عنوان مزعج علي غلاف مجلةالإيكونومستالبريطانية…وتردد علي لسان وزير ماليتنا د.يوسف بطرس غالي أمام مجلس الشعب الأمر الذي أثار عليه النواب وبعض الأقلام…
إنذارالإيكونومستلم يصدر من فراغ فقد استندت المجلة إلي العديد من الدراسات التي صدرت عنمنظمة الأغذية والزراعة-الفاوالتابعة للأمم المتحدة…وكان مدير المنظمة جاك ضيوفقد كتب كقالا مثيرا نشرته جريدةلوموند ديبلوماتيكالفرنسة بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للغذاءالمتوفق مع ذكري يوم تأسيس المنظمة الدولية عام1948 مؤكدا عليحق الغذاءلكل بني البشر.
مقال جاك ضيوف كان تحت عنوان:أن نطعم أنفسنا أفضل من أن يطعمنا الآخرونداعيا للاهتمام بالإنتاج الغذائي غير أنه يعود ليتساءل:هل بمقدور الأرض إطعام كل ساكنيها؟…ويجيب بالإيجاب ويعيب علي العالم المتحضر أن يسمح بوجود 854مليون نسمة تعاني سوء التغذية منها تسعة ملايين في البلدان الصناعية الكبري و25مليونا في البلدان الناشئة و820 مليونا في الدول النامية وأن70%ممن يعانون الجوع يعيشون أصلا في الريف.
جاك ضيوف يوجه دعوته للعالم للاهتمام بالزراعة والغذاء مع أن المعركة لاتزال ناشبة بين الدول الكبري المنتجة وبين الدول النامية حول دعم الكبار لصادراتهم الزراعية في منافسة ضارية لصادرات الدول النامية الأمر الذي دخل في حوارات حامية داخلمنظمة التجارة العالميةوندواتها الدولية وآخرها ما سمي منتدي عمان…ولم تسفر هذه المعارك عن قرارات حاسمة حتي الآن.
نحن في مصر تنبهنا مبكرا للإنتاج الزراعي والتصنيع الزراعي وكنا بالفعل دولة مصدرة فكنا نصدر القمح والقطن كمحصول أول علي قائمة الصادرات..ونظرة إلي كتابات السياسيين والاقتصاديين المصريين في مستهل القرن الماضي تكاد تكون متركزة علي أهمية الإنتاج الزراعي كمثل كتابات سلامة موسي وحسني العرابي نجل الزعيم أحمد عرابي إبان ثورة1919 كما نلاحظ تركيز بنك مصر علي إنشاء شركات تعتمد علي تصنيع الإنتاج الزراعي…وفي سبيل تنشيط الإنتاج الزراعي أنشأ إسماعيل صدقي بنك التسليف الزراعي عام1930 لينقذ الزراعة المصرية من أيدي المرابين الأجانب.
حظي الفلاح المصري المنتج بكثير من الاهتمام حتي أن برنامج حكومة الوفد عام1942 برز في خطاب وزير المالية مكرم عبيد وهو يقدم الموازنة العامة للدولة بعبارة صفق لها النواب طويلا:فلاحنا ينتج لنا الطعام ويقدم لنا الخير وهو لايزال يغوص في الطين وتحاصر بدنه الأمراض…ولاتزال مقولة الرئيس الراحل أنور السادات ترن في الآذان:من لا يملك طعامه لا يملك حريته واستقلاله.
تراجعت الزراعة كثيرا خلال السنوات الأخيرة حتي أصبحت بعض المحاصيل التي كنا نصدرها ما عادت تكفي 35% من حاجة الاستهلاك المحلي كمثل محصول القمح وإن كان يوسف والي قد دغدغ آمالناوهو يخطب في المؤتمر الاقتصادي في فبراير 1982 بحضور الرئيس مبارك أنه يخطط لزيادة إنتاج القمح ليفي الاستهلاك المحلي تماما خلال سبع سنوات ومضي علي التعهد خمسة وعشرون عاما ولايزال حجم إنتاج القمح لا يغطي أكثر من35% من حجم الاستهلاك.
مرت الزراعة بكثير من الإهمال لحساب ما سميناه التصنيع من الإبرة للصاروخوما بقينا دولة صناعية ولا استطعنا أن نحافظ عليمصر الزراعية..تفتت ملكية الأرض وضاع الإنتاج الكبير وزحف العمران علي قرابة مليون فدان زراعي وما استطعنا تعويضه بأكثر من مائتي ألف فدان استصلاح أي خسرنا 800ألف فدان تساوي مليونيفدان محصولي لأن فدان الأرض يعطي أكثر من محصول.
تدهورت أيضا الصناعات التحويلية سواء الغزل أو النسيج بعد تدهور الإنتاج المحسن من القطن حتي الصناعات الغذائية هبطت في مستواها كمثلقها وادفيناالتي كانتا تصدر معظم إنتاجهما للأسواق العربية والأوربية.
سامح الله أسرةالإيكونومستالتي أنذرتنا بأزمة الطعام القادمة…وسامح الله جاك ضيوف الذي فجر ما يجب أن نقوله نحن المصريين جميعا.
-عودي يا مصر خضراء…
د.يونان لبيب رزق
حين رن جرس التليفون صباح اليوم المشئوم ينعي لنا العزيز د.يونان اهتزت يدي وشعرت باضطراب غريب…كيف مات ومنذ ساعات قليلة كان الحديث متصلا بيننا في مساء ذات اليوم وعلي مدي أكثر من نصف ساعة عبر التليفون حول أقلام سوداء ملوثة بالتعصب تناولت الرجل فيما كتب بالأهرام عنأسرة ساويرسبكل التوجهات الوطنية المصرية التي برزت في هذا المقال ليس دفاعا عن أسرة ساويرس بقدر دفاعه عنحق المواطنفي التعبير عن رأيه واحتلال مكانة يؤهلهم لهما نشاطهم وسلامة مسارهم الاقتصادي خدمة للوطن ولهم دون ابتزاز لأحد أو احتماء بسلطان أو طلبا لموقع في السلطة وليس عليهم مآخذ فيما أخذ علي آخرين هربوا بأموال البنوك…
حملني الرجل رسالة إلي المهندس نجيب ساويرس بمناسبة تخصيص جوائز للأدب والأدباء ورعايته للثقافة والسينما…قال لي د.يونان علينا أن نقترح علي المهندس نجيب أن يخصص أيضا جائزة للبحوث التاريخية التي من شأنها ترسيخ الانتماء الوطني …د.يونان حدد أسماء بعينها لتساعد المهندس ساويرس في هذه المهمة…هل يتحقق حلمه بعد رحيله…ياريت…