بحسب المنطق القاسي في الشرق الأوسط, فإن الحرب هي شكل من أشكال الدبلوماسية. هذا كان صحيحا عندما شن أنور السادات هجوما مفاجئا علي إسرائيل في أكتوبر 1973, وهي خطوة منحته المصداقية والمكانة في الوطن العربي للتوقيع علي معاهدة سلام مع الدولة الإسرائيلية بعد ذلك بست سنوات. وهو يصح اليوم أيضا فيما تواصل إسرائيل حملتها علي حماس في غزة, وهي هجمات سببها إطلاق حماس للصواريخ علي إسرائيل. لقد أسفرت أعمال العنف الحالية عن مقتل أكثر من 500 شخص وجرح أكثر من 2450, ويوم السبت, بدأت القوات البرية الإسرائيلية بالتحرك. معظم العالم الخارجي, يري, بشكل مبرر, أن حملة غزة مجرد تفجر رجعي آخر للعنف بين العرب والإسرائيليين سيؤدي من جديد إلي تقويض الجهود المبذولة للتوصل إلي سلام. لكن هذه الهجمات لم تكن مجرد ردة فعل, بل جاءت نتيجة لحسابات دقيقة.
في الواقع, يقول مصدر إسرائيلي مطلع علي طريقة تفكير أولمرت, طلب عدم الإفصاح عن هويته ليتمكن من التحدث بحرية, إن رئيس الوزراء يأمل بتحقيق هدفين من هجومه علي غزة: الأول هو وضع حد للصواريخ التي تطلقها حماس علي إسرائيل وفرض إعادة العمل بوقف إطلاق النار الذي كان قائما حتي 19 ديسمبر. والهدف الثاني, بحسب المصدر نفسه, أكثر طموحا ــ وخطورة ــ بكثير: فرئيس الوزراء يريد سحق حماس نهائيا, أولا من خلال الهجمات الجوية, ومن ثم من خلال قصف مدفعي وهجوم بري مدمرين. الأمل من ذلك, مع أنه ضعيف, هو السماح في النهاية للرئيس الفلسطيني محمود عباس وحكومته التي تسيطر عليها حركة فتح بإعادة بسط سلطتهما علي غزة, مما يتيح العودة إلي مفاوضات سلام جدية في المستقبل. بزوال حماس, يعتقد أولمرت أن هناك فرصة في أن تتمكن إسرائيل والفلسطينيون من تطبيق مسودة خطة السلام الشاملة التي توصل إليها مع عباس العام الماضي.
هل هذه مجرد أوهام؟ علي الأرجح. بعد الكثير من المحاولات الفاشلة, أصبحت عبارة ##عملية السلام## خالية من المعني. وحوافز أولمرت لدخول غزة قد تكون مرتبطة بالسياسات الداخلية بقدر ارتباطها بالسياسة الخارجية. بعدما أصبح في موقع ضعيف ويواجه تهم فساد, يحاول إنقاذ إرثه الملطخ. لكن رغبة كل من أولمرت وعباس في التفاوض تعكس الواقع الصعب والمزعج بشأن العلاقة الإسرائيلية الفلسطينية: هناك سبيل واحد للتوصل إلي سلام, وكلا الفريقين يعرف ما هو, ومع ذلك, لم يكن أي منهما مستعدا لسلوكه. أعمال العنف والتفجيرات والتهديدات والتهديدات المضادة أصبحت مضنية وغير منطقية بشكل خاص, لأنها في الحقيقة تكتيك متقن للمماطلة. لقد وضع الرئيس بيل كلينتون الخطوط العريضة لاتفاقية سلام قبل ثماني سنوات عندما جمع الطرفين في كامب ديفيد وحاول التوصل إلي اتفاقية تاريخية. خطة أولمرت الحالية مشابهة بشكل مدهش لثوابت كلينتون: حل قائم علي دولتين, حيث يقوم الإسرائيليون والفلسطينيون بتنازلات صعبة في المسائل الأساسية المتعلقة بالأرض والأمن والقدس واللاجئين الفلسطينيين. لقد انهارت المفاوضات عام 2000 لأن ولاية كلنتون انتهت من جهة, ولأن كلا الفريقين كان يفتقر إلي النفوذ السياسي اللازم لإقناع شعبه بالاتفاقية من جهة أخري. وبوش المهووس بالعراق والإرهاب لم يعر النزاع أهمية كبيرة إلا قبل فترة قصيرة.
