يحتفل القبط في 30 من شهر بابة القبطي سنويا بظهور رأس القديس مرقس الرسول والإنجيلي أول باباوات الإسكندرية وأحد السبعين رسولا والأسد المرقسي الذي تعيش الكنيسة القبطية تحت حمايته علي مر العصور. وترجع بنا القصة إلي فترة ما بين القرنين الخامس والسابع حيث كانت هناك اضطرابات في مصر بين الكنيسة الشرقية الأرثوذكسية التي لم ترضخ للتحديات العقائدية التي قال بها مجمع خلقيدونية المنعقد سنة 451 لتجسد المسيح والدولة الرومانية البيزنطية التي ضيقت الخناق علي أقباط الشرق وعينت لهم حاكما من قبلها جمع بين السلطتين المدنية والدينية فكان ملكا وبطريركا في نفس الوقت.. واستولي الملكانيون البيزنطيون علي بعض الكنائس المصرية ومن بينها الكنيسة القديمة التي علي شاطيء الإسكندرية ببوكوليا والتي عرفت بعد القرن السابع بالكنيسة التي تحت الأرض والتي كان مدفونا بها جسد القديس مرقس والتي بقيت حتي أوائل القرن التاسع خارج الباب الشرقي لمدينة الإسكندرية وهذا ما مكن البحارة من أهل البندقية (فينسيا) من أن يسرقوا جسد القديس مرقس ويضعوه في عمود مجوف من الرخام ويحملوه ويقلعوا به إلي بلادهم حيث أقاموا عليه كاتدرائيتهم الذهبية الفاخرة ثم أعيد رفات القديس مرقس الرسول إلي القاهرة في عهد القديس البابا كيرلس السادس في اليوم السابع عشر من بؤونه القبطي لسنة 1684 للشهداء الأطهار الموافق 24 من شهر يونية لسنة 1968 لميلاد المسيح ووضع الرفات داخل جسم المذبح الرخامي القائم في وسط المزار الخاص به تحت الكاتدرائية المرقسية الكبري بدير الأنبا رويس بالعباسية.
أما رأس القديس مارمرقس فنقلت إلي كنيسة أخري جنوبي الإسكندرية باسمه أيضا في حيازة الأقباط الأرثوذكس وكان أقباط مصر لا يزالوا يعانون تحت حكم المقوقس المعين حاكما وبطريركا من قبل الدولة الرومانية البيزنطية, أما البطريرك القبطي الحقيقي كان هو البابا بنيامين الأول من (623 إلي 662 م) وهو الثاني والثلاثون في تعداد باباوات الكرسي المرقسي كان منفيا في ذلك الوقت في أديرة مصر وبراريها حتي فتح العرب مصر سنة 641 للميلاد فرحب أقباط مصر بهذا الفتح آملين في أنه سوف يخلصهم من ضغط الدولة الرومانية البيزنطية. ولما كانت مراكب عمرو بن العاص لا تزال في البحر دخل أحد هؤلاء البحارة لكنيسة القديس مرقس التي بها الرأس وكان الوقت ليلا فوجد تابوت القديس مرقس فوضع يديه في التابوت فوقعت علي الحق الذي به الرأس فسرقه ظنا منه أن به ذهبا وأخفاه في خن المركب وبعد يومبن أرادوا التوجه فباءت محاولتهم بالفشل ولم تبرح السفينة مكانها حتي أمر عمرو بن العاص بتفتيش المركب ولما وجد الرأس مخبأ أخرجه إلي البر فسارت المركب في الحال ففهم عمرو بن العاص ما حدث واستحضر السارق الذي اعترف بالسرقة فعاقبه وبحث عن البابا بنيامين (الذي كان مختبئا) ولما عثر عليه أعاد إليه رأس القديس فشكره البابا واطمئن علي حياته وبني كنيسة عظيمة علي اسم صاحب هذه الرأس المرقسية بالإسكندرية المعروفة بالمعلقة الكائنة في شارع المسلة بالثغر إلي يومنا هذا واستقر الرأس ودفن فيها إلي الآن . ويقول ابن السباع إن البابا يتوجه ثاني يوم رسامته إلي رأس مارمرقس الإنجيلي الرسول ويتبارك منه ويغير كسوته ويكسوه بكسوة جديدة من الحرير وبعد ذلك يظهر للناس وهو في حجره ليقبلوه واحدا فواحد علي حسب مراتبهم ولذلك تتم رتبته ويتبارك من مؤسس الكرازة الرسولية ولذا يدعي البابا خليفة مارمرقس الرسول الإنجيلي الجالس علي كرسي الكرازة المرقسية.
ونختم حديثنا عن هذا الأسد بكلمات معلمنا بولس الرسول وهو يواجه لحظات الاستشهاد ( خذ مرقس وأحضره معك لأنه نافع لي للخدمة 2 تي 4 : 11 ) إذن فلنحافظ يا إخوتي علي هذا الإيمان الثمين الذي تسلمناه من كاروزنا ومبشر ديارنا القديس مرقس الذي لا تكاد تخلو صلاة في الكنيسة القبطية من اسم أو صورة القديس مرقس أو تمجيد أو استشفاع أو طلب بركة فهو مؤسسها وحاميها بدمه وشفاعته ففي ختام الاجتماعات يقول الكاهن بالسؤالات والطلبات التي ترفعها عنا سيدتنا كلنا والدة الإله القديسة الطاهرة مريم وناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول الطاهر والشهيد.
المراجع :
* كتاب الجوهرة النفيسة في علوم الكنيسة للعلامه يوحنا زكريا المعروف بابن السباع الباب الـ 87
* تاريخ البطاركة لساويرس بن المقفع
* القول الإبريزي للعلامة المقريزي ط 1898
* ناظر الإله الإنجيلي مرقس الرسول البابا شنودة الثالث
* مارمرقس القمس بيشوي كامل
* الإنجيل بحسب مرقس القمص تادرس يعقوب ملطي