تلقيت دعوة كريمة من مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام, لحضور ورشة عمل يوم الأربعاء 6 مايو الماضي بعنوان: التمثيل الاجتماعي وتعزيز المشاركة السياسية, وذلك في إطار سلسلة ورش العمل التي يعقدها برنامج التحول الديموقراطي بالمركز حول النظام السياسي المصري عامة والشأن البرلماني خاصة, افتتح اللقاء بكلمة الدكتور عبدالمنعم سعيد مدير المركز الذي أكد علي أن الآباء المؤسسين للدولة المصرية كانوا ينشدون وجود الدولة المدنية التي تضم جميع أبنائها باعتبار أنهم الجماعة الوطنية, والجماعة السياسية.
تحدث ضيف اللقاء الأستاذ كوري فولان وهو استشاري خاص في مجال النظم والقوانين الانتخابية عن أساليب ضمان التمثيل الاجتماعي في الانتخابات مؤكدا أنه من ضمن خصائص نظام الانتخابات البرلمانية في الديموقراطيات النيابية أن يعكس البرلمان جموع الناخبين علي كل المستويات مثل البعد السياسي, أو الجغرافي, أو الديني, أو العرقي, أو المهني, أو الطبقي, أو النوع, أو العمر,…… إلخ, وفي معظم الحالات يكفي التشكيل الواسع للبرلمان شريطة تغطية أهم الأبعاد بأسلوب عادل بحيث لا تستبعد أي جماعات بشكل منهجي نتيجة لانتمائها الاجتماعي. وأضاف أنه من المفترض في الديموقراطيات النيابية ذات التعددية الحزبية أن البعد السياسي لأحد الانتخابات هو الأهم علي الإطلاق, وقد يتضمن البعد السياسي جميع الأقسام السياسية بحيث تتنافس جميع الجماعات السياسية الأحزاب في الانتخابات بناء علي الآراء المعبر عنها وعلي برنامج لمستقبل الدولة. وفي بعض المجتمعات قد تتناظر الأقسام السياسية مع أقسام عرقية أو دينية, ولكن علي المدي البعيد نأمل أن تستقي الأحزاب السياسية تأييدها من جميع الجماعات بغض النظر عن العرقيات والمعتقدات.
أضاف فولان أنه حتي مع انخفاض مستوي الصراع بين العرق والدين, قد يكون من الأفضل ضمان التمثيل الاجتماعي سواء العرقي, أو الاجتماعي, أو الديني, إضافة إلي النوع الاجتماعي, تمثيلا عادلا في البرلمان. وفي الديموقراطيات المستقرة, قد يكون هذا التمثيل ضروريا للحفاظ علي الاستقرار وضمان شعور الأقليات بالأمان داخل النظام السياسي, كما أن التمثيل الاجتماعي قد يشكل قيمة في حد ذاته.
وبخصوص تمثيل المرأة قال فولان إنه قد استحدث عدد متزايد من الدول ضمانات لتمثيل المرأة في البرلمان, ففي الوضع التقليدي لم تحظ المرأة بتمثيل كاف في الهيئات السياسية ولم تستطع التمتع بتمثيل عادل إلا بواسطة ترتيب قانوني. وفي الديموقراطيات القديمة حيث كان يترك تمثيل المرأة للأحزاب, استغرق التطور نحو المساواة في التمثيل قرونا, ولكن في الديموقراطيات الحديثة, كثيرا ما كان يفضل كضرورة لتقليل الوقت للوصول إلي تمثيل معقول باستخدام التدخل الإيجابي.