هناك الكثير من التفاصيل الصعبة التي يجب معالجتها: رسم حدود الدولتين بشكل دقيق ومصير اللاجئين الفلسطينيين, ومستقبل القدس. سوف يرث الرئيس باراك أوباما ووزيرة خارجيته هيلاري كلينتون هذه التحديات. لكن لا يمكنهما إكمال ما بدأه بيل كلنتون بكل بساطة. لقد تغير السياق الاستراتيجي للمنطقة إلي حد كبير, نحو الأسوأ. فحرب جورج بوش الابن علي الإرهاب قوضت مصداقية أمريكا في الوطن العربي. فضلا عن ذلك, فإن قادة الدول العربية المقربة من الولايات المتحدة خسروا شرعيتهم ويواجهون معارضة شعبية كبيرة في الداخل. في غضون ذلك, فإن قيام حكومة شيعية في بغداد, وهي الأولي منذ 500 عام, فضلا عن تنامي نفوذ إيران, زاد من حدة التوتر بين الشيعة والسنة في كل أنحاء الشرق الأوسط. من الناحية الإيجابية, فإن تعاظم نفوذ إيران في المنطقة يعني أنه أصبح لدي الغرب حافز قوي لفض التحالف بين طهران ودمشق. وإحراز تقدم حقيقي مع سوريا قد يكون له تأثير إيجابي علي المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية.
حاليا, العائق الأكبر للتوصل إلي سلام هو حماس, المجموعة الإرهابية التي وصلت إلي الحكم في غزة من خلال الانتخابات عام .2006 فازدياد نفوذ حماس الرافضة للسلام في غزة أدي إلي انقسام الفلسطينيين بين حكومة عباس الأكثر اعتدالا التي تسيطر عليها حركة فتح وقادة حماس المتشددين الذين يشجعون العنف, ويعتقدون أن دولة إسرائيل يجب ألا تكون موجودة. وقد تنامي نفوذ حماس من خلال استغلالها لبؤس وشكاوي الفلسطينيين. التحدي الأكبر أمام الفلسطينيين والإسرائيليين الراغبين في التوصل إلي سلام هو التقليل من أهمية حماس في نظر مؤيديها من خلال إعطائهم بديلا ملموسا أكثر من الثأر.
ارتياب الكثير من الإسرائيليين ـــ المبرر أحيانا ـــ من أن القادة الفلسطينيين لا يهمهم السلام بل تدمير إسرائيل, كان عائقا كبيرا آخر. فالإسرائيليون يحذرون من مغبة تحولهم إلي سذج, وهو تحذير ينطوي علي معان نفسية عميقة في بلد انبثق من رماد المحرقة واعتنق شعار ##لن يتكرر ذلك أبدا##. الفلسطينيون يشعرون بنقمة مماثلة لأنهم ظلموا مرة تلو الأخري في التاريخ. والكثيرون منهم يعتبرون أن أرض إسرائيل هي أرض سرقها العالم منهم عام 1948, تاركا إياهم بلا وطن. في كامب ديفيد, رفض ياسر عرفات التوقيع علي اتفاقية سلام مع إسرائيل, مدعيا أن قيامه بذلك سيتسبب باغتياله من شعبه.
ما من خيارات أخري غير التوصل إلي اتفاقية شاملة تؤدي إلي إنشاء دولتي إسرائيل وفلسطين اللتين تتمتعان بالسيادة وتتعايشان بحذر جنبا إلي جنب. أخيرا, قدم بعض المفكرين الفلسطينيين حججا تؤيد إقامة دولة واحدة ذات هويتين وطنيتين, وهي فكرة قد تزداد شعبية في أعقاب الهجوم العسكري الإسرائيلي علي غزة. لكن من المنظور الإسرائيلي, فإن الحل القائم علي دولة واحدة سيكون بمنزلة كارثة, لأنه يضع حدا نهائيا لمبدأ الوطن اليهودي الذي تأسس عليه البلد.
