فيكتور سلامة
تصوير: توفيق عادل
مصادفة أم تدبير إلهي أن تكون رحلتنا هذا الأسبوع مع الطفلة مارينا.. في الصباح كان السنكسار في القداس -10كيهك- عن القديس نيقولاوس -بابا نويل- وبعد ساعات طرقت باب وطني الطفلة مارينا قادمة من قرية صغيرة -أبو سيدهم- بمركز سمالوط.. وعلي الفور تذكرت القديس نيقولاوس حبيب الأطفال.. وتساءلت: أهي مصافة أم تدبير إلهي؟!
* * مارينا ذات السنوات السبع تحسبها لم تتجاوز الرابعة, فتبدو كملاك صغير تملؤها البراءة, ويضيف عليها الخجل لمسة حياء فتبتسم في صمت يوحي لك فعلا أنك أمام ملاك صغير.. حاولت أن أخرجها من صمتها, فأخذت أحكي لها طوال الطريق من وسط المدينة إلي مركز رعاية القلب في نهاية مصر الجديدة عن بابا نويل ونوادره حتي أخرجتها من صمتها..
* * مارينا كما عرفتها من خلال الأوراق والتقارير التي وصلتني بالبريد تعاني منذ ولادتها من حمي روماتيزمية نتيجة الالتهاب المستمر في اللوزتين وارتفاع الحرارة الذي لا ينقطع مما تسبب في ارتجاع بصمام القلب. وأوصي الأطباء الذين ناظروها بإجراء جراحة لاستبدال الصمام في غضون ستة أشهر وإلا تعرضت حياتها للخطر!!.. لكن يبدو أن بابا نويل كان أعد لها هدية عندما كشف لنا الدكتور باسم ظريف عن المفاجأة.. فما تعانيه مارينا ليس بسبب الحمي الروماتيزمية, ولكنه عيب خلقي وراثي ولدت به.. الأهم في المفاجأة أن الصغيرة لن تحتاج إلي جراحة الآن, وعليها أن تنتظر حتي تبلغ سن الثامنة عشر!!..
حدثنا الدكتور باسم ظريف بالتفاصيل.. قال: هناك ارتخاء شديد في الصمام الميترالي -كما ظهر من الموجات الصوتية علي القلب- فطبيعة صمام مارينا رغوي وهذا عيب خلقي ولدت به.. ولا طريق أمامنا في مثل هذه الحالة إلا تغيير الصمام.. لكن ليس هناك ضرورة لإجراء الجراحة واستبدال الصمام الآن, بل علي العكس من الأفضل الانتظار حتي بلوغ الثامنة عشر من عمرها ليكون البنيان الجسدي تحدد وحجم القب استقر, فضلا عن أن الصمام الجديد له عمر افتراضي وتركيبه في هذه السن المبكرة يعني بالضرورة إعادة استبداله مرة أخري خلال سنوات عمرها الممتدة.
* * الدكتور باسم ظريف استشاري القلب بمهارته قرر للصغيرة مارينا علاجا دوائيا.. وقال: هذا علاج تحفظي لا يعالج ارتخاء الصمام لكنه يحافظ علي عضلة القلب عند درجة الارتجاع المتوسطة الموجودة الآن.. وسنتابع حالة الصمام باستمرار.. المتابعة الأولي بعد ثلاثة شهور.. ثم بعد ستة شهور وهكذا.. وسنحاول بمعونة الرب أن نحافظ علي درجة الارتجاع إلي أن تبلغ سن الثامنة عشر خاصة وأن شكل الصمام -كما أظهرته الموجات الصوتية- ودرجة الارتخاء الشديد تنبئ عن احتمال ازدياد درجة الارتجاع خلال السنوات القادمة, وهنا سنضطر إلي إجراء الجراحة.. لهذا نتمني بالعلاج الدوائي التحفظي أن نصل بها إلي بر الأمان وبلوغ الثامنة عشر.
* * في رد علي سؤالنا عن حقيقة المفاجأة التي فجرها الدكتور باسم ظريف مقارنة بالتشخيصات السابقة للأطباء التي أرجعت السبب إلي الحمي الروماتيزمية.. قال: نحن نلتمس لهم العذر, فتلف الصمام يرجع إما إلي الروماتيزم أو إلي ارتخاء شديد بأنسجة الصمام, ولأن النسبة الأكبر في مصر تكون نتيجة الروماتيزم خاصة وأن المريضة تعاني من التهابات مستمرة باللوزتين وارتفاع في درجات الحرارة فقد أرجعوا السبب علي الضرر إلي الحمي الروماتيزمية.. ويزكيهم في هذا أيضا أن نسبة تلف الصمام نتيجة الارتخاء بأنسجته نسبة ضئيلة لأنه عيب خلقي وراثي نادر ويظهر في مراحل متفاوتة من العمر وبدرجات متفاوتة.
* * قلت للدكتور باسم: أهذه الحالة وراثية عن والديها؟ قال: ليس بالضرورة فهذا العيب الخلقي ولدت به, وليس بالضرورة عن الأب أو الأم, فالأسباب الوراثية قد تعود إلي أصول بعيدة في العائلة.. وهنا أدركت لماذا لما علم الدكتور باسم أن لها شقيقا -عادل- يكبرها بعام طلب أن تجري له موجات صوتية علي القلب لنطمئن علي سلامته من عوامل الوراثة.
* * لا أريد أن أسبق الأحداث.. ولا أريد أيضا أن أفقدكم الفرحة بالحديث عن جراحة القلب المفتوح التي تنتظر الصغيرة.. الأكثر أنني علي ثقة أن القديس نيقولاوس حبيب الأطفال ومدخل الفرحة إلي قلوبهم سيمد يده ويقدم هديته إلي مارينا ويمنحها الشفاء.. اطلبوا معنا شفاعته.