تعد ظاهرة أطفال الشوارع قنبلة موقوتة, حيث لا يتلقون أي نوع من الرعاية الصحية اللازمة, بالرغم من أن حياتهم التي بلا مأوي تعرضهم للإصابة بالعديد من الأمراض, إلا أنهم لا يحصلون علي رعاية صحية من أي جهة حكومية, لأن التأمين الصحي يرفض قبول أطفال الشوارع لعلاجهم, فالقانون الحالي يشترط أن يكون الطفل مقيدا بالتعليم, لذلك لا تجد هذه الفئة من يهتم بها صحيا..!!.
التفتت منظمة أطباء العالم إلي هذه المشكلة في مصر, خاصة في محافظة القاهرة, حيث يزداد عدد أطفال الشوارع بنسب كبيرة جدا, وقدمت مشروعا للرعاية الصحية بأطفال الشوارع في القاهرة, وقبل أن تبدأ المؤسسة مشروعها قامت بإجراء مسح ميداني بين عامي 2006 و2009, توصلت من خلاله إلي أن 83% من أطفال الشوارع يعانون من فقر الدم وسوء التغذية, بالإضافة إلي 75% يعانون من أمراض جلدية, كما أن 20% يعانون من أمراض تنفسية وهضمية, و12% يعانون من صدمات نفسية عنيفة.
للتعرف علي أهداف هذا المشروع والخدمات التي يقدمها لأطفال الشوارع, تحدثنا إلي ماريكا ماكو, مسئولة مشروع أطفال الشوارع, والمنسقة العامة لأطباء العالم في مصر, فقالت: هدفنا من هذا المشروع الذي يستمر حتي نهاية عام 2011, تقديم الخدمات الطبية والتوعية الصحية لأطفال الشوارع, للمساهمة في تنفيذ سياسة حماية الأطفال المعرضين للمخاطر, وهو الأمر الذي يعد ضمن الخطة القومية التي ترعاها بعض المؤسسات الحكومية المصرية مثل المجلس القومي للأمومة والطفولة والوزارات المعنية مثل الأسرة والسكان والصحة والتضامن الاجتماعي. وتعمل المنظمة في هذا المشروع بالتعاون مع بعض الإخصائيين من عدة جمعيات ومنظمات أهلية تهتم بالطفولة منها كاريتاس الجيزة, وجمعية نور الحياة بإمبابة, وأنا المصري بـ6أكتوبر, وبناء المجتمع بمصر القديمة, ومؤسسة مأوي بالمنيب.
أضافت ماريكا: نقوم بتنظيم تدريبات لهؤلاء الإخصائيين علي المبادئ الأساسية للرعاية الصحية, وفي الوقت ذاته نحاول توفير بعض الأدوية والمستحضرات الطبية والعلاجية داخل الجمعيات المشاركة معنا في المشروع, وأيضا نعمل مع شريك آخر هي عيادة البسمة بجامعة القاهرة, حيث تستقبل العيادة أطفال الشوارع لعلاجهم ورعايتهم صحيا, حيث نقوم بتدريب الأطباء بالعيادة, بالإضافة للمشاركة مع العيادة ببعض الأنشطة لهؤلاء الأطفال التي تسهم في رفع الوعي الصحي لديهم.
أوضحت ماريكا أن منظمة أطباء العالم تعد منظمة مستقلة سياسيا وماليا, تعتمد علي أموال الجهات المانحة الخاصة, وترفض تمويل أي دولة من الدول التي تعمل فيها, وتهدف إلي توفير الرعاية الطبية للفقراء, وعلي رأسهم أطفال الشوارع ورعاية الضحايا في مناطق الحروب. وهي تعمل في كل من سورية ولبنان والعراق وتركيا وفلسطين واليمن والصومال والمغرب, بالإضافة إلي مصر.
أكد الدكتور رفيق بدوي المشرف الطبي علي المشروع في مصر علي أن الفئة المستهدفة من المشروع هي كافة الأطفال المعرضين للحياة في الشارع بالقاهرة, والتي يفرض عليهم نمط الحياة غير المستقر التعرض لبعض المشكلات الصحية والإصابة بالأمراض, مثل أمراض الجهاز التنفسي بسبب التلوث الشديد في الجو, والأمراض الجلدية كلها, خاصة المعدية منها مثل الجرب, بالإضافة إلي الجروح والإصابات التي تنتج عن الحوادث أو الشجار العنيف فيما بين أطفال الشوارع أنفسهم.
وأضاف أن المنظمة تتعاون مع عيادة البسمة بقسم الطب الاجتماعي والوقائي بمستشفي أبو الريش بجامعة القاهرة, التي تستقبل أطفال الشوارع بها, لتقديم الرعاية الصحية لهم, وقد تم استقبال العام الماضي 827 طفلا من أطفال الشوارع, وهذا العدد في تزايد مستمر من عمر عامين, سواء كانوا محولين من الجمعيات الأهلية أو دور الرعاية أو من يحضرون بأنفسهم, وهم الأقوي تأثيرا في إرشاد أقرانهم نحو الخدمات العلاجية, ويعمل معهم في العيادة فريق من الأطباء المتطوعين والإخصائيين الاجتماعيين.
ويوضح د. رفيق أنه في الفترة الحالية تقدم منظمة أطباء العالم تدريب, للتوعية بالحروق والأشياء التي تسبب مخاطر علي الأطفال, خاصة من استخدام الأحماض أو المواد الخطيرة, لا سيما أن الأطفال بلا مأوي كثيرا ما يلعبون بألعاب نارية أو الكبريت, وكل هذه الأشياء قد تصيبهم بالحروق, فنحن ندرب الإخصائيين علي كيفية التعامل مع الحروق ومتي تكون أولية أو ثانوية, ومتي يجب نقل الطفل إلي المستشفي. كما بدأت المنظمة بالتعاون مع الجمعيات المشاركة معها في مشروع الإعداد, لوجود كشف دوري بشكل منتظم علي هؤلاء الأطفال في عيادة البسمة.