لعل الرئيس المنتخب أوباما أمل أن يتسني له الوقت لتطوير مقاربة للتوصل إلي سلام في الأرض المقدسة. لكن كالعادة, فإن الأحداث علي الأرض هي التي تحدد الجدول الزمني. ليس واضحا المدي الذي يمكن لأوباما من خلاله أن يركز علي الشرق الأوسط في الأشهر الأولي من إدارته, أولويته ستكون إصلاح الاقتصاد الأمريكي. ما لا يمكن لأوباما أن يتلكأ فيه عندما يتولي الحكم هو التعبير بشكل حازم عن إعادة التزام الولايات المتحدة بحل قائم علي دولتين وفي الإطار المبدئي للسلام القائم حاليا.
خلال الحملة الانتخابية الرئاسية, حاول منتقدو أوباما التشكيك في ولائه لإسرائيل. كانت هذه حيلة سياسية, لأن أوباما تحدث بحزم دفاعا عن إسرائيل. مع ذلك, يأمل الكثير من الإسرائيليين واليهود الأمريكيين أن يكون أوباما مستعدا لتأييد إسرائيل واتباع أسلوب صارم معها في الوقت نفسه, وهو أمر لم يفعله بوش طوال ثماني سنوات بسبب تأييده الغريزي لإسرائيل. علي الرئيس أن يكون مستعدا للضغط علي رئيس الوزراء الإسرائيلي المقبل للقيام بتنازلات صعبة من أجل التوصل إلي سلام. قد يكون الإسرائيليون الآن أكثر تقبلا من ذي قبل لهذا النوع من الضغوط. فالوقت لم يعد حليفهم. إن معدلات الولادات لدي العرب ترتفع. بحسب معظم التقديرات, إذا أصرت إسرائيل علي الحفاظ علي سيطرتها علي الضفة الغربية, فإن الأرض الممتدة من نهر الأردن إلي البحر المتوسط ستكون ذات غالبية عربية في السنوات المقبلة. وبالتالي, فإن السبيل الوحيد لبقاء إسرائيل دولة يهودية هو السماح بإقامة دولة فلسطينية. الدلائل الأولي تشير إلي أن أوباما يعتزم أن يلعب دور الصديق الوفي والمنتقد في الوقت نفسه, وبالتالي, سيكون ##خير صديق لليهود##.
سيتمكن الرئيس الجديد وفريقه من الاعتماد علي أفكار مستوحاة من جهود مفاوضين كافحوا بصبر للتوصل إلي حل وسطي. هناك مجال للتطوير والتحسين. ولا شك في أن المفاوضات ستكون طويلة وشاقة. لكن في النهاية (إن كان هناك من نهاية), فإن أي اتفاقية دائمة لتحقيق السلام ستكون علي الأرجح علي الشكل التالي.
البند 1: الأرض
منذ أن انتصرت إسرائيل علي العرب في حرب الأيام الستة عام 1967, واستولت علي سيناء وغزة من مصر, وهضبة الجولان من سوريا, والضفة الغربية من الأردن, أصبح شعار ##الأرض مقابل السلام## المبدأ الأساسي لأية اتفاقية شاملة ولايزال الخيار الوحيد. لقد انسحبت إسرائيل من غزة, وعليها الآن الانسحاب من معظم الضفة الغربية. سوف يؤسس الفلسطينيون موطنهم في بقعتي الأرض هاتين. وفي المقابل, سيتخلي الفلسطينيون وغيرهم من العرب بشكل رسمي عن مطالبتهم بإنكار الدولة اليهودية ويعترفون بحقها في الوجود. لكن يجب إجراء تعديلات علي حدود ما قبل .1967 علي إسرائيل والفلسطينيين تبادل مساحات متساوية من الأراضي, مما يتيح لمعظم المستوطنين الإسرائيليين البالغ عددهم نحو 270000 الذين يعيشون الآن في أكبر مستوطنات الضفة الغربية أن يبقوا هناك, تحت السيادة الإسرائيلية. في المقابل, ستتخلي إسرائيل عن ممر يربط غزة بالضفة الغربية وستسمح بتنقل الناس والبضائع بحرية بين المنطقتين. هناك تحد إضافي لم يكن موجودا عندما تقدم كلينتون باقتراحه الأساسي عام 2000: لقد أقام الإسرائيليون سياجا أمنيا يضع 8 بالمائة من أراضي الضفة الغربية عند طرفهم من الحدود. وقد غير هذا السياج نظرة الإسرائيليين إلي حدود بلدهم. يقول دانيال ليفي, وهو مفاوض إسرائيلي سابق وعضو رفيع المستوي في مؤسستي ##سنتشوري## و##نيو أمريكا##: ##السياج الأمني أدي إلي تغيير مفهوم الحدود في عقول الإسرائيليين##. لكن نجاح أية خطة يحتم إزالة السياج الأمني أو علي الأقل نقله.