وعن نظم القوائم النسبية قال فولان قد يطلب مثلا أن تكون حصة محددة علي الأقل من مرشحي الحزب من إحدي الأقليات, وحيث إن المقاعد التي يفوز بها الحزب يتم ملؤها من أعلي إلي أسفل القائمة لا يمكن وضع مرشحي الأقليات أسفل القائمة, ولذلك يتعين وجود اشتراطات لكل من عدد مرشحي الأقليات وترتيبهم علي القوائم, وقد لا يكون شرط التمثيل الجماعي هو نفسه المطبق علي كل الدوائر, فعلي سبيل المثال, قد يكون القرار في إحدي الدول ذات الأغلبية المسلمة هو حماية الأقلية المسيحية, وعليه يكون الاشتراط في إحدي الدوائر انتخاب علي الأقل 20% من المسيحيين. ومن الطرق الشائعة لذلك القاعدة التالية: بين أول خمسة مرشحين علي القائمة يتعين أن يكون أحدهم علي الأقل مسيحيا, وبين أول عشرة مرشحين يتعين أن يكون اثنان منهم علي الأقل مسيحيين, إلخ وإذا وضعت كل القوائم مرشح الأقلية في أدني ترتيب قانوني الترتيب الخامس مثلا ولم يفز أي حزب بأكثر من 4 مقاعد في الدائرة, فلن يتم انتخاب أي مرشح من الأقليات, ولذلك فقد يتعين تعزيز الشرط عن طريق اشتراط وضع أول مرشحي الأقليات في أعلي القائمة الترتيب الثاني مثلا.. ويمكن تكرار هذه القاعدة علي أكثر من جماعة واحدة النوع الاجتماعي مثلا.
واستعرض فولان في ورقته البحثية المهمة بعض النظم الانتخابية, وخبرات بعض الدول التي حرصت علي تمثيل كافة فئات مواطنيها في المشاركة السياسية مثل الهند, ولبنان, والسودان, ونيبال, وغيرها.
كان موضوع الجلسة الثانية السيناريوهات المحتملة لتعزيز التمثيل الاجتماعي في البرلمان المصري وقد رأس الجلسة الدكتور طه عبدالعليم نائب مدير مركز الدراسات السياسية بالأهرام, الذي أكد في بداية كلمته أن المصريين شعب واحد في الأصل والتكوين, وأننا في مصر لسنا أغلبية وأقلية ولكننا جميعا مصريون تجمعنا في الأساس دولة المواطنة التي يكون فيها الحكم للدستور, وفي هذه الجلسة تحدث وتناقش جميع الحاضرين وهم من مختلف الأطياف السياسية والثقافية في مصر, وكان هناك شبه إجماع علي أن نظام الانتخابات البرلمانية في مصر الآن لا يحقق تمثيل كافة المصريين, إما بسبب عدم النزاهة الكافية في العملية الانتخابية, وإما بسبب وجود تمييز لدي البعض بسبب الجنس والدين, حيث إن عضوية المسيحيين في البرلمان عام 1924 كانت 65 شخصا دون تعيين أي فرد, بينما مجمل عدد المسيحيين في البرلمان الحالي هو 6 أشخاص منهم خمسة أشخاص بالتعيين وواحد فقط فاز بالانتخاب!! وما ينطبق علي المسيحيين ينطبق أيضا علي المرأة حيث إنه من الصعوبة بمكان أن تنجح المرأة في الانتخابات البرلمانية ومن ثم فهي تحتاج دائما للتعيين لضمان تمثيلها!!
ونتيجة لاستعراض كل هذا من خلال بعض الأرقام والإحصائيات التي أعدها مع آخرين الدكتور عمرو هاشم ربيع مدير برنامج التحول الديموقراطي بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام, نادي معظم الحاضرين بضرورة تغيير نظام الانتخابات لاحالي, ليحل محله نظام القوائم النسبية الذي يضمن تمثيل المسيحيين والمرأة, وأنه من المناسب أن يسري هذا الأمر علي كافة الأحزاب لضمان تمثيل كافة المصريين, بينما رفض جميع الحاضرين فكرة التمثيل الطائفي علي أساس الدين علي اعتبار أن المسيحيين مواطنون مصريون يقفون علي قدم المساواة مع المسلمين شركاء الوطن دون اختلاف أو تمييز.