسر مهاجم في مأس العالم 1934 ثم انتقاله من النادي المصري إلي نادي الزمالك في عام1935 ويبدو أن قوانين بطولة كأس العالم كانت حتي ذلك الوقت لاتزال مرنة!! وإن بعض التصرفات كانت ساذجة!! فبدلا من وصول فرق ستة عشر دولة وصلت فرق سبعة عشر دولة!!هكذا ببساطة فبعد انتهاء التصفيات التمهيدية وصل طلب من أمريكا يحمل رغبتها في الاشتراك في نهائيات كأس العالم.
وصدر قرار أن تلعب أمريكا والمكسيك وفازت أمريكا علي المكسيك وقام بتحكيم المبارة أول حكم عربي وأفريقي دولي هو الحكم المصري الأنيق الوسيم يوسف محمد فدخلت أمريكا الأدوار النهائية وتميزت تلك البطولة عن سابقتها في أوراجوي بعد تخصيص مقصورة للصحفيين وسهلت لهم وسائل الاتصال من التلغراف والتليفون ووزعت عليهم بعد ذلك صور الفرق والمبارايات.
وعلي الرغم من أن محمد لطيف كان ضمن أول منتخب مصري يلعب في نهائيات كأس العالم بإيطاليا عام1934 إلا أنه يدخل ضمن قائمة الكبار باعتباره أول من فتح مدرسة محو الأمية الكروية حينما بدأ تعريف جماهير كرة القدم بقوانينها وكان لطيف صاحب مدرسة في التعليق الكوري تخرج فيها عشرات المعلقون فيما بعد.
كان أول من أدخل الفكاهة في تعليقه, وسيذكره التاريخ بكل احترام لأنه فتح عيون وعقول الجماهير علي قانون كرة القدم ويرجع له الفضل في تثقيف الجمهور المصري.
والطريف أن المقالات في الصحف الرياضية التي صدرت بعد خسارة الفريق تطالب كلها بتطبيق نظام الاحتراف أما جريدةالبلاغ أعربت عن استيائها من التشكيل الذي سافر إلي إيطاليا.
ومنذ تلك البطولة صام منتخب مصر عن الاشتراك في كأس العالم امتدت ما يقرب من56عاما.
فبعد هاتين الدورتين اندلعت الحرب العالمية الثانية وحالت دون إقامة بطولة العالم في كرة القدم لمدة 12عاما واستأنفت عام1950 في البرازيل ولم تشترك مصر بسبب حرب 1948, أما في عام1954 اشتركت مصر في التصفيات الأوربية وخرجت أمام إيطاليا.
بدأ النزاع العربي – الإسرائيلي عام1958 يأخذ طابعا انتقاميا حادا, وظل العرب يقاطعون الدورات الرياضية التي تشترك فيها إسرائيل وقاطعوا ثلاث دورات متتالية من دورات كأس العالم, وأتت حرب يونية سنة1967 لتقضي علي لمعان الكرة المصرية, واستفادت إسرائيل من غياب العرب رياضيا وإعلاميا,وخسر العرب الكثير من الخبرات وضاعت قضاياهم في ظل المقاطعة الرياضية غير الموفقة, لذلك أوصت الجامعة العربية باشتراك الدولة في الدورات العالمية وعدم التخلف لمجرد اشتراك دولة إسرائيل.
وجاء عام1990 ليشهد دخول مصر محفل بطولة كأس العالم مرة ثانية,حينئذ ظل حلم المونديال يراود كافة المصريين. وهنا نجد أن دولاب الحياة حفظ أوراق وأحداث تثبت لنا لمعان كرة القدم وتفوقها ووصولها إلي المحافل الدولية..ولنشاهد بحق كرة القدم في الزمن الجميل.
