تبدأ الكنيسة في البيت مع الأم إذا كانت ابنة مخلصة للمسيح.وهذا التأثير فائق في طبيعته علي كل ما عداه ويكفينا ما ذكره معلمنا بولس الرسول عن الإيمان الذي سكن في تيموثاوس ,آخذا إياه من جدته لوئيس وأمه أفنيكي2تي1:5فالأم تعطي مع اللبن ,الحنان,الذي يبعث علي الأمان والثقة والإيمان بالله ومعرفة المسيح والقديسين,منذ الطفولة المبكرة فإذا ما دخل الطفل إلي سن الحضانة فهي تحكي له سير شخصيات الكتاب المقدس وقديسي الكنيسة وتقدم له ذلك بالحكايات أو بشرائط الفيديو وهي التي تذهب بأطفالها إلي مدارس الأحد,ليواظبوا عليها ويتعلموا فيها دروس الكتاب المقدس ,وتاريخ الكنيسة ,والمباديء المسيحية.
لهذا كان جميلا من قداسة البابا شنودة الثالث,أثناء زيارته لروسيا في احتفالها بدخول المسيحية إليها أن يمتدح الأمهات والجدات الروسيات لأنهن كن السبب في حفظ الإيمان المسيحي والعقيدة الكنسية في قلوب الأجيال الصاعدة رغم ضغوط الحزب الشيوعي الملحد ومحاولاته اجتثاث جذور الإيمان من القلوب والأذهان.
ونعرف عنجورباتشوف الرئيس الأخير للاتحاد السوفييتي المنحل أن أمه كانت مسيحية.وأنها كانت تعلق علي جدران بيتها,صور السيد المسيح والقديسين,وتحتفظ-من خلف نفس الصور-بصور ستالين ولينين وغيرهما ليكونا في الواجهة عند زيارة أشخاص شيوعيين لمنزلهم أما حينما يرحلون فتظهر صور السيد المسيح والقديسين.ولاشك أن هذه الروح المسيحية والكنسية كان لها أثرها في جورباتشوف الذي أطلق الحريات في الاتحاد السوفييتي,مما سمح بتفكيكه,وانهيار الشيوعية وعودة الأرثوذكسية.
+ في المرحلة الابتدائية,تربينا الكنيسة علي الحب,حب المسيح والكنيسة والقديسين والأسرة والمجتمع…
+ وفي المرحلة الإعدادية,تسلمنا الكنيسة الإيمان والقيم الجوهرية في المسيحية وأساسيات العقيدة الأرثوذكسية.
+ وفي المرحلة الثانوية تدعونا الكنيسة إلي التوبة التي فيها يستريح الضمير ويستقيم السلوك الشخصي,والجماعي,السري والعلني,مقدمة لنا التوجيهات الروحية وفرصة الاعتراف التي فيها نأخذ حلا عن خطايانا وحلا لمشاكلنا.
+ وفي المرحلة الجامعية,تساعدنا الكنيسة في فهم أسلوب التعامل مع الآخر:الجنسي والديني والمجتمعي,كما تدفعنا إلي الخدمة لنكون نافعين في الأسرة والكنيسة والوطن.
+ وعند التخرج,تشجعنا الكنيسة علي تكريس القلب وربما الحياة كلها في أساليب متعددة:زواج مقدس,شهادة أمينة في المجتمع,بتولية خادمة,رهبنة, كهنوت…إلخ.
لاشك-إذن-أن الكنيسة لها تأثيرها المهم في تكويننا في الماضي والحاضر والمستقبل أي في رحلة العمر كلها من المهد إلي اللحد فالكنيسة تعطينا عضوية الجسد المقدس جسد المسيح وتشبعنا بأسرارها المقدسة وتعاليمها المحيية وأبوتها الحانية. وهذا ما تحتاجه الكنيسة في المستقبل :النمو في الرعاية وتحديث أساليب التعليم وتقديم الكلمة المناسبة للاحتياجات المعاصرة لأجيالنا تجيب عن أسئلتهم وتخاطب ظروفهم وتتفهم ما يقابلونه من مشكلات واحتياجات ونشاطات وتيارات متنوعة مقدمة لهم الحل الشافي والإرشاد المناسب في روح الحوار لا الإملاء حتي مايحدث لهم اقتناع ذاتي بأن الحياة في المسيح هي الأفضل جدا لأرواحهم إذ تشبعها وتقدسها ولأذهانهم إذ تنيرها وتحكمها ولأنفسهم إذ تضبطها وترتقي بغرائزها وعواطفها ولأبدانهم إذ تحفظها سليمة من آفات العصر المدمرة والتي تأتي من الانحرافات المختلفة:كالتدخين والخمور والمخدرات والدنس.بل إن الكنيسة تبني أيضا شخصية اجتماعية تتفاعل مع العصر,والمستجدات,والآخرين,ناشرة ثقافة المحبة والخدمة ناهيك عن التسامح والاحتمال.
إن دور الدين في صنع مستقبل الشعوب مهم للغاية مادام يقدم بطريقة صحيحة وسليمة تدفع إلي الحب وتحترم الغير,وتنشر الخير وتشيع السلام.والنهاية-وهذا هو الأهم والأبقي-أن المسيح هو طريقنا إلي الأبدية السعيدة والخلود المجيد بعد أن يكون الرب طريقنا إلي الغفران والخلاص والتقديس ونحن نجاهد هنا في هذه الأرض.