صدر حديثا كتاب من سلسة كتب “وطنى” تحت عنوا ن “الأقباط والرياضة” جوون فى ملعب التعصب ، جاء فى مقدمته التى وضعها الدكتور محمد منير مجاهد (مؤسس جماعة مصريون ضد التمييز الدينى) تعريف المجال العام الذى يعيش فيه جميع المواطنيين ويتعاملون فيه بعضهم البعض.
وأشار مجاهد فى مقدمته إلى أنه منذ مطلع السبعينيات تم تديين كل شئ، وتم تقسيم مصر على أساس دينى حتى امتد الأمر إلى الرياضة، فأصبح كل لاعب يتباهى بتدينه بل ويلتحى ويستعيذ بالله فى كل هجمة مضادة، وهو ما يترتب عليه مستقبلا أن يتحول التديين إلى منظومة فى الفريق بأكمله ومن ثم يتم استبعاد تلقائى لغير المسلمين.
كما أشار منير إلى تصريحات حسن شحاتة المدير الفنى لمصر بأن من معايير اختياره لأى لاعب هو الأخلاق والتدين، وهو أيضا بدوره يؤدى إلى استعداد غير المسلمين، والدليل على ذلك أنه من ضمن 400 لاعب مقيدين فى سجلات الدورى الممتاز لموسم 2009-2010 لا يوجد إلا لاعبين اثنين من الأقباط، وما اكد الوضع التمييزى فى كرة القدم، والألعاب الأخرى، خاصة الفردية مثل رفع الأثقال والجودو وألعاب القوى .
ويرى مجاهد أن هذا الكتاب المهم يعالج موضوع التمييز الدينى فى الرياضة وأثره على ابتعاد الأقباط عن الرياضة من خلال استعراض تاريخهم مع الرياضة، وأسباب غيابهم وتقديم الحلول لمعالجة هذا الوضع.
ويختتم مجاهد مقدمته قائلا :”إن هذا الكتاب صغير الحجم يسد نقصا كبيرا فى المكتبة العربية. حيث يزال السواد الأعظم من المواطنين ينكرون وجود تمييز دينى فى الرياضة، كما فى غيرها من المجالات الأخرى، وإذا كانت الرياضة هى ما يجمع الشعب المصرى وتعزز فكرة المواطنة فلابد أن تكون خالية من التعصب الدينى. والفرز الطائفى لكى تلعب دورها فى ترقية الأفكار والممارسات وتعزيز وحدتنا الوطنية التى حمتنا عبر الزمن من كل الأخطار التى واجهتنا ” .
الأقباط إنجازات وتاريخ مشرف على مستوى اللعبات الفردية والجماعية
يستعرض نور قلدس معد الكتاب ورئيس قسم الرياضة بجريدة “وطنى” تاريخ الأقباط فى الرياضة، وينوه إلى أن هناك البعض يحكم على ديانة بعض اللاعبين على أساس الأسماء، فمثلا إسحق حلمى أول سباح مصرى يعبر المانش، وفريد سميكة بطل العالم فى الغطس 1932 هما مسلمان وإن كانت أسماؤهم توحى بغير ذلك، لان هناك أسماء كثيرة مشتركة.
ويسرد قلدس فى الكتاب تاريخ الأقباط فى الأوليمبياد مثل مشاركة الملاكم ميشيل جورجى فى باريس 1924 ، وفلييب نصيف فى رفع الأثقال، وجاك فهيم فى السباحة بأوليمبياد لندن 1948 ، وجرجس بخيت فى دفع الجلة لمنافسات ألعاب القوى فى برلين 1936 .
ثم فى العصر الذهبى لكرة السلة كان هناك ألبير فهمى تادرس المصرى الوحيد الذى مثل مصر فى 3 دورات أوليمبية برلين 1936 ، ولندن 1948 ، وهلسنكى 1952 ، وأيضا هناك عازر إسحق، وجوانى رياض، مجدى فيليب، وتونى ريمون، وإدوارد رزق الله، وسامى جرجس، وتونى بولس الذى فاز ببطولة العالم فى كمال الأجسام عام 1954 ، وهشام جريس من نجوم رمى المطرقة، ثم فرنس مرجان أحد أبطال كمال الأجسام، والأم سهير عدلى أول صعيدية تفوز ببطولة الجمهورية فى مصارعة الذراعين، كذلك ابنيها ريمون وجون.
وفى نفس العام 1954 بزغ نجم سمير حنا فى رياضة رفع الأثقال وكان من أبطال الجمهورية ، إلا أن جميل حنا هو الأوسع شهرة وصيتا فى عالم رفع الأثقال على المستويات المحلى والأفريقى والعالمى. حيث كان من اللاعبيين المميزين فى رفع الأثقال منذ 1956 وحتى 1966 وكان صاحب الدعوة فى تأسيس الاتحاد الأفريقى فى القاهرة عام 1978 ، وقد رأسه منذ 1986 حتى 2009 .
وهو يشغل الآن منصب سكرتير عام الاتحاد العربى لرفع الأثقال ثم، فى الجودو جورج سوريال، وناجى سعد فى دفع الجلة الذى حقق العديد من الأرقام المشرفة لعل أبرزها أن رقمه فى دفع الجلة كان أفضل سادس رقم عالمى، وشارك فى 130 لقاءً دوليا.
ثم فى كرة السلة برز نجم سامى الشارونى الذى بدأ حياته فى نادى الزمالك ثم انتقل إلى الشرطة، وهو الآن المدير الفنى لفريق اتحاد الشرطة ويقوده منذ سنوات طويلة .
