لا شك أن قضية الشباب تطرح نفسها بقوة في هذه المرحلة التي يعيشها المجتمع المصري لأسباب تتعلق بهموم الشباب نفسه ولأسباب تتعلق بمتغيرات المجتمع وتوجهاته الجديدة وإفرازاته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والعلمية,والشباب هو نتاج المجتمع بما فيه من نجاحات وإخفاقات ومن ظروف ومؤثرات سياسية واجتماعية وما يملك من حصاد التجربة وإرث الحضارة,ومن هذا المنطلق نظم مركز دعم التنمية والتأهيل المؤسسي ندوة تحت عنوانالشباب والمشاركة الحزبية من يغيب من.
في البداية قال الدكتور وحيد عبد المجيد نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية إن الأحزاب المصرية جميعها أصبحت أقرب إلي القشرة علي سطح المجتمع لا يصل تأثيرها أو صداها إلي العمق إلا علي سبيل الاستثناء, لافتا إلي أنه علي الرغم من زيادة مساحة الحرية النسبية في السنوات الأخيرة إلا أن العلاقة بين الشباب والأحزاب مازالت متدهورة.
وأوضح عبد المجيد أن الصراعات داخل الأحزاب دفعت الشباب للابتعاد عن المشاركة فيها والاتجاه إلي الحركات السياسية وبالتالي أصبحت الأحزاب هشة وضعيفة ولا تستطيع أن تملأ الساحة السياسية مما مهد الطريق للتيار الديني للتواجد في الشارع المصري وسط المواطنيين.
وأكد عبد المجيد أن الشباب اليوم يواجه العديد من المعوقات التي تمنعه من أن يلعب دورا سياسيا وحزبيا فعالا وأبرز أسباب هذه المشكلة ممارسات النظام المصري المعوق لعمل الأحزاب والظروف الاقتصادية والاجتماعية المحيطة بالشباب والمشكلات الداخلية التي تعاني منها الأحزاب المصرية والتي تعوق بدورها عمل الشباب.
وأضاف عبد المجيد أن سيطرة الحزب الحاكم علي منافذ العمل الإعلامي والسياسي خلقت قناعة لدي الشباب المصري بعدم نزاهة العملية السياسية والانتخابية وبالتالي عدم جدوي المشاركة فيها,إضافة إلي غياب المراكز الشبابية وعدم لعبها دورا من أهم الأدوار المنوطة بها وهو التثقيف السياسي والتنشئة الاجتماعية والسياسية,وتقيد القوانين المعمول بها في الجامعات المصرية لأي نشاط سياسي في الجامعات.
وأشار عبد المجيد إلي أن ضعف الحياة السياسية في مصر خلال عقود طويلة أدي إلي ترهل الأحزاب وإلي ابتعاد الشباب عنها,إضافة إلي مشكلة البطالة التي فصلت بين الشباب المصري وانتمائه وانشغاله بالبحث عن عمل مما جعل الاهتمامات السياسية تتراجع إلي مرتبة متأخرة لدي الشباب,وأيضا أصبح دخول الشباب إلي الأحزاب السياسية أمر غير مرغوب فيه من داخل الأسرة.
وأكد عبد المجيد أن الأحزاب المصرية تعاني من عدم قدرتها علي الوصول إلي الشارع المصري والتواصل مع المواطنيين بسبب ضعف قواعدها الشعبية فهي غير قادرة علي الوصول إلي عدد كبير من الشباب وأن الأحزاب جميعها عجزت عن استيعاب أي تيار مخالف للقيادة بداخلها أو حتي قبول فكرة التنوع الداخلي وهو الأمر الذي أشعر الشباب بعدم جدوي الانخراط في العمل الحزبي وعدم جدوي الابتكار وإبداء الرأي.
وأشار عبد المجيد إلي أن جميع الأحزاب السياسية تعاني من خطاب سياسي غير متماسك وشديد التقلب وغير قادر علي التواصل مع الشباب والأجيال الجديدة بسبب جموده وقلة جاذبيته.
وطالب عبد المجيد بضرورة الاهتمام بالتنشئة السياسية للشباب من خلال زيادة مراكز الشباب ودعم العمل الطلابي داخل الجامعات وغيرها من التجمعات الشبابية,وضرورة تواجد الحزب وسط الناس والعمل علي إعداد القيادات الشابة وتزويدها بالخبرات اللازمة لقيامها بدورها القيادي ومحاولة إيجاد حل للمشكلات الداخلية التي تعاني منها الأحزاب المصرية من ضعف التنظيم القاعدي وغياب الديموقراطية الداخلية وغياب الخطاب السياسي الجذاب القادر علي استقطاب الشباب.
وشدد عبد المجيد علي ضرورة الاهتمام بتوفير دعم مادي خاص بالشباب في الأحزاب واحترام استقلالية الشباب في الأحزاب ذات الهيئات الشبابية المستقلة,إضافة إلي فتح مجال المواقع القيادية في الأحزاب القديمة علي القيادات الشابة أو علي الأقل إلي من ينتمون إلي جيل الوسط بحيث يتسني للحزب تعليم الشباب كيفية تحمل المسئولية عن طريق وضعهم في أماكن تجبرهم علي ذلك.
وانتقد عبد المجيد ما يقوم به الحزب الوطني الحاكم من استمرار اعتماده علي أجهزة ومؤسسات الدولة في عمله وعدم اهتمامه بتكوين وتأهيل هيكل تنظيمي داخلي قوي يقوم علي الكوادر الجديدة والشابة في التعامل مع العمليات الانتخابية المختلفة.
وأضاف عبد المجيد أن هناك انسدادا سياسيا داخل الأحزاب نتيجة هيمنة القيادات القديمة وتسلطها علي المناصب القيادية لكل حزب وأصبحت القيادات الحزبية لا تهتم إلا بكيفية البقاء في مناصبها للسيطرة علي الأحزاب وتركوا رسالتهم الرئيسية في التواصل مع المواطنين وخاصة الشباب وانشغلوا بأمور ثانوية وبالصراعات الداخلية وهذا أفسح المجال أمام التيارات الدينية بالتغلغل داخل الشارع المصري والاستحواذ علي المواطنين.
وأكد عبد المجيد أنه علي الرغم من التطور الهائل الذي تشهده مصر الآن في مجال الإلكترونيات والاتصالات وخاصة في التعامل مع شبكة الإنترنت خاصة بين الشباب إلا أن هذا لم يزد نسبة المشاركة السياسية أو الحزبية أو زيادة عدد المواطنين الذين يذهبون للتصويت في الانتخابات المختلفة.