فيما مضي أيام زمان, كانت المرأة تعتمد علي مساعدة الداية في عملية الولادة. ومعظم هذه العملية كانت تتم في البيت. وعدد قليل كن يفضلن الذهاب إلي المستشفي عندما تكون الولادة متعسرة والموقف حرجا حتي يقوم الطبيب بالتوليد حماية للأم والطفل, أما في الريف فالفلاحة قد يفاجئها الطلق وهي في الحقل وحيدة فلا تفزع أو ترتعد وتجاهد حتي تتم الولادة بسلام, وتلف طفلها أو طفلتها في الطرحة, وتعود بعد أن تسترد عافيتها إلي بيتها, وكنا نتعجب عندما نسسمع ذلك, ونردد أنها بالفعل بطلة وحمالة أسية, ولديها قدرة فائقة علي تحمل الآلام.
وكنا نؤكد أن إتمام عملية الولادة داخل المستشفي أفضل وأكثر أمانا. ولم يكن الطبيب يلجأ إلي الجراحة القيصرية إلا في حالة الضرورة القصوي إنقاذا لحياة الأم وحياة الطفل.
أما اليوم فقد انتهي هذا الطريق, واستبدلت به الولادة القيصرية. الزوجة والطبيب معا يلجآن إلي الولادة القيصرية, ولكل منهما وجهة نظره وأسبابه. وفي إحصائية تم إصدارها من واحدة فقط من مستشفيات الولادة وهو مستشفي باب الشعرية الجامعي وهذه الدراسة تبين أنه تردد علي هذا المستشفي مليون وإحدي عشر ألف و250 سيدة, كانت أعداد الولادات الطبيعية 8601 سيدة, والولادة القيصرية بلغت 5160 حالة خلال عام 2007 الماضي.
ولهذه الأعداد دلالة واضحة أن الولادة القيصرية أصبحت موضة العصر المفضلة لأسباب مختلفة فالأم تفضلها والطبيب أيضا.. هل بحث أحد في هذه الأسباب؟ كان اللجوء إلي هذه الجراحة يحدث لأسباب علمية وصحية عندما يكون الجنين في رحم الأم في وضع غير سليم ويتعذر علي الطبيب أن يعدل هذا الوضع لتتم عملية الولادة بأمان, أو أن تكون الأم مريضة وحالتها الصحية لا تتحمل جهد وآلام الولادة, أو يكون الجنين في حالة حرجة ولابد من إنقاذه بجراحة عاجلة.. أسباب كلها صحية وضرورية تحتاج إلي التدخل الجراحي لإنقاذ الحالة.
أما الطبيب في هذه الحالات فلا يعنيه للأمانة إلا حياة الأم وحياة الطفل وسمعته كطبيب ولادة له زبائنه الذين يثقون في كفاءته ومهارته وقدرته علي الإنقاذ.
وهناك أطباء يبحثون عن المال والاستفادة, والمغالاة في أجرهم وأجر المستشفي وأجر مساعديه من أطباء التخدير وغيرهم.. لأن الولادة القيصرية لها أجر مضاعف بالطبع.
ولكن التساؤل الحقيقي والمطلوب لماذا تقبل الحامل فكرة الولادة القيصرية وتفضلها علي الولادة الطبيعية إذا كان الأمر لا يحتاج للجراحة؟ البعض منهن يهربن من آلام الولادة المبرحة, والبعض يهمهن تصوير العملية والاحتفاظ بصورها للذكري, والبعض يرونها الأفضل والبعض يرونها موضة العصر!!