خلف كل لحظة حرمان مأساة وقصة تستحق أن تروي,ووراء كل محتاج ليال طويلة صارع فيها اللجوء للبشر منتظرا العناية الإلهية لتسد احتياجه,غير عالم أن الله يستخدم البعض ليهبهم نعمة الوساطة فيقومون بهذا الدور لتستقر مشاعرهم ويجدون راحة نفوسهم في مساعدة الآخرين. ضمن من ترددوا في الاتصال بنا طويلا السيدة م.أ.ح, في الأربعين من عمرها وتقول:
تزوجت منذ 21عاما وأنجبت ثلاثة أطفال. كنت رغم فقري أسعد زوجة في الدنيا تحملت مع زوجي -الذي عمل عامل بناء لفترة طويلة رغم حصوله علي بكالوريوس تجارة- كل ألوان الحرمان وأنا راضية قانعة مؤمنة أن لكل شئ تحت السماء وقت,وجاء الوقت وياليته ما جاء.
سافر زوجي إلي قبرص ووجد هناك فرصة عمل جيدة وتكدست الأموال في جيوبه,وحمدت الله الذي عوضني وأبنائي حرمان السنين,بدأت الاشتراك في جمعيات مع أصدقائي وجيراني للاحتفاظ بما رزقنا الله به واشتريت غسالة وثلاجة وبوتاجاز بالقسط,أصبح لدي كل شئ,إلا زوجي فطلبت منه العودة,وعاد ليستثمر ماله في الاتجار بالسيارات المستعملة ولم يكفيه ما كان في حوزته فتقدم للحصول علي قرض من البنك باسمي واقترضنا 25ألف جنيه,ولم أكن أعلم بما يخبئه الزمن لي وراء هذا القرض,فبعد بضعة أشهر وجدت أمامي رجلا لا يمت بصلة لمن تزوجته قبل 21سنة,مدمنا للقمار. في كل ليلة ينتظر الربح ولا يأتي,وانسالت من بين يديه أموالنا رويدا رويدا تارة علي منضدة القمار وتارة علي إحدي السيدات التي تعرف عليها وانزلق معها في علاقة آثمة.
استعطفته أن ينظر إلي أبنائنا,ولكن لا حياة لمن تنادي,بل كان يزداد قسوة وعنفا معي,إلي أن تراكمت الديون عليه وطالبنا بنك التنمية والائتمان الزراعي بما له فلم يف زوجي بالدين,وكانت النتيجة الطبيعية هي الاحتكام للقضاء فصدرت ضدي أحكام لرد المبلغ,ثم بعد فترة صدر قرار عن مجلس الشعب بإلزام المتعثرين في سداد القروض برد نصف قيمة القرض فقط أي 12ألفا وخمسمائة جنيه,وطبعا لم يكن لدينا ما نسدد به القرض الذي كان قد حصل عليه باسمي,وللمرة الثانية رغم اختصار المبلغ لنصف قيمته إلا أنني لم أتمكن من السداد فصدر حكم قضائي ضدي بالحبس ستة أشهر,وحكم آخر بالحبس لمدة سنة في قضية إيصال أمانة قيمته ألف جنيه خاص بالمشتريات التي كنت قد اقتنيتها عن طريق التقسيط ولم أتمكن من إكمال السداد بعدما ضل زوجي طريقه إلي دوامة القمار.
