ما يجري في أروقة حزب الجبهة الديموقراطية مأساة بمعني الكلمة.الحزب لا يزال يحبو وبالرغم من ذلك دبت الخلافات في داخله,وانهالت الاستقالات,بدءا من الرئيس,ونائب الرئيس,والبقية تأتي.لا أفهم ماذا يحدث في هذا الحزب الوليد.النتيجة النهائية التي نستخلصها هي أن المعارضة لم تعد قادرة ليس فقط علي منافسة الحزب الوطني,ولكن علي الحفاظ علي تماسكها,وضمان عدم تبعثر كيانها.
الملفت أن حزب الجبهة ظهر علي الساحة السياسية بيسر وسهولة وبدا أن مؤسسة الدكتور أسامة الغزالي حرب,وهو شخصية ليبرالية لها احترامها,يدخل الساحة السياسية بخبرة حزبية جيدة.فقد كان الرجل-حتي وقت قريب-عضوا بارزا في الحزب الوطني.ومقربا إلي قيادته العليا,لكنه-لسبب أو لأخر-آثر أن ينضم إلي المعارضة,معلنا تأسيس حزب.وكان النظام من الذكاء بأن أعطاه ما أراد,والأكثر لم يظهر بمظهر من ينتقم أو يصفي حسابات,فجدد له رئاسة تحرير مجلةالسياسة الدولية,ولم ينه عضويته في العديد من المجالس واللجان القومية والعامة.البعض تعجب من هذا الموقف.وبدأت الشائعات تلف الساحة السياسية,وأشهرها أن هناك رغبة من جانب النخبة الحاكمة في ظهور حزب معارض ليبرالي,يلعب الدور الذي فشلت أحزاب المعارضة في لعبه,وبالأخص حزب الغد.ساعد علي بلورة هذه الشائعات قرب الشخصيات التي أسست الحزب من جهاز الدولة بصورة أو بأخري.بصرف النظر عن صحة ذلك,فإن الأمر المؤكد أن حزب الجبهة الديموقراطية فشل قبل أن يبدأ,وظهر بمظهر خلاف ما أراد لنفسه,وربما ما أراد الحكم له.وأنتهي الأمر إلي جملة من الاستقالات عن المواقع القيادية فيه,وتنابذ بين المستقلين والمقالين من ناحية وبين القيادات الحالية من ناحية أخري علي صحفات الصحف.كل ما فعله الحزب في الفترة الأخيرة هو الدفع بإحد أعضائه لخوض انتخابات مجلس الشعب التكميلية في دائرة مصر القديمة,ثم ما لبث أن أعلن في منتصف اليوم الانتخابي سحب مرشحه احتجاجا علي ما وصفه بعمليات شراء أصوات الناخبين,وكتب الدكتور أسامة الغزالي حرب مقالا تأسف فيه علي ما حدث,وكأن عمليات بيع الأصوات ليست شائعة في الانتخابات,أو أن الدراسات وتقارير متابعة انتخابات عام2005 خلت من حديث مفصل عن ذلك.لم يعلم الحزب عن نفسه بقوة,لم تصدر صحيفة تحمل اسمه,أو نشاط فعلي يلفت الانتباه إليه.كل ما عرفه قارئ الصحف عنه أنه حزب به العديد من المشكلات الداخلية.
كيف يمكن أن يطمئن الناخب لحزب لم يعد يستطع أن يلملم أشلاءه؟وكيف يمكن أن تكون هناك حياة حزبية سليمة في الوقت الذي ينكفئ فيه كل حزب علي مشاكله الداخلية تاركا الساحة لحزب واحد,هو الحزب الوطني؟
مأساة حقيقة أن يكون مسار حزب مبشر وواعد علي هذا النحو.الحالة ليست جديدة.هناك أحزاب تشهد ممارسات مثلها,وخلافات داخلية انتهت بالعنف والبلطجة,مثل حزبي الأحرار والوفد,وآخر يواجه انتخابات داخلية تسودها اتهامات ولغة غير منضبطة مثل حزب التجمع.
نتساءل لماذا يجثم الحزب الوطني علي صدر الحياة السياسية لعقود,ولا نتساءل أين البديل؟