اتجه مؤشر ”منتدي دافوس” بسويسرا في ثاني يوم من انعقاده وحتي ختام أعماله 180درجة تجاه التحديات التي يواجهها عالمنا المعاصر في شأن التغير المناخي ونقص المياه وأزمة الطاقة,وذلك بعدما هدأت عاصفة الحديث بين كافة المشاركين في أعماله عن الركود الاقتصادي العالمي والتي طغت علي أعمال جلساته في اليوم الأول,وذلك نتيجة خفض الحكومة الأمريكية أسعار الفائدة وموافقتها علي صفقة حوافز ضريبية تقدر بنحو 150مليار دولار بالتنسيق بين الحكومة والكونجرس.
أكدت مداخلات العديد من الخبراء المشاركين في المنتدي أن مشاكل العالم لا تنحصر فقط في احتمال مواجهة كساد اقتصادي شامل,بل هناك مخاوف عديدة تؤرق العالم من تغير المناخ ومن أزمة مياه قد تطول نصف سكان العالم بحلول عام 2025 وفق وتيرة الاستهلاك الحالية مع الأخذ في الاعتبار أن 20%من سكان العالم يعانون من أزمة مياه.
في كلمته حذر مؤسس ورئيس مجلس الإدارة التنفيذي للمنتدي الاقتصادي العالمي ”كلاوس شواب” من احتمال اندلاع صراعات في المستقبل نتيجة أزمة المياه التي يعاني منها العالم لأن الأحواض المائية -علي حد تعبير ”كلاوس”- عبارة عن مساحات واسعة تتجمع فيها مياه الأنهار الرئيسية في العالم ثم تواصل طريقها لتصب في البحار,ويعيش في منطقة هذه الأحواض ملايين الناس وتضم مزارع وغابات ومدنا ومناطق ساحلية,وغالبا ما تتقاطع علي أراضيها حدود سياسية لدول عدة.
وأشار ”كلاوس” كذلك إلي أن المياه المستخدمة في ري المزروعات لإنتاج الغذاء والمنسوجات ستستقطب الجزء الأكبر من الاهتمام حيث إن حصة هذا القطاع تصل إلي 70% من إجمالي المياه العذبة,لذا فإن أي توفير فيها سيكون له تأثير إيجابي في مكان آخر من الحوض المائي.
وأكد مدير ”مبادرات البيئة” في المنتدي ”دومينيك ويجيري” أن أهمية المياه لا تكمن فقط في مجال الزراعة والشرب بل تحتاج إليها كل الصناعات,لافتا انتباه المشاركين إلي أن إنتاج لتر واحد من النفط بتطلب استهلاك ما يصل إلي 2.5لتر من المياه,وكذلك تستهلك المحاصيل التي تزرع بهدف استخدامها كوقود حيوي ألف لتر من المياه لإنتاج لتر واحد من هذا الوقود,كما أننا نحتاج إلي 2700لتر من المياه لصناعة قميص من القطن وإلي 4آلاف لتر مياه لإنتاج كيلو جرام واحد من القمح وإلي نحو16ألف لتر مياه لإنتاج كيلو جرام واحد من اللحم البقري.
أظهرت أبحاث عالمية -استند إليها ”دومينيك ويجيري” في كلمته- أن العالم يحتاج إلي إنفاق 35تريليون دولار علي مشروعات البنية الأساسية للحفاظ علي موارد كافية من المياه والطاقة حتي عام 2030,مؤكدا أن الدول الغنية ستعاني أكثر من الدول الفقيرة بسبب نقص المياه إذ يستهلك الفرد في المجتمعات الثرية نحو 3آلاف لتر من المياه يوميا,عدا إنتاج المواد الأساسية اللازمة لدعم النمو الاقتصادي بما فيها الأسمنت والصلب والمواد الكيمياوية وتوليد الطاقة والتنقيب فهي تحتاج أيضا لكميات هائلة من المياه.
عن المناطق الزراعية الرئيسية والتي توصف غالبا بأنها سلة غذاء العالم وتوفر الاحتياجات الغذائية للأعداد المتزايدة من سكان المدن في عالمنا..قال ”ويجيري”:إننا سنكتشف أننا ماضون في اتجاه مقايضات مؤلمة أو حتي صراعات.وطرح ”ويجيري” تساؤلات علي المشاركين في منتدي دافوس يراها في غاية الأهمية ومنها مثلما ذكرته وكالات الأنباء العالمية: ”هل نستخدم المياه القليلة المتوفرة في أحواض أنهار كولورادو وإندوس وموراي دارلينج وميكونج ودلتا النيل أو في سهول شمال الصين من أجل الغذاء والوقود والناس والمدن أن من أجل التنمية الصناعية؟”.