حدد كل من المرشحيْن لانتخابات الرئاسة، جون ماكين وباراك أوباما، رؤيته بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية، وانتقد كل منهما الآخر في أول مناظرة لهما على مواقفه من الحرب في العراق، لكن لم يظهر أن أيا من المرشحين خرج من المناظرة بفوز واضح. كان المفروض أن يتركز النقاش في المناظرة التي أقيمت في جامعة مسيسيبي الجمعة 26 سبتمبر واستغرقت 90 دقيقة، على السياسة الخارجية. لكن المشاكل الاقتصادية الأخيرة في الولايات المتحدة سلطت الضوء على الاقتصاد الذي استأثرت مشاكلة بالنصيب الأكبر من النقاش. تحدث ماكين عن سنوات خبرته الطويلة في مجلس الشيوخ ووصف أوباما بأنه عديم الخبرة. وأوحى أوباما بدوره بأن ماكين لن يحقق أي تغيير، وشبّه السناتور ماكين الذي يمثل ولاية أريزونا بالرئيس بوش. قال المرشح الجمهوري ماكين “إن لي سجلا حافلا يدل على أنني مهتم بهذه القضايا الأمنية الوطنية التي تتطلب أعلى درجة من المسؤولية واتخاذ أصعب القرارات التي يمكن لأي رئيس أن يتخذها، وهي إرسال الشبان من الرجال والنساء في طريق الأذى.” المرشح الديمقراطي أوباما قال “يجب أن تكون للرئيس القادم رؤيا استراتيجية واسعة بالنسبة لكل التحديات التي نواجهها.” وأضاف أن “هذا المفهوم هو الشيء الذي أريد استعادته.” نشاط القوات العسكرية الأمريكية في العراق جاءت إحدى اللحظات الحامية في نقاش المرشحين عندما تعرضا لحرب العراق التي تعتبر من أبرز الهموم التي تشغل بال السياسة الخارجية الأمريكية. قال ماكين عندما طلب منه أن يعلق على تورط أمريكا في العراق طيلة السنوات الخمس الماضية “نحن نكسب (الحرب) في العراق وسنعود إلى الوطن بالنصر والشرف.” كرر أوباما مواقفه السابقة المعارضة للحرب وقال “نحن لم نستخدم قواتنا العسكرية بحكمة في العراق.” وأوضح ماكين أنه كان من أول مؤيدي خطة الرئيس بوش للطفرة في عدد القوات وقال “ذهبت إلى العراق في العام 2003 وعدت لأقول إن علينا أن نغير هذه الاستراتيجية. وأخيرا عثرنا على قائد عسكري عظيم ووجدنا استراتيجية صادفت النجاح.” وأضاف المرشح الجمهوري أنه حتى أوباما الذي عارض في البداية خطة الطفرة اعترف بأنها نجحت. وعلق أوباما قائلا “إن السناتور ماكين محق تماما في أن العنف قد انخفض نتيجة للتضحيات الفائقة للقوات وأفراد أسرهم، لكن ينبغي لك أن تفهم أن هذا تكتيك (أسلوب) الهدف منه تقليل الضرر الذي نجم عن سوء الإدارة في السنوات الأربع السابقة.” وأضاف السناتور الديمقراطي أن ماكين قد أخطأ في بداية الحرب عندما قال إن الحرب ستكون خاطفة وإن الأميركيين سيلاقون بالترحيب باعتبارهم محررين. أهداف السياسة الخارجية قال أوباما في تعليقه على السياسة الخارجية إنه يعتقد أن الولايات المتحدة بحاجة إلى تعاون أفضل مع حلفائها في محاربة القاعدة. وقال “إن من المهم بالنسبة لنا أن نفهم أن الصورة التي يكونها لنا العالم هي التي ستحدث فرقا من حيث قدرتنا على الحصول على التعاون واستئصال الإرهاب. وإن أحد الأمور التي سأفعلها كرئيس هي استعادة مكانة الولايات المتحدة في العالم.” وقال ماكين “إنه يعرف كيف “نتعامل