*فيفيان مجدي اسم عرفته عام2007, عندما جاءت لجريدةوطني لتلتحق بمركز التكوين الصحفي وتنمية الكوادر البشرية, وقد لمست من أبحاثها ودراستها أفكارا إبداعية للنهوض بالوطن, فدائما كان يشغلها قضايا المجتمع المصري وحقوق الأقليات.تعرفت فيفيان علي مايكل مسعد وارتبطا وكللت فرحتهما بخطوبتهم السعيدة منذ شهرين, مايكل باحثا إعلاميا بالمنظمة المصرية لحقوق الإنسان ولاهتماماته السياسية أنشأ مايكل- شهيد ماسبيرو- منظمة دعم الليبرالية والتنمية المجتمعية…ومن هنا اشتركا سويا مايكل وفيفيان في عملهما واهتمامتهما وحلما كثيرا بأن يجمعهما بيت يقضيان حياتهم سويا لايفرقهما شيئا.. لا أريد أن أطيل عليكم أتركم لتعيشوا مع ما سجلته فيفيان حول حقيقة ما حدث في ماسبيرو, ولا أخفي عنكم هناك الكثير من الأسئلة التي كانت تدور في ذهني وكانت معدة قبل الحديث إلا أنني لم استطع أن أوجهها لها… منعتني دموعها من أن أسترسل في الحديث فحزنها كان كبيرا علي خطبيها الذي خرج ليطالب بحقوقه فرجع ميتا علي أكتافها.
تقول فيفيان: يوم الخميس 6أكتوبر تحدثنا- أنا ومايكل-حول أوضاع البلاد, والصعوبات التي يمر بها الأقباط, والأمور المسكوت عنها, وقررنا أن نرفعها لأعلي مستوي لنعيش في سلام داخل وطن لايعرف التمييز, مؤمنين أن مصر لن تنهض إلا بالمسلمين والمسيحيين معا واقترح مايكل أن يشارك في مسيرة الأقباط يوم الأحد, ولكني رفضت إلا أنه اصر وقال لي لا يصح أن نطالب بعملنا بحقوق الإنسان والأقليات ونكون نحن مغيبين عن المجتمع…مرت الأيام وجاء يوم الأحد وقبل أن ينزل مايكل ليشارك في المسيرة تحدث معي وطلب مني أن أكون معه وأن لا أتركه بمفرده, وافقت علي الفور.
بدأت المسيرة من شبرا وطوال الطريق كنا نقابل العديد من أصدقائنا وكانوا يتقدمون بالتهنئة لخطوبتنا التي لم يمر عليها سوي شهرين, وكان مايكل سعيدا جدا وكنت أضحك معه قائلة:يا مايكل في حد يفسح خطيبته في مسيرة…مش كنت تنزل أنت وأنا أقعد في البيت فقال لي:يعني أكون شهيد تحت الطلب ومتكونيش معايا.
عندما وصلنا لنهاية نفق شبرا وجدنا أشخاصا كثيرين يطالبوننا بالرجوع لخطورة الموقف ولم يرض مايكل أن نرجع وأراد أن نستمر مع المسيرة ونحن نهتف:سلمية…سلمية!…وعندما بدأوا يقذفونا بالحجارة أعطاني شنطة لأحملها فوق رأسي حتي لا أصيب بشئ, واستكملنا المسيرة ممسكين الأيدي وكان دائما يقول لي لا تتركي أيدي مهما كان ونحن في المسيرة توقف مايكل العديد من المرات لشراء كروت شحن ومياه لأشخاص بالمسيرة وكنت أقول له كفاية لماذا تفعل كل هذا فكان يرد اليوم معايا فلوس خلي الناس تفرح.
بعد ما وصلنا ماسبيرو- نقطة الخيانة- تحدث مايكل مع والدته وابنه خالته وقال لهممش أنا هاستشهد النهاردة, ولم يعجبني كلامه وضحكت معه قائلة:ما أنت كل مرة بتقول كده وترجع البيت…بعدما سمعنا أصوات عالية:ابعدوا….امشوا من هنا وبدأ الضرب فينا وبدأت مدرعات الجيش تسير بشكل عشوائي, وأصر مايكل أن يساعد الناس ولم يتركهم علي الأرض مضروبين, وكان مايكل دائما يقول لي:يا فيفيان الإنسان لازم لما يعيش, يعيش متكرم مش متهان ولما يموت يموت متكرم مش متهان وظل مايكل متمسكا بكلامه وبيدي التي أراد أن لا تفارقه أبدا حتي لو استشهد.
