المناور جزء مهم وأساسي في تصميم أية منشأة سكنية,خدمية, أو ترفيهية والغرض منها توفير التهوية والإضاءة اللازمتين لتجديد أجواء بيئة القاطنين بالعقار,حتي أن المهندسين يطلقون عليها مناور سماوية,وبما أن العشوائية أصابتنا في كثير من نواحي الحياة فأنها طالت الأهداف المذكورة للمناور وتم استغلالها لأغراض أخري سلبية,فبدلا من كونها منفذا لتجديد الهواء أصبحت سببا لتلويثه لتحويلها إلي مقالب قمامة,فإذا طللت علي أحد المناور ستجدها مليئة بالمخلفات والأوساخ التي يقذفها السكان من أعلي,أو ستجدها وقد تحولت إلي مخازن لأصحاب العقار,مما يجلب الروائح الكريهة والحشرات الزاحفة,بالإضافة إلي إمكانية حدوث حرائق.
شاهر حبيب -مالك عمارة سكنية بوسط البلد يشكو إهمال بعض السكان فيقول: بوجه عام تقلصت ثقافة النظافة في مصر وأصيب البعض باللامبالاة في تنفيذ أدني الخطوات للمحافظة علي البيئة المحيطة بهم,فبعض السكان وأغلبهم من ربات البيوت اللاتي يقمن بإلقاء القاذورات وفضلات الأطعمة وأكياس الزبالة في المنور وبالرغم من أن الزبال يأتي كل يومين لتنظيفه إلا أنك تسمع الأكياس تتهاوي من أعلي محدثة أصواتا مدوية بعد خروجه مباشرة -الناس بتستسهل وما يثير الدهشة أنهم بعد ذلك يشكون تسلل الحشرات الزاحفة والروائح الكريهة إليهم- ويضيف شاهر: من الصعب التحكم في سلوكيات السكان لأن العقار كبير مكون من أحد عشر طابقا وكل طابق به خمس وحدات سكنية.ويؤكد شاهر أن أغلب عقارات منطقة وسط البلد مليئة بالمناور المكدسة بالقمامة والمخلفات.
فساد المحليات
جمال عبدالملاك يقول: عانيت لمدة عشرين عاما من وجود سقف صاج أعلي مخزن في المنور السماوي الذي تطل عليه شقتي والسقف بمستوي شبابيك الشقة ولم أستطع إزالته لأن صاحب المخزن كان مستأجرا للمنور من صاحب العقار وقام بمنح رشاوي للمسئولين في المحليات عدة مرات حتي يغضوا النظر عن شكواي…ولم أستطع هدم السقف رغم تقدمي بالعديد من الشكاوي الرسمية والقانونية إلا عندما حصلت علي (واسطة كبيرة).
أما ماهر عمران -جامع قمامة- فيؤكد أن أكثر من يعانون الأضرار من ##زبالة المناور## هم سكان الأدوار الأرضية والأولي لأن الرائحة تكون أقرب إليهم من الأدوار العليا ونفاذ الحشرات أسهل وأسرع.
نموذج إيجابي
من ناحية أخري قدمت ##إيزيس بولس## ربة منزل بشبرا تقيم في دور أرضي ومفتوح علي ##منور## نموذجا إيجابيا لاستغلاله بشكل جيد, حيث قامت بدهانه ووضع مجموعة كبيرة من إصصات الزرع التي تفوح منها الروائح العطرة, وقامت بالاتفاق مع جيرانها علي عدم إلقاء المخلفات,وأضافت أن الذي ساعدها علي ذلك أن العقار صغير -ثلاثة طوابق فقط- وعدد السكان محدود مما شجعها علي إقناعهم, وتدعو إيزيس الجهات المختصة للتشجيع علي زراعة المناور مثلما حدث في مجال زراعة أسطح المنازل.
ينصح عبد العزيز الجندي النائب العام الأسبق وأستاذ القانون البيئي قائلا: لابد أن يتجه كل من لديه شكوي من عدم نظافة ##المناور## إلي مكتب شئون البيئة بالحي التابع له حيث تكون لديهم سلطة تنفيذ قرارات إزالة أية مخالفة خاصة بسلامة ونظافة العقار تكون ملزمة وأكثر صرامة من جهاز شئون البيئة نفسه, ومن سلطتهم إرسال مندوب لرصد المخالفات وعمل محضر إذا لزم الأمر.
أيام زمان
أعطي نظام البناء في مرحلة الخمسينيات والستينيات اهتماما خاصا ##بالمناور## حيث كان يتم تصميم ##ماسورة## ##shute## خصيصا لإلقاء القمامة بها يتفرع منها فرع لكل وحدة سكنية ويتسني لربة المنزل إلقاء القمامة دون أن تتمزق الأكياس, وأسفل الماسورة توجد عربة لتجميعها بالإضافة إلي عربتين إضافيتين وعند امتلائها يقوم جامع القمامة بسحب العربة وتفريغها, وكان من أهم المواصفات عند تصميم المنور وجود صنبور مياه لتنظيفه كلما اتسخ. أما الآن فلا مكان لا للصنبور ولا للماسورة.
ضم المنور
وهناك اتجاه آخر لاستخدام المناور في غير أغراضها وهي الأكثر شهرة حيث يقوم سكان الأدوار الأرضية بضم المنور إلي مسطح الوحدة السكنية الخاصة بهم,وتحدثنا عن هذا الاتجاه المهندسة المعمارية سماح خليل فتقول: تنقسم المناور إلي نوعين: سكنية وهي التي تطل عليها غرف المعيشة والنوم,وخدمية والتي تطل عليها المطابخ والحمامات وتوجد بها غرف التفتيش والمصارف,وكلا النوعين لابد أن يكون الحد الأدني لطول ضلعهما ثلاثة أمتار فيما أكثر لتوفير التهوية والإضاءة الجيدة,ولكن في المساكن العشوائية تختفي هذه المواصفات القياسية وتقل مساحة المناور نظرا لعشوائية المقاولين القائمين علي البناء.
وفي حالة ملاحظة مالك العقار لضم المنور لأحد الأدوار الأرضية مما يؤثر علي المصلحة العامة للعقار,وخاصة إذا كان من المناور الخدمية أن يقوم الساكن القائم بالضم بتغطية وتبليط أماكن الصرف مما يعوق صيانتها,علي المالك التوجه بشكواه إلي جهتين أولهما الحي التابع إليه -وذلك في حال أن العقار مرخص- فيتجه إلي الجهة الإدارية المختصة ويقدم طلبا إلي مهندس المنطقة ومن ثم يعاين المخالفة وفي حال ثبوتها يقوم بتحرير محضر مخالفة وقرار بإيقاف العمل وإزالته بما أنه من المخالفات واجبة الإزالة.
أما الجهة الثانية هي اللجوء إلي القضاء وذلك في حال أن العقار غير مرخص,حيث يرفع صاحب العقار دعوي قضائية أمام المحكمة,ويقوم القاضي بندب خبير هندسي لمعاينة المخالفة وأيضا في حالة ثبوتها تصدر المحكمة قرارا بالإزالة وإلزام القائم بالمخالفة بالتعويضات,وفي كثير من الأحيان يصدر الحكم لصالح مالك العقار بإخلاء الوحدة السكنية.
في النهاية يبقي السؤال…متي تنبع مسئوليتنا تجاه البيئة من ذواتنا وليس من القانون؟