منذ إعلان المجلس الأعلي للقوات المسلحة عن مشروع قانون الانتخابات الجديد والجدل لا يتوقف حول النظام الانتخابي الأنسب , ومدي القدرة علي تطبيقه واستيعاب مصر له , حتي توصلت أغلبية القوي السياسية إلي رؤية موحدة تدعم نظام القائمة النسبية غير المشروطة.
أوضح الخبراء أن أهم ما يميز هذا النظام عدالة تمثيل الأصوات في مجلس الشعب, أي أن قيمة صوت أي ناخب متساوية , بصرف النظر عن حجم دائرته, ويرتقي هذا النظام بالمعركة الانتخابية إلي التنافس بالبرامج والأفكار, بدلا من التركيز علي الأشخاص, ويقصد النظام الفردي , ويقلل نظام القائمة من دور المال وتأثير شراء الأصوات بسبب اتساع مساحة الدائرة وصعوبة توجيه هذا العدد الكبير من الناخبين. مما يتيح هذا النظام تمثيل الكفاءات وأصحاب الخبرات والفئات المهمشة مثل النساء والأقليات في البرلمان, وهو أمر يري كثيرون أنه مهم في مجلس الشعب القادم الذي سيضع دستورا يحكم البلاد لفترة طويلة.
نظام القائمة هو الأنسب
قال محمد حامد أحد قيادات حزب المصريين الأحرار: موضوع إجراء الانتخابات بالقائمة النسبية غير المشروطة حلم للقوي السياسية و في مقدمتها الأحزاب السياسية و كانت القائمة النسبية هي المطلب الملح خلال السنوات الماضية فكان النظام السابق مصرا علي حجب التعددية الحزبية وإجراء الانتخابات بنظام القائمة النسبية هو الأفضل والأكثر احتياجا عنه في النظام الفردي لما يتسم به النظام الفردي من سلبيات تنال من نزاهة الانتخابات حيث يتسم النظام الفردي في مصر بشيوع العنف والصدام والبلطجة والسيطرة علي صناديق الانتخابات من خلال استخدام القوة والاستعانة ببعض القبليات والعناصر السيئة للعملية الانتخابية وانتشار الرشوة الانتخابية عن طريق شراء الأصوات , فضلا* عن استغلال الدين في الحصول علي أصوات الناخبين من خلال تأثير الخطاب الديني علي الجماهير و هو ما يؤثر علي حرية الناخب في اختيار الأفضل والأصلح لتمثيله في البرلمان . و بالطبع هذا النظام المقترح ضروري لعلاج الخلل الانتخابي الذي أساء لسمعة مصر و للنظام السياسي فيها و الحريات.
تحفظ حامد علي أن تجري هذه الانتخابات بالقائمة النسبية بالكامل باعتبارها قفزة علي إرادة المواطن البسيط الذي لم يكن لديه انتماء حزبي أو رؤي لبرامج سياسية متنوعة مما يفقده الحق في اختيار الأفضل من المرشحين أو ترشيح نفسه.
قوائم مغلقة غير مشروطة
وذكر أحمد حسن – أمين عام الحزب الناصري أنه ينبغي الاستجابة لمطالب ثورة يناير المتمثلة في وجود برلمان قوي يستطيع أن يمارس كافة سلطاته التشريعية والرقابية من خلال وجود أغلبية متماسكة واضحة تتولي الحكم ومعارضة قوية ومؤثرة تراقب الأغلبية الحاكمة مع وجود إمكانية حقيقية لتداول السلطة بين الأغلبية والمعارضة, و هذا لا يمكن تحقيقه إلا من خلال وجود أحزاب قوية تستطيع أن تحصل علي تمثيل مناسب في البرلمان والأداة الحقيقية لوجود مثل هذا البرلمان في الحالة الراهنة بمصر هو نظام القوائم النسبية المغلقة غير المشروطة دون وضع شرط نسبة للتمثيل علي مستوي الجمهورية , وأن يسمح للمستقلين بالترشح من خلال قوائم علي مستوي كل دائرة أو من خلال المشاركة في قوائم الأحزاب كمستقل وإذ سمح بإجراء الانتخابات بهذا الشكل فإنه لا يوجد عوار دستوري من ناحية أصل الحق في الترشيح ذلك لأن الترشيح سيكون متاحا للجميع من الحزبين أو المستقلين و بنفس الطريقة .
أشار إلي أنه لن يكون هناك تمييز بين الفريقين لأن المستقلين سيقدمون قوائمهم بحسب اتفاقهم , و التي من المفترض أن تصبح لديها تمثيل لجميع أجزاء الدائرة مما يمكنهم من القدرة علي الرعاية لقائمتهم و الحصول علي الأصوات المؤيدة لهم بنفس الطريقة المتاحة للأحزاب.
وأوضح حسن أن نظام القائمة النسبية يسهل علي الناخب عملية الانتخاب لأنها تماثل طريقة الانتخاب الفردي التي تعود عليها الناخب لكن الرمز الذي سيختاره سيكون رمزا لقائمة و ليس مرشحا لفرد بل إنها أيسر في الوقت والجهد لكونه سيختار مرة واحدة وليس اختيارين للعمال والفئات . إلي جانب ما سيساهم فيه الوضع المقترح من تقليل البلطجة والتزوير والفساد بشرط أن يلتزم الأحزاب والمرشحون غير الحزبيين بميثاق شرف في هذا الشأن ,وأن توفر حماية أمنية كافية للانتخابات بالتعاون بين القوات المسلحة والشرطة والأحزاب والمرشحين وأن تفعل اللجنة العليا للانتخابات النصوص القانونية العقابية لدرء الأعمال المخالفة للعملية الانتخابية في ظل عدم الاستقرار والانفلات الأمني التي تشهده البلاد .
