دعا المشاركون في مؤتمر ##المراجعة الأول لوثيقة حقوق المواطنة## والذي نظمه المجلس القومي لحقوق الانسان إلي استمرار آلية المراجعة الدورية للمواطنة سنويا من خلال عقد مؤتمر في شهر ديسمبر من كل عام. وطالب المشاركون رؤساء مجلس الوزراء ومجلسي الشعب والشوري والوزارات المعنية بتنفيذ ما ورد بالوثيقة, وأن تقوم وزارة الشئون القانونية والمجلس النيابية بتولي مهمة تنسيق حوار برلماني شعبي حول إعلان حقوق المواطنة بغية وضع برنامج تنفيذي له.
أوصي المشاركون أيضا بضرورة مراجعة السياسات وممارسات التصالح والتسويات العرفية للمشكلات ذات الطابع الطائفي.. فالمصالحات لا ينبغي أن تصبح بديلا عن حكم القانون المجرد والعادل, وإنقاذ العدالة هو السبيل الحقيقي لوأد الفتنة وتحقيق التصالح. ونبه المشاركون إلي الحاجة لصياغة قواعد استرشادية لرجال الشرطة والإعلام والمحافظين والبرلمانيين في شكل مجموعة مبادئ يتفق عليها للتعامل مع الأحداث الطائفية, والكف عن استخدام مصطلح مسلم ومسيحي في التغطية الإعلامية لأي أحداث, وأن يصبح هذا الأمر التزاما مهنيا يحاسب من لا يلتزم به, والبدء بإجراءات إنفاذ العدالة بغير أدني تمييز قبل الشروع في أية إجراءات تصالح عرفية يقوم بها المحافظون أو رجال الأمن أو أعضاء المجالس الشعبية, وضرورة النظر في إدراج جريمة الحض علي الكراهية بشكل أكثر إحكاما في النظام القانوني المصري بما لا ينتقص من حرية التعبير كما أقرتها المواثيق الدولية.
ودعا المشاركون الحكومة للتفاوض مع دول الخليج المطبقة لنظام الكفيل الذي يتناقض علي نحو فادح مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان والمعايير الدولية للعمل وذلك لضمان حقوق العاملين, والتأكيد علي توصية إعلان المواطنة 2007 بإنشاء وزارة تختص بشئون المصريين في الخارج وتوفير الإمكانيات اللازمة بها, كذلك تنفيذ التوصية الواردة في إعلان المواطنة بعقد مؤتمر موسع للمغتربين لمناقشة قضاياهم واحتياجاتهم ودورهم في التواصل مع مجتمعهم والمشاركة في الحياة السياسية والاقتصادية لمجتمعهم, وحظر كافة أشكال التمييز مع المصريين المغتربين فيما يتعلق بالرسوم المفروضة عليهم في تقديم الخدمات, خاصة في مجال تعليم الطلاب المصريين الوافدين, ودعم مطالب المصريين المهاجرين في إمكانية الإبقاء علي إزدواجية الجنسية للاحتفاظ بجنسية وطنهم الأم حفاظا علي حقوق هؤلاء المهاجرين وربطهم بالوطن الآمن, ومناشدة الجاليات المصرية في الخارج بدعم تنظيماتهم بشكل شفاف وفعل يتيح تعاونهم مع الوطن الأم.
وأعرب المشاركون عن أسفهم للتأخر في تطبيق معظم التوصيات التي تضمنها إعلان حقوق المواطنة لعام 2007 حتي الآن وهو ما ينطبق علي شقي هذا الإعلان سواء فيما يتعلق بالتوصيات الخاصة بعملية الحوار الوطني ذاتها أو فيما يخص التوصيات المتعلقة بمضمون التعديلات التشريعية والسياسية والثقافية المقدمة لتعزيز هذا المبدأ وتحويله من تعديل دستوري نظري إلي واقع عملي ملموس.
قال الدكتورأحمد كمال أبو المجد نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان إن المجلس يتمسك بإعلان المواطنة الذي صدر عام 2007 ويسعي لتفعيله, وإن عقد هذا المؤتمر يأتي لتعزيز هذا الإعلان, مشيرا إلي أن ترسيخ دعائم المواطنة لا يتطلب تشريعا, وإنما الأهم هو وجود نية في تطبيق هذا التشريع لأن فساد النية بمثابة إبطال للتشريع, خاصة وأن المواطنة ليست بالمفهوم الديني فقط وإنما هناك ميادين أخري مثل ضمانات المحاكمة العادلة.
