يقام باستكهولم في العاشر من ديسمبر الجاري (ذكري رحيل العالم السويدي ألفريد نوبل عام 1896) حفل تسليم جائزة نوبل للأدب التي تقدر قيمتها بعشرة ملايين كرونة سويدية أي ما يعادل (1.4مليون دولار أمريكي),وقد فاز بها هذا العام الفرنسي ##جان ماري جوستاف لوكليزيو## البالغ من العمر ##68## عاما بعد منافسة قوية مع العديد من الأسماء الأدبية الكبيرة التي كانت مرشحة لنيل الجائزة
ناهد غبريال:
ومن الأسماء التي ترددت في الأوساط الأدبية إضافة إلي اسم جوستاف كل من الروائية الألمانية الرومانية الأصل هرتا مولر,والهولندي سيس نوتبوم,والكندية مارجريت أتوود والتشيكي أرنوست لوستيج,والمكسيكي كارلوس فوينتس والشاعر الكوري الجنوبي كو أون,والجزائرية العضوة في الأكاديمية الفرنسية آسيا جبار.
قررت الأكاديمية منح جائزة نوبل للأدب للكاتب جوستاف,لأنه صاحب المغامرة الشعرية والباحث عن الإنسانية داخل وخارج الحضارة السائدة,وتقديرا لرواياته المليئة بالمغامرات ومقالاته وإنتاجه من أدب الأطفال.
من جانبه أشاد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بحصول لوكليزيو علي الجائزة وأعلن في بيان صدر عن قصر الإليزيه بأن الروائي الفرنسي يعد مواطنا عالميا وهو ابن لجميع القارات والحضارات ويجسد الإشعاع الفرنسي وثقافته وقيمه وقوة الفرانكفونية.وأضاف: أهنئه باسم جميع الفرنسيين علي هذه الجائزة الرفيعة التي يحصل عليها أديب ويكرم من خلالها فرنسا واللغة الفرنسية وجميع المجتمعات الناطقة بالفرنسية.
رحلة طويلة
ولد جان ماري جوستاف لوكليزيو في نيس بفرنسا لأب بريطاني وأم فرنسية في عام 1940 وانتقل للعيش في نيجيريا مع أسرته عندما كان في الثامنة من عمره.وكتب أول أعماله: رواية رحلة طويلة.أثناء الرحلة التي استغرقت شهرا ونشرت عام 1963.وعام 1964 حصل علي دبلوم الدراسات العليا,بعد أن أنجز بحثا حول: العزلة في أعمال هنري ميشو.ثم أصدر عام 1965 كتابه الثاني الحمي الذي كان عبارة عن تسع قصص عن الجنون.
درس لوكليزيو الإنجليزية في إحدي الجامعات البريطانية وقام بالتدريس في معاهد متعددة في مدن بانكوك ومكسيكو سيتي وبوسطن وأوستين والبوكيرك وغيرها.وأدي الخدمة العسكرية في بانكوك عام 1967 وأثرت هذه التجربة علي شخصيته بوضوح,وكتب مقالا في صحيفة لو فيجارو حول دعارة الأطفال في تايلاند,وطرد بسببه من هناك,فرحل إلي المكسيك,وحاول دراسة تراث الهنود الحمر وشاركهم حياتهم,وقام بترجمة كتب عديدة إلي الفرنسية من المكسيكية من بينها: نبوءات شيلام بالام في عام 1976,علاقة ميشوكان,الحلم المكسيكي في عام 1985,أغاني العيد في 1997,ديجو وفريدا في عام 1994 وتزوج من امرأة عربية مغربية عام 1975.ويعيش لوكيزيو منذ فترة طويلة مع زوجته وابنتيهما في البوكيرك بولاية نيومكسيكو بالولايات المتحدة.
ولم تكن الكتابة هواية جوستاف الوحيدة,بل كان يعشق السفر والترحال أيضا.ونال عدة جوائز رفيعة منها: جائزة بول موران التي تمنحها الأكاديمية الفرنسية عام 1980 ومن أبرز إبداعاته: رحلة إلي رودريجس عام 1986 العزلة عام 1995,قلب يحترق عام 2001,ثورات عام 2003.ومعظم شخصيات رواياته ترحل وتطوف وتكتشف دون قيود.
ومن الجدير بالذكر أن جائزة نوبل للآداب قد منحت العام الماضي إلي الأديبة الإنجليزية دوريس ليسينج,وهذه هي المرة الأولي التي يفوز فيها فرنسي بجائزة نوبل للآداب منذ عام 2000 حين فاز بها الكاتب الفرنسي من أصل صيني جاو شينجيان وهو لاجئ سياسي استقر في فرنسا وحصل علي الجنسية الفرنسية.
لازمة الجوع
لازمة الجوع رواية صدرت مؤخرا لأديب نوبل جون ماري لوكليزيو عن دار نشر جاليمار وقدمت جريدة لوموند الفرنسية قراءة في هذه الرواية وعرضت مقتطفات منها:
يقول لوكليزيو: هل كان العالم مريضا حقا,هذه القشعريرة وهذا الجيشان,أتيا من بعيد,ومن زمن سحيق,الآن وفي تلال الصيف الرملية,في بولدو,في انتظار ساعة موعدها مع عاشقها,استطاعت إتيل أن تحصي كل الجذور…العروق الصغيرة…وكذلك الأوردة…كل دقائق ذاك الألم,كنسيج شمل كل حياتها,لم يكن هذا شيئا يتخيل,إنها كل تلك الخيانات الصغيرة,الصمت اليومي الذي جثم علي القلوب,وفي الفراغ,عنف المشاعر.عندما كان يعلو صوت جوستين,ويتحطم في زفرة كانت تشبه جرسا صغيرا,كان صوت ألكسندر يجيبها في مثل كركرة بطن كانت تنتفخ…
ثم هنالك ضوضاء الباب التي كانت تصفق وضوضاء الخطوات في الشارع,مع الأقدام التي تختفي في الليل,إتيل التي كانت تنتظر,تحلم بالعودة,كانت تنام قبل أن تحصل علي وقع خطوات مكتومة في الممشي والأنفاس المثقلة بالنعاس,وبدخان السجائر.كل الأحاديث التي كانت تقال في الصالون لا يعتد بها.كل هذه الأصوات…الدندنة…رائحة السكر الممتزجة بالفانيليا وبالقرفة أيضا…ببهار الكركم المخلوط بالزعفران…وبأشياء أخري ذات مذاق حمضي.