وعن لحظة الاستشهاد تقول فيفيان كنت بجري وأيدي بيد مايكل وإذ المدرعة الذاهبة لمبني ماسبيرو تغير اتجهها وتعود لتخطف مايكل من يدي وتلقي به علي الأرض.
فجأة لم أجده وأصبحت كالمجنونة حتي وجدته ملقي ورجله شبه مقطوعة وكنت أظن أنه في غيبوبة وسوف يتحسن, كان آخر شئ أتوقعه أن مايكل يتركني, وتمسكت أن أفضل بجواره فأتي لي أحد العساكر وقال لي يلا امشي, وأخذ يضرب في مايكل فقلت لهأبوس رجلك أنقذني مش عارف يتنفس, فأحابني:امشوا أنتوا إللي جيتوا ياكفرة زي ماجيتوا امشوا.
ولم يمر علي هذا المشهد أكثر من دقيقة وجاء لي أحد رجال الجيش يرتدي طقية حمراء اللون وأخذ يضرب في مايكل مرة أخري, ولما فشلت في حماية مايكل من الضرب ألقيت نفسي عليه حتي أحميه فضربني نفس رجل الجيش علي ظهري.
استمر هذا الوضع حتي جاء بعض الشباب ونقلنا مايكل إلي المستشفي القبطي بشارع رمسيس هناك دخلنا ولم أقدر أن أوصف المشهد الجثث ملقاة علي الأرض لايوجد مكان بالثلاجات, كلمات الممرضات المحجبات لنا في منتهي القسوة.
جلست علي الأرض ومايكل ملقي علي الأرض ولم أعرف أنه فارق الحياة أم علي قيدها استمرت الحالة كثيرا حتي علمت أنه استشهد ولم أتوقف عن الكلام معه ممسكة بيده وشعرت أنه يقول لي:حقي يا فيفيان لاتتركيني.
*تركت فيفيان تتحدث ولم أقاطعها ولا أخفي عنكم أن كلامها جعلني أبكي معها علي المشاهد التي عايشتني فيها, هذه الخطيبة التي قامت بدور الزوجة والأم والأخت بدون أن تكون كل هذا لكن لدي فضول حول مايدور من تصور لدي فيفيان في المرحلة القادمة من حياتها فقالت:
مايكل هو كل حياتي…هو الذي علمني وشجعني وأنا سأظل مكملة لدور مايكل وستظل منظمته مفتوحة للجميع وباسمه, وأشكر الله أنه كان يحكي لي كل شئ من أحلامه مشروعاته فسوف أعمل علي تنفيذها طوال حياتي.
أما من ناحية حقه, فسوف أعمل علي رد حقه بالقانون حتي لو استمرت القضية لآخر يوم في عمري, وسوف يساعدني في ذلك الكثير, الكاتدرائية كلفت مجموعة من المحامين لمساعدتنا وخلاف هذا سوف يساعدني الأستاذ طارق زغلول المدير التنفيذي للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان ويكلف لنا محامين لرد حق مايكل.
فيكفي التقارير المزورة التي أعطيت لنا عند استلام الجثمان, ليس مايكل وحده بل كل من استشهد لذلك طلبنا أن يتم تشريح الجثامين لكتابة سبب الموت الحقيقي فكيف يكون شهيد مصاب مطعون بأربع طلقات أو مدهوس بمضرعة ويكتب أن سبب الوفاة سكتة قلبية!
تركت فيفيان وذهبت إلي ماسبيرو حيث استشهد مايكل و24 آخرون ووقفت بظهري للمبني الضخم وقلت للنيل ياليتك كنت حيا تشهد ما حدث من اعتداءات علي الأقباط من القاهرة لأسوان…زمان كان يأتي لك المخطوبون لتجمعهم, جاءوا اليوم لتفرقهم وتعذبهم.