البند 2: الأمن:
عام 2000, كان هذا البند الأكثر وضوحا بين المسائل التي يجب معالجتها. كلا الطرفين اتفقا بشكل عام علي أن تكون الدولة الفلسطينية الجديدة منزوعة السلاح إلي حد كبير. سيسمح لقوات الأمن الفلسطينية بحمل السلاح الخفيف لفرض الأمن والنظام المحلي, لكن لن يسمح لها بامتلاك أسلحة هجومية قد تهدد إسرائيل بأي شكل من الأشكال. وسيتمتع الفلسطينيون بالسيادة علي مجالهم الجوي, لكن هذه السيادة ستقتصر علي الملاحة الجوية المدنية. غير أن العنف في السنوات الثماني الماضية ــ ليس فقط بين الإسرائيليين والفلسطينيين, بل أيضا بين قوات فتح وحماس ــ يعقد المسألة الأمنية. لقد أصبح الإسرائيليون الآن يشككون في قدرة فتح علي تحمل مسئولية الحفاظ علي الأمن. المقاربة الأكثر منطقية هي إرسال قوة دولية من حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلي الضفة الغربية تقوم لاحقا بتسليم السلطة إلي الفلسطينيين. قد يوافق أوباما علي هذا الاقتراح, فمستشاره للأمن القومي, الجنرال المتقاعد جيمس جونز, طور هذه الفكرة حينما كان مبعوثا لكوندوليزا رايس في المسائل الأمنية المتعلقة بالفلسطينيين والإسرائيليين. أما فيما خص القوات الإسرائيلية, فستتمكن من الانسحاب من وادي الأردن ذي الأهمية الاستراتيجية علي مدي فترة طويلة, ربما ثلاث سنوات. وسيسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بعدد من محطات الإنذار علي الأراضي الفلسطينية. وأخيرا, ستسمح إسرائيل للفلسطينيين بأن يسيطروا علي حدودهم والمعابر الحدودية الدولية, لكن يجب أن تتم مراقبة هذه الحدود والمعابر من قبل قوات دولية.
البند 3: القدس:
##مدينة السلام## المقدسة هي في صلب النزاع الذي يعود إلي 100 عام: كيفية تقسيم حقوق استعمال هذا المكان المقدس الغني بالتاريخ والفقير بالمساحة. عام 2000, ساهمت مهارات كلينتون الدبلوماسية في التوصل إلي حلول لمسألة القدس. لقد طلب إلي المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين وضع لائحة بـ60 مسئولية مدنية يمكنهم المشاركة فيها, بدءا من جمع النفايات وصولا إلي توزيع البريد. كان هناك إجماع مدهش عليها. من خلال تحويل التركيز مما هو مقدس إلي شئون الحياة اليومية, تم التفريق بين الأمور العملية المتعلقة بإدارة مدينة والأمور المجردة والعاطفية المتعلقة بالسيادة. فكرة كلينتون الرائعة ببساطتها كانت التالية: في القدس الشرقية المحتلة, ##كل ما هو عربي يجب أن يكون فلسطينيا, وكل ما هو يهودي يجب أن يكون إسرائيليا##. وهذا الأمر لايزال مطبقا حتي اليوم. وكذلك المفهوم الذي تم التوصل إليه في كامب ديفيد وهو أنه يجب تقسيم القدس, وتشاركها في الوقت نفسه, ويجب أن تكون عاصمة لكلتا الدولتين.