هل تعلمين سيدتي ماذا فعل عندما حلت بي كل تلك الكوارث؟ لن يصدق أحد أن رجلي وعشرة عمري أخد ديله في سنانه وسافر دبي,ورحل بلا رجعة منذ عام,حتي مصروفات أبنائه لا يرسلها لي,تراكم الإيجار علي فتركت مسكني وقبعت مع أمي العجوز أنا وأولادي الثلاثة نقتات من معاشها الذي لا يتعدي ربعمائة جنيه,نعيش منه نحن الخمسة المأكل والملبس والتعليم والدواء والقضاء وكل شئ تتصورينه. مررت بأيام حرمان لم أمر بها من قبل,حاولت جاهدة ألا أعرض أبنائي لذات الحرمان لكنني فشلت… فما باليد حيلة,فأنا معرضة للسجن في أية لحظة,وأولادي يحتاجون لكل جنيه ولم يكن أمامي إلا أن أعمل خادمة دون علمهم فأختلس بعض ساعات النهار وأقضيها في أحد المنازل لتنظيفه,لأنني للأسف لم أحصل إلا علي الشهادة الإعدادية. ساعدني أحد الآباء الكهنة كثيرا وأحد خدام الكنيسة بالإسماعيلية وآخر بفايد لأنني من سكان محافظة الإسماعيلية… لكن المشكلة قائمة أعمل بلا علم أبنائي,معرضة للسجن بسبب الديون,ومن يساعد مرة لن يساعد الأخري,أنا علي استعداد للعمل أي عمل حتي أستطيع الإنفاق علي أسرتي… ولكنني أود أن أعمل بأمان دون أن أجد نفسي ذات يوم وراء القضبان دون أدني ذنب ارتكبته سوي أنني كنت زوجة أمينة معينة لزوجي,لا أنام ففي كل ليلة أنتظر اقتحام الشرطة مسكني لتنتهي قصتي نهاية مأساوية,أفزع كلما رحت في النعاس,أنا معذبة وأسرتي في انتظار التشرد فهل من يسدد عني الدين للبنك؟,معي كل الأوراق التي تثبت ما تعرضت له,كما أن كاهن الكنيسة التي أتبعها في الإسماعيلية علي علم بكل شئ ويمكنكم الاتصال به,أنا لا أبغي سوي الأمان حتي لا يتشرد أولادي فأصغرهم في الصف الثاني الابتدائي وإذا تم تنفيذ الحكم ضدي سوف يدفعون ثمن خطأ أبيهم وربما نجدهم بعد حين في الطرقات يشحذون أو يسرقون ليقتاتوا.
لصاحبة هذه المشكلة أقول:
لا تندمي يا سيدتي علي موقفك تجاه زوجك فقد فعلت ما ينبغي علي كل زوجة مخلصة,ولم يكن أمامك خيار آخر إلا أن تتحملي من أجل أولادك,وكما قلت إن لكل شئ تحت السماء وقت,فسوف تأتي الساعة ويحين الوقت الذي تنفتح فيه أعين زوجك علي أهم حقيقة في حياة أي أب وهي أنه مهما حاول الهروب فمرده إلي أسرته,ومهما حاول التنصل من مسئولياته لن يستطيع التنصل من دمائه التي تجري في عروقهم,صدقيني سيعيده الحنين مرة أخري إليكم لأن المنطق والعقل يقولان إن بناء الأسرة الذي شيدتماه خلال 21سنة لا يمكن أن ينهار إلي النهاية,ومن منا عزيزتي بلا أخطاء أو خطايا,ومن منا لم يشرد بعيدا ثم يعود لصوابه,جميعنا تحت الخطية,جميعنا خطاؤون,حاولي مرة أخري معه,حاولي استعادته ولا تصميه بالنذالة لأنها لم تكن صفة من صفاته علي مدار ما يقرب من ربع قرن,وإنما هي نتاج موقف اختلطت فيه الأمور أمامه ففضل الهروب,وهنا الهروب ليس دليلا علي النذالة بقدر ما هو دليل علي الضعف وقلة الحيلة,هذا بالنسبة لزوجك وصدمتك فيه,أما بالنسبة للديون فها هي قصتك أمام آلاف القراء الذين ينبض قلوبهم بالحب والخير كلما وقعت أعينهم علي سطور باب افتح قلبك وهم أقدر علي معونتك خاصة من يسكن محافظة الإسماعيلية منهم ليكون الأمر سهلا في المساعدة,وربما عندما يتم تسديد دينك,يكون ذلك حافزا لعودة زوجك إليكم.
أيادي الحب
امتدت أيادي الحب هذا الأسبوع بعطايا عديدة لباب افتح قلبك وهي