أوضح د. أبو المجد رفض المجلس استمرار حالة الطواريء , وأبدي خشيته من إقرار قانون مكافحة الارهاب والذي من شأنه منح الحكومة سلطات تنفيذية كبيرة.
وأكد أن قضية المصريين العاملين بالخارج يضعها المجلس في دائرة الاهتمام, خاصة وأنها تفتقد المدافع عنها, مما أثر علي آلية استقبال الشكاوي أو إرسال الحلول الخاصة بها, ويساعد علي ذلك غياب قاعدة بيانات دقيقة عن أعداد المصريين بالخارج, مما يتسبب في إهدار ثروة قومية.
أشار د. أبو المجد إلي أن المجلس يؤدي واجبه في سياق المجتمع والظروف الإقليمية والدولية الصعبة, و أن المجلس واجه انتقادات شديدة من المجتمع بالرغم من قيامه بتحقيق خطوات شهد بها كثيرون وعمل في ظل ظروف صعبة محلية وإقليمية ودولية, مشيرا إلي أن المجلس يفرد جانبا من تقريره السنوي للنقد الذاتي وتصحيح مساره وخطواته أولا بأول.
وأتفق معه محمد فائق عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان في أهمية تفعيل إعلان المواطنة الصادر عن المجلس قبل عامين بإعتباره برنامج عمل لتأكيد وترسيخ مبدأ المواطنة طبقا للتعديلات الدستورية الأخيرة, مشيرا إلي بعض المقترحات التي تقدم بها المجلس لتطوير بعض التشريعات كي تتناسب مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها مصر, كذلك اقترح بعض القوانين المهمة والتي من شأنها إنهاء العديد من المشكلات, ومنها قانون بناء وترميم دور العبادة الموحد, والذي أعده المجلس منذ فترة, وطالبت به العديد من منظمات المجتمع المدني, وكذلك قانون تكافؤ الفرص ومنع التمييز.
من جانبه قال الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع إن المجلس القومي لحقوق الانسان يمارس نشاطه ودوره في ظل تيارات متصارعة ويخوض معركة لا يرضي عنها الجميع, مشيرا إلي أهمية وجود قوي اجتماعية ومؤسسات مجتمع مدني تدافع بشكل جاد عن حقوق الإنسان بجانب المجلس.
أشار د. السعيد إلي أن مشكلة المواطنة في مصر تكمن في المفاضلة بين النص والتطبيق, فهناك نصوص في الدستور ولكنها غامضة ومصر دولة نظامها ديموقراطي يقوم علي أساس المواطنة التي تعني المساواة بين الرجال والنساء المسلمين والأقباط والفقراء والأغنياء ولا أحد يستطيع أن يفسر المواطنة تفسيرا واحدا.
وفي هذا الإطار قدم سمير مرقس رئيس مؤسسة المصري للمواطنة والحوار ورقة عن المساواة من منظور المواطنة دعا فيها إلي مراجعة كل السياسات الاجتماعية وابتكار سياسات تراعي كل سلبيات الأنظمة التأمينية للمساواة التي تم اختبارها وفشلت, والتمييز الدقيق بين السياسات الاجتماعية القائمة علي دمج المهمشين والمستبعدين الذين يعانون التمييز لأي سبب, وتعمل علي استعادتهم إلي قلب المجال العام والسياسي, وتمكينهم بشتي الوسائل والطرق, وبين السياسات الاجتماعية التي تقوم علي الأعمال الخيرية والمنح والهبات والعطايا, وأيضا مراجعة السياسات الضريبية.
دعا مرقس إلي التعرف علي خبرات الآخرين الذين استطاعوا الاقتراب من تحقيق قدر من المساواة وتأمين فرص متكافئة لمواطنيها, ووضع مؤشرات خاصة بالسياق المصري لقياس التفاوت والفقر واللامساواة في شتي المجالات, ودراسة الأسباب التي أدت إلي ذلك, وابتكار آليات قاعدية تعمل علي جعل المساواة متحققة من حيث الرؤية والخطط والتنفيذ والرقابة والمساءلة.