القائمة لانتخابات حرة نزيهة
وفي هذا الإطار قال سيد عبد العال – أمين عام حزب التجمع إن القوي السياسية تري الأفضل أن تصبح الانتخابات بنظام القائمة لضمان انتخابات برلمانية حرة و نزيهة وفق نظام انتخابي صحيح يوفر أفضل فرص ممكنة للتنافس المتكافيء و يتيح انتخاب برلمان قادر علي الاضطلاع بمهمات كبري , و ذلك بعدما أصبح التنظيم الديموقراطي المتكافيء مستندا للأسرة الصغيرة وليس العائلة الممتدة في القرية أو القبلية فهذا انتهي عصره . وأن الحزب سيطرح مسألة حكم المحكمة الدستورية الذي يقر بألا يكون النظام الانتخابي بالقائمة النسبية فقط و سيطلب إيضاحا من المجلس العسكري بشأنه بعدما أكد خبراء القانون بعدم دقة هذا الحكم . مضيفا أن هناك أياد خفية تحاول إقناع المجلس العسكري والحكومة برفض نظام القائمة النسبية غير المشروطة.
و عن موقف حزب الوفد أشار عصام شيحةه عضو الهيئة العليا بحزب الوفد إلي أن الحزب مثل كافة القوي السياسية التي أجمعت علي نظام القائمة النسبية غير المشروطة لكونه النظام الانتخابي الأمثل والأصلح للمرحلة الانتقالية التي نمر بها المجتمع للوصول لمرحلة عليا من الديموقراطية والشفافية والنزاهة وضمان سلامة البرلمان القادم واحتضانه كافة التيارات الوطنية . كما أن نظام القائمة غير المشروطة تعطي الفرصة للتوافق مع الحد من المشاحنات بين المرشحين الفردي بعضهم ببعض في ظل الفراغ الأمني وتقليل العصبية و القبلية مع القضاء علي ظاهرة شراء الأصوات إلي جانب الحفاظ علي أصوات الناخبين فتطبيق نظام القائمة غير المشروطة معنية بأن كل قائمة حزبية تأخذ نسبة من المقاعد بقدر ما حصلت عليه من أصوات صحيحة .
الدستور…ثم الدستور
وقال الدكتور محمد نور فرحات الفقيه الدستوري: إن تنظيم انتخابات مجلسي الشعب والشوري بالقوائم النسبية غير المشروطة علي إطلاقه بجميع الدوائر الانتخابية لا يشوبه عدم الدستورية . وهذه متوافقة مع الإعلان الدستوري في المادة رقم 38 التي تنص علي حق المشرع في تنظيم طرق الترشيح والانتخاب وفقا لأي نظام انتخابي يتبناه, وهنا يقصد بالنظام سواء كان قوائم أو فرديا.
وأضاف بقوله من يزعمون عدم دستورية تنظيم الانتخابات بالقوائم النسبية بسبب حرمان المستقلين من مبدأ المساواة في الترشح, أقول لهم امنحوهم حق تنظيم أنفسهم في قوائم انتخابية خاصة بهم, معتبرا إشكالية الجدل الدائر حول القائمة النسبية غير المشروطة ترجع إلي اكتفاء المجلس العسكري باستشارة عدد قليل من مستشاري هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية.
ودعا د . محمد نور فرحات المجلس العسكري لتوسيع دائرة مستشاريه خاصة فيما يتعلق بالقوانين محل الجدل كقانون الانتخابات, مطالبا القوات المسلحة بإضافة مادة جديدة إلي الإعلان الدستوري تنص علي تنظيم الانتخابات بالقوائم النسبية غير المشروطة, وبهذا تحل أزمة الاختلاف حول دستورية القوائم النسبية وينتهي الجدل القائم حولها.
وأبدي الدكتور ثروت بدوي أستاذ القانون الدستوري تحفظه علي نظام القائمة , وأعتبر أن هناك مخالفة دستورية صارخة في نظام الانتخابات بالقائمة حيث إن نظام الانتخاب بالقائمة يفترض أولا حرية تكوين الأحزاب بمجرد الإخطار وليس بناء علي ترخيص أو تصريح ولأن حرية تكوين الأحزاب هي الركن الأساسي في تحقيق الديموقراطية أنها لا تقوم إلا بناء علي حق الانتخاب والترشيح لجميع المواطنين وكذلك حق تكوين الأحزاب وحرية الرأي والتعبير بهذه الحقوق الأربعة مترابطة ومتكاملة ومتساندة بحيث لا تقوم الديموقراطية في حالة المساس بأي من هذه الحقوق الأربعة وحيث إن حق تكوين الأحزاب السياسية لايزال مكبلا بقيود عديدة منعت الكثرة الغالبة من المستقلين من تكوين أحزاب وحتي الأحزاب القليلة التي تكونت في الأيام الأخيرة لا تعبر عن الأغلبية الساحقة من المستقلين وإنما تعبر فقط عن بعض التيارات الإسلامية المنظمة وكذلك بعض القوي الاقتصادية القادرة علي جلب وشراء العدد اللازم من الأعضاء الذين يتطلب القانون الجديد توفرهم.