سيتوجب الأمر تعديل أحد حلول كلينتون علي الأرجح. فمفهومه للسيادة المشتركة علي بعض أقدس الأمكنة في القدس من شأنه أن يثير مشاعر السخط لدي كلا الطرفين. اليهود يعرفون المنطقة باسم جبل الهيكل, وهو الموقع الذي كان الهيكل القديم قائما فيه. والمسلمون يقدسونه باعتباره الحرم الشريف, حيث صعد محمد إلي السماء. اقترح كلينتون بسط السيادة الفلسطينية علي الحرم والسيادة الإسرائيلية علي الجدار الغربي الذي تمتد أجزاء منه تحت الحي المسلم في المدينة القديمة. من غير المرجح اليوم أن يوافق أي من الطرفين علي تقسيمات كهذه, لكن هناك حلولا مبتكرة أخري. أحدها اقتراح تقدم به مارتن إنديك في كتابه الجديد. إنديك كان سفيرا لكلينتون لدي إسرائيل خلال قمة عام 2000, وهو يوصي بأن توضع المدينة القديمة تحت سلطة ##نظام خاص##, وأن تتشارك الحكومتان الإسرائيلية والفلسطينية السيادة. لكن الأماكن المقدسة وراء جدران المدينة القديمة تبقي تحت سيطرة السلطات الدينية المسلمة واليهودية والمسيحية من دون تحديد سيادة مطلقة عليها. ويقترح إنديك أيضا أن يوضع الحوض المقدس بكامله ــ أي المدينة القديمة والمواقع الدينية ــ تحت إشراف دولي لتبقي السلطات الدينية مسيطرة علي الأمكنة المقدسة.
البند 4: اللاجئون:
قد تكون هذه أصعب المشاكل. ماذا سيحل بالفلسطينيين الذين هربوا أو أجبروا علي ترك أراضيهم عام 1948, وبالمتحدرين منهم؟ هناك نحو أربعة ملايين لاجئ يعيشون في مخيمات في الضفة الغربية وغزة والأردن وسوريا ولبنان. إنهم فقراء غاضبون لا دولة لهم. لقد انتظروا طوال نصف قرن آملين أن يعودوا يوما ما إلي ديارهم. خلال سنوات المفاوضات, طالب الفلسطينيون ##بحق العودة##. لكن بالنسبة إلي الإسرائيليين, هذا المفهوم يشكل اعترافا ضمنيا بأنهم مسئولون عن أزمة اللاجئين والإجحاف التاريخي بحق الفلسطينيين. لذلك فإن موقف الإسرائيليين الذين ساءهم التلميح بأن بلدهم نشأ علي الخطيئة, كان واضحا.
لقد أعرب القادة الإسرائيليون عن استعدادهم لقبول حل جزئي: سيسمح لبعض اللاجئين الذين يعيشون في المخيمات بأن يعيشوا في الدولة الفلسطينية الجديدة. وسيسمح لعدد صغير رمزي بالانتقال إلي إسرائيل. لكي تنجح هذه الخطة, يجب السماح للاجئين الذين يعيشون في مخيمات في سوريا وغيرها من البلدان بأن يبقوا هناك إن اختاروا ذلك وأن يمنحوا جنسية البلد الذي تبناهم, لا يمكن للبلدان العربية المضيفة أن تطالب بعودة كل اللاجئين إلي فلسطين, حيث سيشكلون عبئا لا يمكن للدولة اليافعة أن تتحمله. ويجب إعطاء اللاجئين مهلة زمنية, من ثلاث إلي خمس سنوات ربما, للمطالبة في المحاكم الدولية بتعويضات عما خسروه, ربما كجزء من خطة إعادة تطوير شاملة للمنطقة.
لكن كيف يمكن بلسمة جراح الفلسطينيين؟ أحد الحلول المثيرة للاهتمام اقترحه الكاتب والتر راسيل ميد في مقال نشر في العدد الحالي من مجلة فورين أفيرز. يجادل ميد بأنه وعلي الرغم من أن إسرائيل يجب أن تتحمل بعض المسئولية في النكبة الفلسطينية, فإنه لا يمكن ##إلقاء كل الملامة علي إسرائيل##. يجب أن تعترف إسرائيل بالدور الذي لعبته في أحداث عام 1948, لكن يتعين علي المجتمع الدولي أن يتحمل ##المسؤولية الكبري## في الأزمة التي بدأت قبل 60 عاما. بهذه الطريقة, سيعترف العالم بأن الفلسطينيين عانوا إجحافا تاريخيا, لكنه سيتجنب إلقاء المسئولية بكاملها علي إسرائيل. يقول ليفي: ##هذه طريقة يستعيد من خلالها الشعب الفلسطيني كرامته##, وهي خطوة أساسية للتوصل إلي السلام الصعب.
بمشاركة دان إيفرون وكريستوفر ديكي ومايكل هيرش
نيوزويك