مع أعدائنا وأعرف كيف نتعامل مع أصدقائنا.” ووصف ماكين الإرهاب بأنه “القضية المركزية في زماننا” والحرب في العراق هي العامل الأساسي في الحرب على الإرهاب. “فإذا فشلنا في العراق فإن ذلك سيشجع القاعدة.” واتفق المرشحان على أن إيران إذا صارت نووية ستشكل خطرا كبيرا. واقترح ماكين تشكيل عصبة من الديمقراطيات التي يمكنها أن تفرض عقوبات فعالة. وقال أوباما إنه سيشارك في اتخاذ “دبلوماسية مباشرة متشددة” مع إيران. وأعرب كل من المرشحين عن قلقه إزاء روسيا. قال أوباما “إن أسلوب تعاملنا مع روسيا يجب إعادة النظر فيه من أساسه لأن روسيا الناهضة من جديد وبأسلوب عدواني تشكل تهديدا للسلام والاستقرار في المنطقة.” وأضاف السناتور من ولاية إلينوي أن تصرف روسيا في جورجيا يستحق ردا أشد من المجتمع الدولي. وقال ماكين “نحن نريد التعاون مع روسيا. لكن لنا كل الحق في أن نتوقع من روسيا أن تتصرف وتلتزم بأسلوب يليق ببلد يحترم الحدود الدولية وقواعد السلوك الدولي.” وأضاف ماكين أن أوباما لم يدرك تماما السلوك العدواني الروسي ضد جورجيا. مستقبل البلاد الاقتصادي على الرغم من أن العنوان المخصص للمناظرة كان السياسة الخارجية والأمن الوطني، فقد سيطر الاقتصاد على النصف الأول من المناظرة. ووصف عريف المناظرة جيم ليرر “الأزمة المالية العالمية” بأنها عنصر من الأمن الوطني. والمعروف أن اضطراب أسواق المال في الولايات المتحدة قد استأثر بعناوين الصحف في العالم في حين كان الرئيس بوش والكونجرس عاكفين في العمل على إيجاد خطة إنقاذ يتم عن طريقها شراء قروض الرهونات الهالكة وسد الفجوة الحاصلة في النظام المالي الأميركي. وأعلن المرشحان العضوان في مجلس الشيوخ أنهما سيؤيدان مشروع قانون من شأنه أن يفرض إشرافا يضمن حماية أموال دافعي الضرائب الأميركيين. وتقدر تكاليف خطة الإنقاذ المالي بمبلغ 700 بليون (700 ألف مليون) دولار، وقد يكون لها تأثير على قدرة رئيس البلاد القادم على دفع نفقات البرنامج المقترح. وسئل أوباما عن ذلك فقال “إن هناك عدة أمور قد يتم تأخيرها” لكن بعض مقترحاته كتحقيق استقلال الطاقة وإصلاح نظام الرعاية الصحية الأميركي وتحسين التعليم وإصلاح البنية التحتية، أمور ضرورية. وقال ماكين إن الأزمة المالية سبب آخر يبين حاجة الولايات المتحدة إلى تخفيض الإنفاق الحكومي المسرف. وأضاف “لقد أفلتنا للحكومة الزمام لتخرج كليا عن السيطرة.” وقال إنه يملك الخبرة اللازمة كي يعيد النظر في ما تنفقه كل وكالة حكومية. وسارع وكلاء المرشحين وممثلوهما في الحملات الانتخابية إلى وصف مرشحهم بعد المناظرة بأنه الفائز. إلا أن المتخصصين في شؤون السياسة قالوا إنه لم يكن هناك منتصر واضح في المنافسة. وأظهر استطلاع أجرته شبكة سي بي إس التلفزيونية بعد المناظرة أن 39 بالمئة قالوا إن أوباما فاز وقال 24 بالمئة إن ماكين هو الفائز، وقال 37 بالمئة إن المناظرة كانت متعادلة. ومن المقرر أن تجري المناطرة التالية بين المرشحين الرئاسيين في 7 أكتوبر وستكون بأسلوب اجتماع قاعة المدينة (البلدية) حيث يشارك الجمهور في توجيه أسئلة للمرشحين يو اس جورنال