وفى الشطرنج يأتى باسم سمير جنرال الحروب الصامتة الذى حصل على لقب أستاذ دولى كبير عام 2007 وعمره لم يتجاوز 20 سنة .
كرة القدم
أما معشوقة الجماهير الساحرة المستديرة “كرة القدم ” والتى يظل الأقباط يبحثون عن لاعب قبطى فى الملاعب ويخيب آمالهم دائما، والدليل على ذلك تصريحات حسن شحاتة بشان معايير اختيار اللاعبين على أساس أخلاقهم وتدينهم، وهو ما وجد بسببه العديد من النقد سواء فى مصر أو خارجها، خاصة عن سؤاله لماذا لا يوجد لاعب قبطى فى المنتخب، فيجيب دائما بأنه لو كان هناك لاعبا مثل هانى رمزى أو محسن عبدالمسيح كان سيجد له مكانا فى المنتخب،
ومن مظاهر تديين كرة القدم فى المنتخب اصطحاب حسن شحاتة لرجل دين ضمن بعثة المنتخب وتعليماته بالمواظبة على قراءة القرآن ومتابعته لتأدية اللاعبين للصلوات.
ويشير قلدس فى الكتاب إلى أن الكثير من الأقباط يبررون عدم وجود نجوم فى كرة القدم إلى عدم اختيار لاعبين أقباط من الأساس فى الأندية بمراحل الناشئين، وذلك بسبب قطع الطريق عليهم من البداية، حتى إنه إذا تم اختيار ناشئ قبطى لا يتم تصعيده للمراحل السنية التالية، وهنا يروى الكابتن محسن عبدالمسيح نجم الإسماعيلى والترسانة السابق بأنه يوجد لاعبون أقباط جيدين ويجتاز بعضهم الاختبارات فى الأندية الكبيرة، ولكن يتم استبعادهم على أساس الدين .
ويعتبر هانى رمزى أشهر لاعب قبطى فى كرة القدم، وأنجح لاعب مصرى محترف، وهو من مواليد 10 مارس 1969 ، بدأ حياته الكروية مع أشبال الأهلى ونظرا لتألقه ضمه الجوهرى لمنتخب مصر وهو لم يتجاوز الـ 18،وقتها كان المنتخب يستعد لتصفيات كأس العالم 1990 ، والذى احترف وقتها ليكون أصغر لاعب مصرى محترف، والذى أكمل مشواره الاحترافى إلى 2005 وبعد ذلك شغل منصب المدير الفنى لإنبى، ثم حاليا المدير الفنى للمنتخب الأوليمبى.
أما محسن عبدالمسيح بدأ حياته فى ناشئين نادى الشمس ثم انتقل إلى الإسماعيلى 1978 وكان من أفضل المدافعين فى مركز الظهير الأيسر، وهو ما يثير علامات استفهام حول عدم لعبه فى صفوف منتخب مصر.
بينما هانى سرور حارس مرمى الاتحاد السكندرى فقد عاصر الجيل الذهبى للفريق الذى ضم عرابى وبوبو والجارم وشحتة الإسكندرانى، وشارك فى فوز الفريق ببطولة كأس مصر عامى 1973 ، 1976 .
أسباب ابتعاد الأقباط عن الرياضة والحلول
وفى سرد أسباب غياب الأقباط عن الرياضة فى الجزء الثانى من الكتاب ذكر قلدس بأن السلبية من جانب الأقباط بعدم تشجيع أولادهم على التواجد بالأندية ومراكز الشباب، والتمييز الدينى فى العديد من مجالات المجتمع وشكوى الأقباط من الظلم الواقع عليهم فى مناصب الدولة المختلفة أدى إلى حالة من الإحباط وعدم المشاركة فى مجالات عديدة امتدت إلى الرياضة، ثم عدم ترسيخ مفهوم المواطنة لدى المجتمع بأسره، كذلك تركيز العديد من وسائل الإعلام على الجانب الدينى فى الرياضة أكثر من الموهبة، قبول بعض الأقباط فى مراحل السنية الأولى ثم توقفهم عند هذه المرحلة، أيضا سيطرة الدولة على الرياضة وغياب الاستثمار الرياضى الشامل الذى يحقق الإنجازات بصرف النظر عن الدين.
وفى الحلول فإن الأمر يحتاج إلى المشاركة الإيجابية من جانب الاقباط وإعطاء الفرصة لهم، كذلك التاكيد على أن مصر دولة مدنية، وأن الدين مكانه المسجد أو الكنيسة فقط، إعلان الحرب على التمييز الدينى من الدولة أولا ثم من كافة القوى الحزبية والسياسية، قيام رجال الدين بتصحيح المفاهيم الخاطئة، قيام وسائل الإعلام بالدور الحيادى فى الرسالة الإعلامية والبعد عن النزعة الدينية، ثم تشجيع الاستثمار الرياضى حتى تتحق الإنجازات .
ثم يأتى الجزء الثالث ليلتقى بهؤلاء اللاعبين ليتحدث كل واحد منهم عن إنجازاته والصعوبات التى واجهته، خاصة التمييز الدينى مثل محسن عبدالمسيح، وكيف تم استبعاده من منتخب الناشئين بسبب اسمه، ثم هانى رمزى ما حدث معه فى بداية مشواره، وغيرهم من حكايات للأقباط مع الساحرة المستديرة .
—————–
م.م
12-7-2010
—————–
م.م
12-7-2010