المفترض أننا بعد 24ساعة من الصدور الرسمي للجريدة نكون جميعا في طريقنا إلي لجان الانتخابات…وإلي الذين يستغربون لتعبيرالصدور الرسمي قصة أرويها بسرعة…فالصدور الرسمي للجريدة هو التاريخ الذي يحمله صدرها, وهو هنا الأحد27نوفمبر 2011 إلا أننا نضطر إلي طباعتها فجر السبت ليتاح لأسطول السيارات الذي ينقلها أن يصل بها إلي كل القراء.
ولأنني أيضا تعودت أن أتناول في عمودي هذا رأيي في الأحداث والقضايا المهمة سواء إن أضأت برأيي هذا شمعة وسط سواد الأحداث أو ذرفت الدموع عندما لاتجد الشموع مكانا وسط ظلام القضايا…لهذا تعودت أن أؤجل كتابته إلي فجر الجمعة بعد ليلة أقضيها بين نائم ومستيقظ حتي يلهمني الله إلي حدث أتوقف عنده وأبدأ الكتابة.
معذرة إن طالت القصة الي قصدت منها فقط أن أعرفكم أنني أكتب هذا العمود فجر الجمعة وعندما تصلكم الجريدة صباح الأحد لا أعرف إن كان لمقالي هذا مكان عندكم أم سيخزن في ذاكرة التاريخ لأنني أود هنا أن أدعوكم للذهاب إلي الانتخابات ولا أعرف إن كان سيكون هناك انتخابات أصلا أم ستؤجل وسنقف جميعا نبكي علي اللبن المسكوب ونقولالعوض علي الله.
في هذه المساحة دعوتكم الأسبوع الماضي لنذهب جميعا إلي الانتخابات…وهذا الأسبوع أيضا في ذات المساحة لنذهب جميعا إلي الانتخابات…أقولها الآن ليس علي سبيل التأكيد والتذكير ولكن أقولها لاستنكار كل من يزرعون في نفوس الناس الخوف والفزع,ويرسمون في خيالهم صور البلطجية الواقفين أمام اللجان لإرهاب الأصوات الحرة…فمنذ أربعين يوما بالتمام والكمال من مذبحة ماسبيرو…وعنف الأمن ضد الشعب الغاضب لحريته المطالب بحقوقه….ولايختلف الأمر هنا إن كان الجاني شرطة عسكرية أم شرطة أمنية, أو إن كان يرتدي البدلة الكاكي أو البدلة السوداء,ولا يختلف إن كان المجني عليه مدهوسا بدبابة أو مقتولا بالرصاص, أو إن كان مسيحيا أو مسلما….أيا كان فقد جاء اليوم الذي حركت فيه الأحداث الثأر القديم بين الشرطة والشعب, وعادت إلي الذاكرة من جديد موقف شرطة حبيب العادلي مرتكبي جريمة كنيسة القديسين, فنزل الكثيرون من شباب 25يناير إلي التحرير وغيره من الميادين…وزادت قائمة الشهداء والمصابين.
حقيقي إنه مفزع أن يكون هناك منذ السبت الأسود وحتي كتابة هذه السطور 37شابا قتلوا غدرا ولقوا ربهم وهم في أبشع الصور داخل أكياس القمامة السوداء…ولكنها ضريبة الحرية والديموقراطية التي دفعها من قبلنا كثير من شعوب الأرض….وهذا سيزيدنا إصرارا علي الذهاب إلي الانتخابات لأننا نريدها دولة مدنية, ودستورا مدنيا, ومجلس شعب مدنيا…ولن يخيف شعبا يريد هذا فزاعة الأحزاب الدينية أو سطوة البلطجية, فشهداء محمد محمود ومن قبلهم شهداء ماسبيرو هم القوي الحارسة لنا أمام اللجان….وهم الشموع المضيئة لنا أمام الصناديق…وترحما علي أرواحهم سأذهب بكل إصرار إلي الانتخابات,فالثورة التي أسقطت النظام وحرقت ملف الفتن الطائفية الذي كان يحركه رجال أمن الدولة لن ينتهي بها الأمر إلي توريث مصر لتيار الإسلام السياسي.
[email protected]