وطني… جسد واحد له أعضاء كثيرون مؤثرون في كل حرف من حروفه منهم الصحفيون والرسامون والخطاطون كلهم يعزفون علي أوتار متناغمة تحقق في النهاية لحن وطني. من بين هؤلاء الرسام الذي بدأ مع وطني منذ خمسين عام جمال جورج.
جمال جورج بدأ مشواره الفني مع وطني منذ وضع الماكيت الأول للجريدة. بعد أن أنهي دراسته بالثانوية العامة إلتحق بمعهد ليوناردو دافنشي للفنون بالقسم المسائي أثناء عمله بالجريدة واستطاع أيضا أن يزيد من معلوماته وخبراته من احتكاكه بأساتذة وفنانين كبار كانوا يعملوا معه في القسم الفني بالجريدة أمثال الفنان جرجس القمص والفنان إدوار سعد وماكريس يوناني الجنسية ومراد نسيم…
شعار وماكيت وطني.. ماذا عنه؟
صاحب فكرة الشعار هو الفنان الكبير جرجس القمص وهو كان رئيس القسم الفني بالجريدة وقتها وأنا قمت بتنفيذه والأستاذ عدلي بولس كتب كلمة وطني عليه.
واستمر العمل في وضع ماكيت الجريدة الأول لمدة ثلاثة شهور من القسم الفني بالجريدة بالتشاور مع الأستاذ أنطون سيدهم وعزيز ميرزا ونجيب مطر والدكتور عبد المنعم البهي في جلسات ومناقشات وتعديلات عديدة حتي استقر الماكيت النهائي.
ماذا عن تطور الإعلان عبر مشوارك مع وطني ؟
من المعروف أن الإعلانات تمثل ركيزة مهمة لأية مؤسسة إعلامية فتكلفة إصدار الجريدة -أي جريدة- أعلي بكثير من ثمنها, وبالتالي كنا في وطني علي إدراك شديد لأهمية الإعلان ولذلك كنا في القسم الفني نتعاون في إخراج الإعلان بأفضل ما لدينا.
كما كنا كثير نعد حملات دعائية من خلال تصميم مجموعة من الإعلانات لمنتج ما وإرسالها مع مندوبي الإعلانات إلي الشركات لكي يتم التعاقد معهم وبذلك كنا نساعد مندوبي الإعلان في الجريدة لاستقطاب أكبر قدر ممكن من الإعلانات ومثال هذه الحملات حملة شهادات الاستثمار للبنك الأهلي (أ, ب, ح) وغيرها كثير.
أما عن تطوير الإعلان في وطني, فقد كنا في حقبة الستينيات نستخدم الحبر الشيني في رسم وكتابة الإعلان فنادرا ما كانت الإعلانات تظهر فيها عنصر الصورة الفوتوغرافية وكنا نستخدم في الصفحات الملونة الرسومات بطريقة ألوان الجواش -وبالأخص اللون الأخضر لأنه كان سمة وطني كما كان اللون الأحمر السمة التي تغلب علي الإعلانات في جريدة الأهرام…
وفي السبعينيات بدأ دخول الألوان المختلفة في عملية تصميم الإعلان كما بدأت تظهر الصورة الفوتوغرافية بشكل أكبر في عمل الإعلانات سواء كانت في شكل ديكوبيه أي الصورة الفوتوغرافية مقصوصة حول الوجه مثل إعلانات أفلام السينما أو استخدام الصورة بكاملها مثل إعلانات التأمين الخاصة بشركة أفريقيا.
* ذكرياتك مع وطني… وهل كان هناك مواقف طريفة أو غريبة؟
أغرب ما أتذكر في حياتي مع وطني أننا في إحدي المرات صممنا صفحة كروت لتهنئة الرئيس جمال عبد الناصر وفوجئنا بعد طبع الجريدة أنه يوجد شكل علي هيئة موس حلاقة يوضع علي وجه الرئيس وكان ذلك في هذه الفترة بمثابة جريمة لكنها مرت بسلام حيث تم التحقيق في القضية وبرءت زمة وطني لأننا كنا نمتلك أصل الماكيت ولم يوجد عليه أي الموس.
أما علي مستوي الزمالة في وطني فكنا نتعامل كأسرة واحدة متحابين مجتهدين متعاونين معا… أذكر إحدي زميلاتنا وكانت تعمل مندوبة إعلانات اسمها أميرة نجيب ودائما كانت تفاجئنا بمطالبتها بعمل حملات إعلانية لمنتج ما حتي تستطيع أن تحصل علي الإعلان وكانت بمداعبة ومحبة كبيرة تطلب الإعلان في أسرع وقت وبالتعاون وبالمحبة كنا ننجز أصعب الأعمال لأننا كنا نحب المكان والعمل فيه.
هل هناك فترة كان فيها رواج للإعلانات في الجريدة؟
أكثر فترة رواج للإعلانات في وطني كانت أوائل الستينيات حيث كنا فريقا كبيرا من الرسامين وكان مناخا خصبا للمنافسة الشريفة وهذه الفترة كانت حكم جمال عبد الناصر بشعبيته الكبيرة فكان عندما يسافر إلي أية دولة يكثر المعلنين متمنين له العودة بسلام لأرض الوطن وعندما يكون يعاود المعلنون نشر الإعلانات التي تهنئ بوصوله سالما… وعادت نكسة سنة 67 بتجميد الحركة الاقتصادية والتجارية في البلد وبذلك قلت الإعلانات ثم عادت تزدهر مرة أخري بعد العبور سنة .73
هل تأثر عملك بدخول الكمبيوتر في تصميم الإعلان؟
الكمبيوتر يشبه العصر الذي يوجد فيه فهو عصر سريع ويتواكب معه وأنا شخصيا لا أقنع بعمل الكمبيوتر في الفن ودائما كنت أشبهه بالورد الصناعي ومقارنته بالورد الطبيعي… ولكن فرض الكمبيوتر نفسه علي هذا العمل مع قناعتي بأن العمل الفني اليدوي له رونقه الخاص ومع ذلك العمل علي الكمبيوتر في التعديلات التي تجري في بعض الأحيان علي الرسم أسهل بكثير من الرسم اليدوي لأنه كان يتطلب إعادة التصميم بأكمله.
ماذا عن مصادر اطلاعك؟
كنت دائما اطلع علي المجلات الأجنبية وأفحص أساليب الإعلانات وكانت تعجبني لأنهم يمتلكون فكرا رائعا وفي بعض الأحيان كنت أمصر بعض الأفكار.
ولأني كنت استخدم الفن القبطي بكثرة في عمل الموتيفات وكروت المعايدة فكنت أذهب إلي الكاتدرائية بالعباسية والتقي الأستاذ الفنان راغب عياد وكان يرشدني عن مكان المراجع التي أحتاجها في مجال تخصصي وكنت أذهب بأدواتي إلي هناك وأبدأ رسم تكوينات قبطية من صور الأشكال الحجرية القبطية القديمة المعروضة هناك.
هل كنت تقبل النقد في أعمالك؟
العمل الفني قابل دائما للنقد وبمساحات كبيرة, لذلك كنت مرنا في أي اقتراح بتعديل التصميم… وأذكر أن الأستاذ أنطون سيدهم في مرات عديدة كانت له اقتراحات وتعديلات لبعض التصميمات وكنت أخذ بالفعل. ومن أكبر نقاد أعمالي أولادي وبالأخص أميرة ابنتي وأنا كنت أحب ذلك كثيرا حتي أنه في بعض أعمالي كنت أضع توقيعي باسم أبنائي (أمير وأميرة)…