المثقف الكبير والمفكر الحداثي اللامع والتنويري الرائد الدكتور سيد القمني… إن قرار منحكم جائزة الدولة التقديرية (التي كان طه حسين هو أول الحاصلين عليها منذ نصف قرن) هو تكريم رائع ومستحق بجدارة, تكريم ثلاثي الأبعاد: تكريم للباحث والمفكر الذي أصدر عشرات المؤلفات التي يستحق عنها أعلي وأرقي الجوائز وهي المؤلفات الرائدة في ثلاثة مجالات: أولا دراسات الأديان المقارنة وثانيا دراسات التاريخ الإسلامي وتاريخ الفكر الإسلامي وثالثا دراسات المعاصرة والحداثة. وهي مجالات تألق فيها كلها الدكتور القمني الذي لا أشك أن كتابين بالتحديد من كتبه سيظلان طويلا هما الأفضل بين كل ما أؤلف قديما وحديثا في مجاليهما وأعني (حروب دولة الرسول) و(موسي وآخر أيام تل العمارنة – في أربعة مجلدات). كذلك فإن في تكريم الدكتور سيد القمني تكريم لأنصار الحرية والعلم والحداثة والتقدم والتنوير. ولعل روح فرج فودة اليوم تكون في سرور وحبور معنا ومع الدكتور سيد القمني. وأخيرا فإن تكريم الدكتور سيد القمني يعطي الأمل لكل من هو خائف علي مصر ومصيرها. منذ ساعات اتصل بي العالمة النابغة الدكتور سيد القمني ليخبرني أن حفل تكريمه من طرف المثقفين المصريين سيكون أول يوليو ويطلب مني (متكرما) أن أكون المتحدث الرئيسي في حفل التكريم هذا والذي هو عزيز عندي بما لا تقدر الكلمات علي وصفه. وقد أعتذرت بالأمر الوحيد الذي يمكن أن يحول بيني وبين هذا الشرف وهذه السعادة ألا وهو تواجدي علي بعد آلاف الأميال من القاهرة التي ستكون يومها زاهرة وباهرة وساحرة وهي تحتفي بأحد أنبه وأنبغ فلذات كبدها. في أكتوبر 2008 افتتحت (بشكل رسمي وعملي) منحة باسمي في أكبر جامعات كندا (جامعة تورنتو) للدكتوراه في الدراسات اليهودية/الإسلامية المقارنة (والتي ستركز علي الحقبة العربية في أسبانيا) التي استمرت لعدة قرون حتي انتهت في 1492 وأذكر أنني قلت في كلمتي في حفل افتتاح هذه المنحة إن هناك مصريين آخرين يفوقنني في تعمقهم في دراسات الأديان المقارنة وضربت مثلا بالدكتور سيد القمني الذي يعرف عن التاريخ العبراني ودراسات الكتاب المقدس ما أشك له نظير. وأختم كلمتي المقتضبة هذه ببيت قاله صالح جودت لعباس العقاد عندما منح جائزة الدولة التقديرية سنة 1960: ولست أهنئك بالجائزة, ولكن أهنئ بك الجائزة.