أنا شاب في الخامسة والثلاثين من عمري علمت منذ عامين أنني مصاب بالإيدز مثل كل الذين يعانون من هذا المرض, انتابتني الصدمة للوهلة الأولي, ثم حولت حياتي إلي مسار آخر مخالف تماما للدرب الذي سرت فيه قبلا. فوجدتني أقرب إلي الله. وأقرب إلي القيم والمثل والإنسانيات.
فعل المرض بي ما لم يفعله أصدقائي وأقربائي ووالداي سنوات طوالا فكانت تجربة قاسية ورغم قسوتها أمدتني بأيام عشت العمر أحلم بها ولم أحياها إلا والمرض صديقي, ومرت الأيام والشهور, وأنا مداوم علي العلاج ولا أعلم متي ستأتي ساعتي لكن كل ما أعلمه أنني أريد أن أحيا حياة طبيعية إلي حد ما. بعدما بت ليال طوالا أحلم بالموت وأنتظره.
الآن أود أن أتزوج, ومن الطبيعي أن أرتبط بإنسانة تحمل ذات الفيروس حتي نستطيع التعايش لكن المشكلة الكبيرة التي أخشاها إنجاب الأطفال. ففي نفس الوقت الذي أشعر فيه بالمسئولية تجاه المجتمع وواجبي نحوه ألا أصدر له أطفالا يتعذبون بمرضهم ويكونون غير منتمين للمجتمع. أشعر أيضا بحنين للأبوة التي تحيا بداخل كل الرجال. فماذا أفعل؟
** لا أعلم إن كنت أحييك علي سلوكك الإيجابي ومشاعرك المتوازنة تجاه مرضك وتجاه المجتمع أم أتأسف لأجل حيرتك وصعوبة الاختيار التي تنتابك.. لكن دعني أقول لك إن إنسانا له مثل شجاعتك وصمودك أمام هذا المرض, إنسانا يحمل كل هذا الإحساس بالمسئولية والضمير اليقظ تجاه الآخر لا يمكن أن تطول به الحيرة في هذا الأمر.
فمن الناحية الطبية إنجاب أبناء من أب وأم يحملان الفيروس يعزز احتمال إنجابهما مرضي حاملين لذات الفيروس, وتتضاءل معه نسبة نجاتهم من براثنه, بل قد يفتك بهم عند سن البلوغ. فهل تريد أن تنجب طفلا لترضي غريزة الأبوة لديك ثم تجده معذبا وتتعذب بعذابه ومرضه بعدما تعذبت بمرضك؟! هل ستتحمل هذا؟ وعندما تقف عاجزا عن تخفيف آلامه الجسدية والنفسية بسبب صعوبة اندماجه مع أقرانه من ذات السن هل ستستطيع أن تسامح نفسك؟ ألن تعتبر أنك المسئول عن كل عذاباته.
عزيزي الشجاع راجع احتياجك الذي ربما يرضي أبوتك لكنه سيتركك متألما طالما حييت, وأنا علي ثقة أنك ستنصاع لصوت ضميرك.
فريق الخط الساخن
تواصلوا معنا علي 0106058093
أو علي الخط الساخن لوزارة الصحة
08007008000
** جميع المكالمات علي خط وزارة الصحة مجانية